غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكُلّي الطوبى، سيادة المطران أنطوان بو نجم السّامي الإحترام، بناء على العديد من الاتصالات التي وردتني هنا في الغربة مستفسرةً عن اجتماع 5 نيسان المنوي إنعقاده في بيت عنيا قرب مزار سيدة لبنان يُفترض في الأمر أنْ يكون هذا الاجتماع وجــد نفسه من حيث المبدأ مُحاطاً بالمفكّرين السياسيين والاقتصاديين والماليين والأمنيين والإجتماعيين، وما عليه إلّا أنْ يجِــد حلولاً للأزمة اللبنانية بكافة تشعباتها وينتصر على الشر الكامن في وجوه من دعوتموهم إلى هذا اللقاء في مركز ديني عفيف تُديره رهبنة المُرسلين اللبنانيين التي تربطني بها علاقة وطيدة.
غبطة البطريرك، سيادة المطران، شرط أساسي لنجاح هذا اللقاء ولتحقيق خرق في الأزمة الوجودية والتحوّل من عالم المناكفات والتنظير والتقاتل الأخوي - الأخوي إلى عالم الفعل الذي نرجوه قولاً وفعلاً لن يحصل وهؤلاء لن يتعرّفوا ولن يُبدعــوا مشروعاً وطنياً إلّا بوصفه مشروعاً مُلحقاً بالمحاور بغض النظر عن مشاركتكما ورعايتكما لهم.
الإنتصار وإحتواء هؤلاء المدعوين مسلوبي الإرادة والمرتهنين لمشروع خارجي غير ممكن عدا إحتوائهم لعقول مضادة للحرية ولصيغة العيش المشترك وللأخوّة الصادقة وللخير العام والإنجازات العظيمة وهذا ما يُقلِقُنا كثيراً، وما يجعلُنا نخاف من هذا اللقاء. قرأتُ كتاباً للكاتب Alain Deneault، ويحمل عنواناً «نظام التفاهة La mediocratie» والصادر في العام 2015، وهذا الكتاب يتكلّم عن نُظُمْ سياسية تُديرها العصابات السياسية كالتي دعيتموها ووصّفها كالآتي « سياسة رديئة وفشل...».
غبطة البطريرك، سيادة المطران، نعم إنكم دعوتم مرجعيات تتصف بسطوة المبالاة والتسطيح الفكري وأخفقتكم في دعوة مفكرين أصحاب فكر صائب وتفكير عميق إزاء الأحداث التي تعتري جميع مناحي الحياة السياسية في لبنان وأكبر مثال على ذلك طريقة التعاطي السياسي والتي تحتشد أنحاؤها بكل سلبيّة وكل رديء وكل ما هو فاشل، جماعة سياسية موصوفة في الإمعان في قبول الرداءة والإنسحاب والتقهقر أمام المغريات.
إنّ التماهي مع هؤلاء هو أشبه بإحتلال مقعد مريح في مجالس للتفاهة، خصوصاً عندما تكونون أمام ممثلين عن نظام سياسي واجتماعي يحمل كامل ملامح الرداءة ومكوّنات الإنحطاط، وذلك نسبةً إلى أحد الدكاترة في علم السياسة والذي ما زال في الخدمة الفعلية التعليمية عندما راجعته بأمر الاجتماع وقد أفادني وبالتحديد «دعوا جماعة سياسية خالية من كل ملمح إيجابي، إنه الفشل في أنصع صوره، ولماذا هذه الدعوة وما الغاية منها، هل ستحل مشكلة الإستحقاق الرئاسي وعلى أيّة أُسُس؟ وما هو برنامج بكركي المستقبلي بعدما وصلت الأمور إلى القعــر؟».
نعم إنّ المشاركة السياسية هي أساس أي عمل ديمقراطي وهي تعبير عن مبدأ سيادة الشعب وتقضي المشاركة السياسية وجود مجموعة سياسية فكرية من الاختصاصيين الذين يتوافر لديهم شعور الإنتماء المسيحي والوطني والاهتمام بالشأن العام، والمشاركة يا صاحب الغبطة وسيادة المطران هي أرقى تعبير عن المواطنة التي تمثل جملة من النشاطات الفكرية، ولمّا كانت خلوتكم تهدف إلى خرق جدار هذه الأزمة، ولما كان المفكرين مستثنين من الدعوة - وأذكركم أنه للمرة الثانية في الاجتماعات المصيرية يُستثنى المفكرون - في إطار ما يُعرف بـ«التفرُّد» في الرأي من قبل المدعوين وهذا تصرف يُشبه الأنظمة الشمولية أو ما يُعرف أيضاً بسيادة المفاهيم المتوارثة والمتحجرة على مفاهيم الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار... لتلك الأسباب نخشى ما نخشاه.
فعلياً وصُدقاً وبُعداً عن كل غاية إنني أنعي مسعاكم وأقول صراحة وبعد خبرة متواضعة خلوتكم هي بمثابة فشل المساعي التي تعمل على خط التخلُّص من الأزمة وتعذر إنتخاب رئيس للجمهورية على خلفية الكباش السياسي القائم وعدم توّصل المدعوين إلى قواسم مشتركة تسمح بإنتخاب رئيس، لأنهي: من هي الجهة التي تريد توريطكم بالفشل على هامش 5 نيسان المقبل، والله يشهد أني بلّغتُكم. عبدكم جيلبير المجبر.