تعليقاً على مقال لي، وصلتني رسالة من صديق عزيز هو كاتب ومحلل سياسي بارز، أجبرته الظروف على الاغتراب منذ فترة طويلة، يقول فيها:
أضن عليك يا استاذ عبد الفتاح استخدامك كلمات مثل «سُنّة» و«شيعة» و«موارنة» وما شابه.
هذا ما يريدون أن يسمعوه من غالبية الناس، ليبقى النظام اللبناني طائفياً إقطاعياً، فكيف إذا سمعوه من كاتب واع مثقف مثلك؟
صدقني، لا توجد خصوصيات طائفية في لبنان. هي خصوصيات ناس مسحوقين مغلوب على أمرهم، تحكمهم عصابات ترتدي العباءات المذهبية لتنال رضى ودعم رجال الدين ... علينا أن لا ننجر إلى لعبتهم!
رددت على تعليقه الهام بالتالي:
هذه التعابير تشابكت مع القوميات والاتنيات والديمغرافيات والجماعات والمناطق ولم تعد بحت طائفية ومذهبية.
عاد الصديق العزيز وقال:
أفهم ما تقول، لكن هذا ما تريده إسرائيل وأعداء لبنان والعرب، ليسهل عليهم التسلل إلى بلادنا والعبث بمصائرها.
وبدوري رددت بالتالي:
إلى حين يتغيّر الدستور والقوانين والأعراف والتقاليد، لا أستطيع ولا يُمكنني أن أدعو الآخرين إلى أن يكونوا «مواطنين» فحسب! على الأقل من باب المساواة والعدالة والحقوق.
ما يُعرف بـ«السُنّة» قدّموا تضحيات أكثر من غيرهم لصالح «الوطن» تحت مفهوم أنهم «أمة وليس طائفة» وتعبير «أم الصبي».
ما ورد أعلاه من حوار يعكس المعضلة المريرة لمن هم مثلي يأملون ويسعون إلى وطن العدالة والمساواة والفرص المتكافئة وأفضلية الكفاءة، وفي الوقت ذاته يرزحون تحت وطأة نظام المحاصصة والتصنيف المذهبي، ويعانون بسببه من حالة الشعور بالغبن والإحباط، وهي حالة تتفشى مداورة لدى المذاهب وتُفجّر البلد كل فترة من الزمن.
ما هو الحلّ لهذه المعضلة المُزمنة، وكيف يُطبّق، ومتى؟!