بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 تشرين الأول 2019 06:20ص عبد الناصر القائد الذي لن يغيب

حجم الخط
في يوم غياب الزعيم جمال عبد الناصر لا بد أن نضع الأمة العربية في بعض توجهاته الفكرية لاستنهاضها، خاصة وهو الذي اعتبر العمل الثوري الصادق بأنه لا يمكن أن يكون بغير سمتين أساسيتين: شعبيته وتقدميته، وان الديمقراطية هي توكيد لسيادة الشعب ووضع السلطة كلها في يده، وان دعم السلام يؤدّي حتماً الى حرية الوطن والمواطن، والحوافز الروحية والمعنوية عنده هي وحدها القادرة على منح تقدم أنبل المثل العليا وأشرف الغايات والمقاصد، وهو القائل «ان شعبنا قد عقد العزم على أن يعيد صنع الحياة على أرضه بالحرية والحق وبالكفاية والعدل، والمحبة والسلام، وان شعبنا بإيمانه بالله وإيمانه بنفسه يمكنه من فرض إرادته على الحياة ليصوغها من جديد وفق آمانيه».

وعليه فإنه ينبغي علينا أن نعود الى وثائق ناصر ندرسها في كل مكان من الأمة العربية لنبني جيل التغيير الذي أسس له عبد الناصر حتى الرمق الأخير.

وعلينا أيضاً أن نشير ان سنوات الثورة الأولى قد ركزت على البُعد الوطني الداخلي في مواجهة الاقطاع ونفوذه السياسي، وإعلان الجمهورية عام 1953، وإجلاء القوات البريطانية المحتلة عن مصر عام 1956، وعبّرت عن توجهها العروبي بدعم حركة التحرير الجزائري حتى نيل الجزائر استقلالها العام 1962 ودعم الجنوب اليمني حتى تحرره من الاستعمار البريطاني عام 1967، والوقوف ضد حلف بغداد الاستعماري العام 1955 وحتى نجاح الثورة العراقية العام 1958، والوقوف ايضاً ضد مشروع ايزنهاور في عام 1957 والمشاريع الاستعمارية المتعددة، كما بناء الجيش المصري بعد النكسة وإعلان حرب الاستنزاف. هذا بالإضافة الى رفعه للواء القومية العربية كشعار سياسي وتحويله الى أداة تحريك مهمة للأهداف التي تعمّقت في مسار ثورة يوليو.

وعلينا أيضاً وأيضاً أن نلبّي دعوته الى اتحاد الحركات الشعبية الوطنية التقدمية من المحيط الى الخليج ليكون ذلك دفعاً أساسياً وقوة للخلاص من كل ما تركته السنون بعد وفاته من تراجع وانهزام وتفكك في البنية القومية روحاً وعملاً الناتجة كلها من فعل الدوائر الاستعمارية بفكرها الحديث وخضوعها للصهيونية العالمية بمخططها الذي وضعته منذ عام 1897 في مؤتمر بال – السويسرية وأكدته في مؤتمر عام 1905 في مدينة بال أيضاً الذي صرح بعد انتهائه الصهيوني هرتزل ان إسرائيل ستقوم في فلسطين في مدة لا تتجاوز الـــــ 50 عاماً وهذا ما حصل وطبعاً يتعاون الرجعية العربية التي همّها الوحيد المال والكرسي.

المهم المبادرة اليوم قبل الغد يقتضي أن تصدر وفوراً من المؤتمر القومي العربي، ومؤتمر الأحزاب العربية، ومؤتمر الأحزاب الإسلامية، لوضع الخطط والبرامج التنفيذية لكل ما تركه عبد الناصر من تراث فكري وما قدّمته المؤتمرات الشعبية اللاحقة بالخصوص، وليكن المشروع النهضوي العربي الصادر عن مركز الدراسات الوحدة العربية في 22 شباط 2010 المرجع والأساس في وضع البرامج التنفيذية وآليات تطبيقها للنهوض حيث ان التوجهات الفكرية واضحة وضوح الشمس.

كفّوا عن التنظير فأصبح لدينا أطنان الأوراق منها، وأعداؤنا ينفذون ما وضعوه منذ عشرات السنين ونحن ما زلنا في طور المناقشة التي أصبحت دون جدوى.

هل سنشهد مؤتمرات تبحث الشأن التنفيذي لكل طموحاتنا على مستوى الأمة العربية وعلى المستويات الوطنية؟؟ أم ننتظر ظهور عبد الناصر آخر لقيادتنا فكرياً وتنظيمياً وتنفيذياً!!!! هذا أمر تخطّته الدول بتنظيم نضالها حزبياً كبديل عن انتظار المنقذ.

عبد الناصر ستبقى حيّاً في ذاكرتنا، وسنبقى ملتزمين بالقواعد القومية التي وضعتها، ونعاهدك بوضع البرامج التنفيذية لتوجهات الأمة الفكرية، حيث ما زال النبض القومي العروبي فاعلاً في عروق شعبنا العربي لتحرير الوطن من رجس الاحتلال الصهيوني، هذا الشعب العربي الذي سيتابع نضاله بقوة مع اللاءات الثلاث التي أطلقتها:

«لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض» وبإيمان ثابت بأن «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، 

وسننتصر بالنضال الدائم للقضاء على الجهل والبطالة والفساد ولتأخذ الأمة العربية دورها الفاعل بين الأمم.


* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب.