بكل أسى... المحامي الحاج عزّت حرب في ذمّة الله وحفظه.
رحل المناضل العروبي اللبناني البيروتي المقاصدي، القيادي في حركة القوميين العرب وفي الحركة الوطنية اللبنانية، أمين عام المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، ومدير عام الأوقاف الإسلاميّة، عضو مجلس أمناء جمعية المقاصد الخيريّة الإسلامية في بيروت، ورئيس جمعية متخرّجي المقاصد، وعضو النادي الثقافي العربي وغيرها من الجمعيات والهيئات، بعد أن خاض غمار مرحلة تاريخية مفصليّة من عمر لبنان والوطن العربي.
غاب عنّا صاحب الأيادي البيضاء والتاريخ المجيد المُشرِّف الحافل بالأعمال والمواقف الوطنية والعربية والإسلاميّة المُحقّة والصلبة.
كان ركناً فاعلاً من أركان الحركة السياسية، وحجر أمان من التهوّر والانجراف في المجهول.
كما وضع أسس الإدارة الرشيدة والقوننة في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى من موقعه كأمين عام للمجلس، وأعاد هيكلة وتنظيم وتحديث الإدارة العامّة للأوقاف الإسلامية بصفته مديراً عاماً لها.
اشتهر بحُسن خُلقه ونُبله وحلمه وتواضعه ودماثته، وعُرف بنقائه وصفائه ونظافة كفّه ونصاعة سيرته، وصدقُ أقواله وأفعاله.
آثر اعتكاف العمل العام والسياسي عندما استشعر أن الفساد بدأ ينخر جسد الحركة الوطنية والشأن العام، رغم المغريات العديدة التي أغدقت عليه، ومنها منصب رئاسة الوزراء.
مرّات عديدة ألحّ عليه أصدقاؤه أن يكتب مذكراته عن تلك الحقبة من تاريخ لبنان، ولكنه رفض في كل مرّة حرصاً منه على الحفاظ على كرامات الناس، وحمايةً لأسرار الأمة والوطن، ومنعاً لاستغلال المعلومات بما قد يتسبب في التفرقة والشِقاق ونكأ الجروح وشقّ الصفوف.
كان همّه دائماً مراعاة خاطر الناس وتخفيف العبء عنهم، ووصل به الأمر أنه تمنّى إذا وافته المنيّة، التعجيل بدفنه ومن ثمّ نشر النعي، كي لا يُربك الناس ويُلزم من لديهم ارتباطات تحت ضغط القيام بالواجب المشاركة في صلاة الجنازة بوقتها المحدود، متيحاً للمعزّين حرّية القيام بواجب العزاء في الوقت الذي يُناسبهم!
هذا الرجل «الآدمي» الذي أمسك بالمفاصل الماليّة في جميع المواقع التي تبوأها، لاقى ربّه وهو لا يملك شيئاً يُذكر من متاع الدنيا.
رحمك الله يا ابن عمتي وأثابك الجنّة، مطمئناً أنك في كنف لطف المولى ورعايته، أيها الرجل النبيل والقامة البيروتية واللبنانية والعربية الشامخة، يا من عشتَ كبيراً نقيّاً، وغادرتَ الدنيا الفانية أكبر وأنقى.