بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الأول 2022 08:05ص طبّقوا الدستور وإلّا القضاء بإنتظاركم

حجم الخط
أصحاب السعادة نوّاب الأمّة، لا يمكن للنصوص القانونية أن تُهمل وأنْ يُعتمد تحريفها بوقائعها القانونية والدستورية مهما أوتيتْ أعذاركم من صفات غير مقبولة وغير مفهومة. ذلك أنّ النصوص الدستورية والقانونية متناهية ومُجرّدة من كل عيب، أما الأحداث التي تختلقونها فإنها غير متناهية وإذا كانتْ صفتا العمومية والتجريد تلازمان نصوص التشريع وليس العكس لأنّ النص القانوني الدستوري جاء بمرونة المُشرِّعْ الذي يجعل لكل الأحداث المستقبلية أمراً تشريعياً لا يجب إهماله.
أصحاب السعادة نوّاب الأمّة، أكيد تعلمون جميعكم أو البعض منكم أنّ القضاء يستند في الأنظمة القانونية الغربية في أحكامه بشكل أساسي إلى النصوص التشريعية ويفترض أنْ يقتصر دوره على مجرى تطبيق النصوص القانونية وبالتالي فإنّ دور المحاكم في هذه الأنظمة دور رقابي وإشرافي وتصحيحي يكمن في التأكد من سيادة القانون من خلال حسنْ تطبيق النصوص الدستورية في مجال العمل السياسي السليم.
أصحاب السعادة نوّاب الأمّة، كنتُ في إحدى المناسبات مدعواً لمناقشة موضوع دستوري يتناول أوضاعنا في لبنان وتحديداً موضوع الإستحقاق الرئاسي وخلص أحد الفقهاء المعنيين في موضوع الإستحقاق سينتهي تماماً اجتهاد السّادة النوّاب في إختيار الرئيس العتيد وسيكون النائب مُلزماً ومعنياً بتطبيق النص القانوني على الوقائع ممّا يعني التقليل من الإجتهادات التي تطلقونها من حين إلى آخر وعليكم الإلتزام بالنص وفي حالة وجود النص النظامي.
أصحاب السعادة نوّاب الأمة، إستناداً لأحكام النصوص القانونية الدستورية وهذا أمر يُحقِّقْ مقتضيات العدالة حُسْن سير العمل السياسي بإعتبار مرونته وطريقته العملية وسهولة تطبيقه أكثر من الاجتهادات التي تطلقونها وهذا أمر يعتريه خطأ فادح قانونياً ودستورياً، وقد شهدنا في السابق بأنّ بعض القضايا المُشابهة وتحديداً الإستحقاق الرئاسي في السنوات السابقة تمّ الفصل فيه بطرق ملتوية ومتناقضة من مندرجات القانون الدستوري، وكل ذلك مبني على إجتهادات باطلة تكررونها غداة كل إستحقاق.
أصحاب السعادة نوّاب الأمّة، عملياً يقتصر عمل النائب على تطبيق نصوص الدستور والقوانين المرعية الإجراء وعلى الوقائع التي تُعرض عليه ويلتزم في سبيل ذلك بتحديد القاعدة القانونية واجبة التطبيق وإسقاطها على الأمر المعروض تطبيقه، ولكن مرحلياً الواقع العملي يختلف كثيراً عن القانون المعمول به فعلى الرغم ممّا تنص عليه المواد الدستورية ذات الرقم 49 - 73 - 74 - 75، إلاّ أنّ نوّاب الأمّة يجتهدون في خلق البدع الدستورية اللاقانونية ممّا يتعيّن عليهم تبعات غير دستورية وقانونية من شأنها إحالتهم إلى القضاء المختص ليُبنى على الشيء مقتضاه.
أصحاب السعادة نوّاب الأمّة، هل تعلمون أو يعلم البعض منكم بإعتبار أنّ أغلبيتكم لا يُدركون الوقائع القانونية أو لا يتجرأون على مقاربة أي موضوع قانوني مُلزم دونما الرجوع إلى المسؤول عنه، أنّ الدساتير تعتبر وبإجماع كل الفقهاء هي الأسمى في أي دولة حيث يُفترض أن تكون جميع النصوص القانونية والقواعد التطبيقية مُلزمة وهي فعلياً وعملياً التي تُنظِّم عمل الدولة بكل مؤسساتها الدستورية وإداراتها العامة مطابقة وملائمة لدستور الدولة. وهنا أسمح لنفسي طرح سؤال جوهري عليكم أنتم الذين تقرأون الدستور «غبّ الطلب»، من الذي أعطاكم سلطة الوصاية على التطاول وإهمال الدستور وابتداع بدع دستورية غير قابلة للتنفيذ والتطبيق؟! كفى تنظير قانوني وكفى الإصرار على العبث بدستورنا، وكفى الرهان على وقائع غير منطقية، وكفى المراهنة على الإستنسابية التطبيقية...
إصحاب السعادة نوّاب الأمّة، نظراً لدقة الأمر وحراجة الأوضاع العامة في البلاد ندعوكم وبصيغتي الحرص على دستورنا وقوانينا والأمر أنّ تعودوا إلى النصوص القانونية وفقاً للقواعد العامة في التفسير وهو ما تُشير إليه المواد المذكورة أعلاه، وإلّا سيأتي اليوم الذي ستُحالون فيه أمام المحاكم المختصة، وما عليكم سوى تطبيق الدستور وإلّا القضاء بإنتظاركم.

* سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، المودّة