بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 شباط 2023 12:00ص عصفورية القضاء في لبنان

حجم الخط
لعلّ ما أبهر اللبنانيين عامةً وذوي الضحايا خاصةً هــو الجنون القضائي المستفحــل في لبنان وتعاطي قسم من هذا القضاء مع واقعة جريمة تفجير مرفأ بيروت من زاوية كيدية إستنسابية ما جعل كلمة الجنون التي تلبس هذا الهرج والمرج القضائي ذات مدلول همجي يرغمنا نحن اللبنانيين منتشرين ومقيمين على نقد هذا التصرف الأرعن ممّا ألغى هيبة القضاء الذي أهمل القوانين التي هي بألأساس محدّدة في القوانين اللبنانية والقوانين الدولية، وما يحصل على المستوى الهمج القضائي لا يتناسب مع واقع جريمة مرفأ بيروت ولم يلتزم بقضية الشهداء وذويهم والجرحى والخراب الذي حصل...
تواصلت مع دكتور في «علم النفس العيادي» وهي مقيمة حالياً في دولة الكويت حيث وصّفت الظاهرة النفسانية لبعض القضاة أنه يُفقدهم صوابهم من كثر التعليقات والتعليقات ومنها إستغلال بعضهم لما صدر ويصدر عن القاضي «طارق البيطار» ليوّجهوا إليه الإتهامات جِزافاً ولكل من يُخالفهم الرأي مع إستمرار تصريحات من قبل جماعة متورطة قانونياً في جريمة مرفأ بيروت من هذه البيئة السياسية - الأمنية - القضائية متوّترة تخاف من الحقيقة وتُجابه الحق بالسطوة والكذب والتزوير.
قرأتُ كتاباً عن المفكر أرسطو حيث يُشير بما حرفيته «للسياسة يوجد منهجان ممكنان، إمّا أن يصدر المرء عن المبادئ العقلية ليحكم على الحوادث وينظمها، وإمّا أن يصدر عن الحوادث المفسرة تفسيراً مناسباً ليضع منها مبادئ فهنا الطابع الإنساني ملحوظ مباشرة». المؤسف أنّ قضائنا اللبناني أو إذا جاز التعبير «بعض القضاء» تسيطر عليه ظروف غريبة لا ينطبق عليها لا منهج المفكر أرسطو ولا القوانين المحلية والدولية المرعية الإجراء... كيف سيكون هذا القضاء حكماً وهو يرقص على جراح الضحايا وذويهم؟! نعم هناك تساؤلات كثيرة ولكن إجاباتها تبقى غامضة من حيث المنطق وفي كثير من الأحيان محيِّرة حيث لا يجوز التستّر عن هذه التصرفات وهنا أوجه كلامي لصاحب الغبطة الذي يُطلق دائماً عظات وبيانات تُطالب بالعدالة، ولكن عن أي عدالة تتكلم يا صاحب الغبطة، هل عن العدالة المبتورة بالله عليك أين هم النوّاب المسيحيّون ومن مختلف المذاهب لماذا لا تسألهم عن «الجنون في القضاء» ماذا تنتظر بعد كفى أخشى ما أخشاه... طفح الكيل، كفى عظات فارغة شهداء لوثوا دمائهم بالعار القضائي وأنتم ساكتون أمام هول الجريمة إستقبلتم ذوي الضحايا وهدّدتم بإطلاق سراح «المناضل وليم نون» أطلقوه وكان ردّهم ما حصل في 25 كانون الثاني 2023 أي كف يد القاضي طارق البيطار...
لقد ثبُتَ للعيان ولنا نحن المنتشرين ولكل من راجعناهم في عالم الإنتشار أنّ كل العالم عجــــز عن إستئصال هذا العار في السياسة والقضاء والأمن والمال والإقتصاد لدى الساسة في لبنان ولدى بعض الإكليروس الذي يستقبل متهمين ويسمع لهم ويُطيِّبْ لهم ويُثني على أفعالهم الجرمية... من الصعب بتر هذا الجنون من أعماق ساسة لبنان وبعض قضائه، فهما يعانيان من غياب شيء من العقل، وهذا ما يُراهن عليه هؤلاء حيث يعتبرون أنّ تسييس القضاء أداة قمع متحررة من القانون... وإسمحوا لي القول «ما في حدا بيقدر يحارب طواحين الهوا بالصراخ والتعالي...» الوضع يلزمه الجدية في التخطيط وبتر يد هؤلاء المجانين فاقدي العقول والسمعة والضمير.
نرفض أن يتحوّل القضاء في لبنان إلى «عصفورية»، وتحويل الشهداء إلى سلع وإلى قضية مستهلكة خاضعة للإبتزاز وللعنف الرمزي... ولعل الشرفاء هم وحدهم من سيحمون الضحايا وذوي الشهداء والمتضررين من جريمة العصر من الجنون القضائي، لأنهم مناضلين تشيد روح العظمة في الإنسانية من خلال تربيتهم في فضاء الحق والعقلانية في مقاربة الأمور بمناهج العلوم القانونية، وليس بالخطابة والعظات الفارغة من أي مضمون والسفطسة...
لي الحق أنْ أسأل الجميع بمن فيهم الساسة النوّاب الوزراء البطاركة المطارنة ما هي مواقفكم من هذا «القضاء المجنون» وما هي علاقتكم به؟ يستحيل أيّها السّادة بقاء «الجنون القضائي» سيّد الموقف، وإعلموا أنّ هذا الهدم القضائي الممنهج سيؤدي إلى إنهيار الدولة بكاملها... هل ستغيّرون النهج، أم ستبقون شهود على المؤامرة والساكت شيطان.