بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 كانون الأول 2020 12:02ص شروط «حزب الله» وباسيل أبلغ رد على بيان «بعبدا»

الحريري لن يتأخر في وضع كل الخيارات على الطاولة

حجم الخط
تبدو عملية تأليف الحكومة المتعثرة في سباق محموم مع التطورات الإقليمية المتسارعة التي زادت هذا الملف تعقيداً، وآخرها اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زاده، بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وقبله الوزيرين السابقين على حسن خليل ويوسف فينيانوس، ما رسم صورة متشائمة عن مستقبل الولادة الحكومية التي كانت تعاني منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، صعوبات جمة نتيجة الانقلاب لاحقاً على المبادرة الفرنسية، وعودة العهد و«حزب الله» إلى شروطهما التعجيزية التي حاصرت الرئيس الحريري، وجعلته عاجزاً عن إحداث خرق في الجدار المسدود حتى الآن. 

وبانتظار أن يقدم الرئيس المكلف تشكيلته التي أعدها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، فقد كان لافتاً البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية، والذي أكد أن تأليف الحكومة محصور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وأن لا دور لأي طرف ثالث، في وقت يعلم القاصي والداني أن تأخير ولادة الحكومة، سببه شروط «صهر» رئيس الجمهورية الذي عاد وانقلب على ما سبق وتعهد به، من أنه سيقدم كل التسهيلات للرئيس المكلف، وأن لا مطالب له أو لفريقه السياسي. وقد أظهرت الوقائع التي حصلت في الأسابيع الأخيرة، أن رئيس التيار «العوني» يصر على الاستئثار بكافة الحقائب المسيحية، وأنه يرفض أن يسمي الرئيس المكلف أياً من الوزراء المسيحيين. وتحت هذا العنوان كثرت التسريبات بأن الرئيس لن يوافق على التشكيلة التي يزمع الرئيس الحريري تقديمها له، في اللقاء المنتظر بينهما في الساعات المقبلة.

وتسأل في السياق، أوساط نيابية بارزة أنه طالما أن لا أحد يتدخل في تشكيل الحكومة، كما قال بيان رئاسة الجمهورية، فلماذا لا يبادر رئيس الجمهورية إلى ملاقاة الرئيس المكلف في منتصف الطريق، بما يمكنهما من الإسراع في تأليف الحكومة، اليوم قبل الغد، وإبعاد هذا الملف عن بازار التحاصص واقتسام المغانم؟ كما هو حاصل الآن من خلال الشروط التي وضعها رئيس «الوطني الحر»، مدعوماً من «حزب الله»، في حين تكثر التساؤلات عن موقف الرئيس عون من عملية التأليف التي باتت في وضع حرج للغاية، قد يدفع الرئيس الحريري إلى وضع كل الخيارات على الطاولة، بما فيها الاعتذار إذا وجد أن الأزمة طويلة، وأن لا خروج قريباً من النفق، طالما أن هناك من يريد أن يضع مصلحته قبل مصلحة اللبنانيين.

وتشير الأوساط النيابية، إلى أن الممارسات المتصلة بعملية التأليف، أظهرت بوضوح أن هناك أطرافاً تتدخل في الملف، من أجل تحقيق مكاسب وزارية، ضاربة عرض الحائط ما نصت عليه المبادرة الفرنسية التي تحاول باريس ضخ الدماء في شرايينها، وسط تساؤلات عن مصير مؤتمر الدعم المقرر عقده في العاصمة الفرنسية في الساعات المقبلة، بعدما أظهر المسؤولون الفرنسيون امتعاضاً كبيراً من أداء الطبقة السياسية الحاكمة، وهذا ما برز في طيات رسالة التهنئة بذكرى الاستقلال التي بعث بها الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرئيس عون. فلو كانت الأمور محصورة فقط بين الرئيس عون والحريري، كما تقول الأوساط، لكان الوضع أقل تشنجاً مما هو عليه الآن، ولكان تم التوصل إلى قواسم مشتركة بين الرجلين، تقود إلى ولادة حكومية قريبة.  

لكن هذا التعقيد الذي يواجهه مسار تشكيل الحكومة الذي يمكن القول أنه وصل إلى حائط مسدود، ويحتاج إلى ما يشبه المعجزة لإعادة إحيائه، يفرض على رئيس الجمهورية شريك الرئيس المكلف في عملية التأليف، أن يقرن القول بالفعل، ويبادر إلى إبعاد كل المعرقلين الذين يؤخرون الولادة الحكومية، بالعودة إلى جوهر المبادرة الفرنسية التي لا يزال الرئيس المكلف متمسكاً بها وحريصاً على تنفيذها، وأن يحصر التأليف بينه وبين الرئيس الحريري، على اعتبار أن عامل الوقت يضغط بقوة على الجميع، في ظل تسارع وتيرة الاستحقاقات الداهمة التي تتطلب وجود حكومة فاعلة تتولى عملية الإنقاذ التي تستوجب تضافر كل الجهود لإنجاحها.