بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2020 12:01ص صفقة القرن مشروع قديم هل يدخل حيز التنفيذ ؟

حجم الخط
لقد فات الكثيرين أن مشروع صفقة القرن مشروع قديم والدعوة اليه تعود إلى القرن السابع عشر في الشكل السياسي من دون التطرق إلى حل الدولتين أثنائها وإلى ثلاثة آلاف سنة في الشكل الديني التوراتي وإذ عدنا إلى دعوات التوراة اللامنطقية نقرأ بأن سفر التكوين 15:18 يقول، في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقاً قائلاً له لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات. 

وقد ورد في سفر التكوين أيضا 17:8 أن الرب عاد وقطع الوعد لكل من اسحاق ويعقوب كما أبرم الميثاق مع ابراهيم بطريق الختان مخاطباً أياه على النحو التالي واعطني لك ولنسلك من بعدك كل أرض كنعان ملكاً أبدياً. 

أما سفر التثنية 34:1:5 فيقول الرب لموسى بخصوص أرض الميعاد أي فلسطين بعد خروج اليهود من مصر هذه هي الأرض التي قلت لابراهيم واسحاق ويعقوب لنسلك أعطيها. 

أما في العام 1621، فقد نشر المستشار القانوني لملك انكلترا دراسة حول الاستعادة الكبرى للعالم والتي يدعو فيها إلى حملة لاسترداد امبراطورية الأمة اليهودية. 

وفي العام 1818 دعا الرئيس الأمريكي جون أدامس إلى اعادة اليهود إلى فلسطين واقامة حكومة يهودية مستقلة . 

وفي العام 1799 دعا نابليون اليهود إلى القتال معه من أجل استعادة مملكة القدس القديمة. 

وفي خطاب كتبه اسراييل رنجويل في 3 تشرين الاول 1914 يقول أن انكلترا بحاجة ماسة إلى فلسطين لحماية مصالحها. أما الصراحة فقد تجلت عندما عرض ناحوم غولدمن القضية بشكل دقيق جداً عام 1947 في خطاب القاه في مونتريال بكندا قال فيه أن الدولة الاسرائيلية سوف تتأسس لا لإعتبارات دينية بل لإعتبارات اقتصادية لأن فلسطين هي ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. 

وفي 28/6/2019 نشرت صحيفة العربية تحقيقاً عن مشروع الأقاليم التسعة وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء ويعتبر نسخة طبق الأصل عن صفقة القرن، الجزء الاول نشر في 27/6/2009 العدد 165 والجزء الثاني نشر بتاريخ 11/7/2009 العدد 167 والجزء الثالث والاخير فقد نشر في شهر 8 2009 العدد 169. 

والجامع المشترك مع صفقة القرن هو الجوهر الهادف إلى نزع الصفة السياسية والحقوقية عن فلسطين والقضية الفلسطينية وتضيف الصحيفة المذكورة آنفاً توفرت لدينا معلومات مهمة وموثوقة عن مشروع الأقاليم التسعة المنوي تشييده بين الأردن واسرائيل والضفة الغربية، ورأينا أن هذا المشروع ترتبط مندرجاته مع نظرية زبيغينيو بريجنسكي حول ما يسميه بالشرق الأوسط الجديد، إذ أن تلك النظرية خطيرة المضمون وتقول، إن الشرق الاوسط مكوّن من جماعات عرقية ودينية لذا سوف نقسمه إلى دويلات طائفية وعرقية  يجمعهما اطار اقليمي كونفيديرالي وهذا ما سيتيح للكانتون الاسرائيلي أن ينتصر في المنطقة بعد أن تتم تصفية فكرة القومية العربية، لذا فإن مشروع الاقاليم التسعة يعني تقسيم العراق والأردن كل منهما إلى ثلاثة أقاليم ويضاف اليهما كل من الضفة الغربية وقطاع غزة وأجزاء من سيناء لتتشكل من مجموعها الأقاليم التسعة الواردة في هذا المشروع واسكان الفلسطينيين وتوطينهم نهائياً في اطار هذا الاقليم الواسع. 

وبالمناسبة فإن ما يمكن قوله بأن صفقة القرن بدأ الاعداد الرسمي لها منذ 23 عاماً وهنالك جزءاً من دراسة ماجستير أعدها الصحفي أحمد الكومي وكانت بعنوان مشاريع التسوية غير الرسمية بين الفلسطينين واسرائيل 1991– 2008 وقد تناولت الدراسة أهم وثيقة وهي وثيقة عباس بيلين وتعود إلى 23 عاماً خلت ، وقد وقعها آنذاك رئيس السلطة الفلسطينية حالياً محمود عباس وعن الطرف الاسرائيلي يوسي بيلين العضو في حكومة حزب العمل. 

وعقب اغتيال اسحاق رابين بتاريخ 17/11/1995 تسلم ملف الاتفاقية خلفه شيمون بيريز وقد آثر الأخير الاحتفاظ بسرية الوثيقة التي لاقت رغم أنها لم تكن رسمية قبولاً ومعارضة بين أطراف فلسطينية واسرائيلية ومنها الرئيس الشهيد ياسر عرفات الذي تنصل من الوثيقة عندما أجاب عن رأييه في تفاهم بيلين وأبو مازن بالقول، هل تقصدون تفاهم بيلين وأبو بيلين؟ 

ويذكر أن الرئيس عرفات استشهد مسموماً بواسطة مادة البولونيوم 210. 

واليوم تعتبر الأردن من أكثر المتضررين من تلك الصفقة ، وسبق لصحيفة هآرتس الاسرائيلية قد أقرت بذلك قبل حفل اقرارها اذ قالت بتاريخ 27 كانون الثاني 2020 أنه في حال أقرت الصفقة التي ترفض حل الدولتين سيصبح الأردن مثقلاً بأزمات لا تصب بتاتاً في صالحه، كأن يتحول إلى ملجأ لملايين الفلسطينين، اضافة لسماح ترامب لصديقه نتنياهو بضم غور الأردن والاعتراف بشرعية المستوطنات، وقد تكون العواقب في حال رفض الصفقة من قبل عمان، قطع المساعدات الاقتصادية الأمريكية والدعم العسكري. 

وعلى ما يبدو فإن الموافقة الأردنية على الصفقة هي التي ستجيز له استخراج نفطه، إذ قال النائب الأردني يحيى السعود بتاريخ 15 كانون الأول 2019 بأن استخراج النفط في الأردن سيتم بعد أن تسمح أمريكا له بذلك وأن العقود ستصل للحكومة بتوقيعها في حال منحت واشنطن الضوء الاخضر لذلك ، وكلام سعود هذا أتى في معرض حديثه خلال جلسة نيابية ناقشت سبب قيام الحكومة في عام 2015 بالغاء الاتفاقية التي وقعتها الأردن مع شركة الطاقة أمونايت انترناشيونال انكربوريشين. 

ولا غبار على أن صفقة القرن ستساعد اسرائيل كما أسلفت في مقال سابق لي بالسيطرة على نفط وغاز قطاع غزة والضفة والقسم المحتل من الجولان. 

ويذكر أن الخبير النفطي عامر الشوبكي قال بتاريخ 7 كانون الثاني 2020 بأن اسرائيل تسعى للسيطرة على غاز المتوسط ويقول الشوبكي في حديثه لشبكة TRT عربي، أن اسرائيل كانت هي المحرك الرئيسي لخلق منتدى غاز البحر المتوسط الذي عقد قبل أشهر في القاهرة ويضيف بأن تل أبيب تستغل حاجة أوروبا للغاز الطبيعي على اعتبار أنه مصدر طاقة نظيف وبديل مهم عن الغاز الروسي، وتحاول تسويق نفسها من خلال المنتدى بأنها ستعمل على توريد الغاز لدول مثل فرنسا واسبانيا وقبرص وغيرها من خلال امتياز شركات الغاز العالمية وبأسعار منافسة لانقاذ الأوروبيين من الضغوطات الروسية عليهم ما يعني أن اسرائيل تسعى لأن تلعب دور هون كونغ في الشرق الاوسط . 

وفي المحصلة النهائية وفي زمن أعاد فيه العهد في لبنان عامر الفاخوري جزار معتقل الخيام إلى بيروت أعود إلى ما قاله سيادة المطران جورج خضر عن فلسطين، لا أسمح لنفسي بأن أزور الأراضي المحتلة لأن أعصابي لا تتحمل أن أسلم جواز سفري لعسكري اسرائيلي. 

وأعود إلى المطران هلاريون كبوشي الذي ضرب عسكري اسرائيلي في العام 1948 بعصاه فأفقده الوعي وهو الذي كان مسؤولاً عن نقل الاسلحة  إلى المقاومة الفلسطينية في سيارته الخاصة لأقول طالما أن كل الشعب الفلسطيني هو من أمثال خضر والكبوشي والمطران المقاوم عطالله حنا فصفقة القرن هذه مصيرها آيل إلى الغرق في مستنقع الرمال المتحركة للمقاومة الفلسطينية والاندثار برصاصات المقاومين وسكاكين المراهقين وأحجار الأطفال، حييت يا طفل الحجارة، رحم الله وديع الصافي على أغنيته العظيمة تلك