بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 نيسان 2020 12:02ص عود على بدء... كيف تُسلب تحويلات المغتربين

حجم الخط
استقطبت المصارف اللبنانية، طوال سنوات، أموال المغتربين وذويهم في لبنان عبر إغراءات شتّى. ثم وضعوا اليد عليها، وافسحوا المجال لتحريرها مشروطاً بأن تُدفع بالليرة اللبنانية بسعر وسطي 1507.5 ليرات، فيما كان سعر الدولار يرتفع تدريجياً وبسرعة البرق في السوق.

أدّى ذلك إلى أن يتفادى المغتربون التحويل عبر المصارف، ولجأوا إلى شركات تحويل الأموال، فأصدر حاكم مصرف لبنان التعميم رقم 514 بتاريخ 14-11-2019، والذي قضى بإلزام المؤسسات غير المصرفية التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الإلكترونية «تسديد قيمة التحاويل النقدية الإلكترونية الواردة إليها من الخارج بالليرة اللبنانية حصراً»، وفقاً لسعر مصرف لبنان.

حينئذ، توقف المغتربون عن التحويل عبر شركات تحويل الأموال وعمدوا إلى إرسال الأموال إلى ذويهم مع أصدقائهم من الجالية الذين يسافرون إلى لبنان.

أصدر حاكم مصرف لبنان قراره الثاني رقم 13164 بتاريخ 30-12-2019 وطلب من «المؤسسات غير المصرفية كافة التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الالكترونية ان تسدد قيمة أي تحويل نقدي الكتروني وارد اليها من الخارج بذات عملة التحويل».

لكن بعد إقفال المطار، وفي خضمّ أزمة مالية ونقدية خانقة وإقفال شبه تام للبلد بسبب وباء «كورونا»، وتوقف المصارف عن استقبال المودعين بالشكل المعهود والاكتفاء باستقبال المتعاملين على موعد مُسبق، عاد حاكم مصرف لبنان وأصدر قراراً ثالثاً رقم 13220 تاريخ 16-4-2020 ينصّ ان «على المؤسسات غير المصرفية كافة التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الالكترونية ان تسدد قيمة أي تحويل نقدي الكتروني بالعملات الأجنبية وارد اليها من الخارج بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق، وان تبيع من الوحدة الخاصة المُنشأة في مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان العملات النقدية الأجنبية الناتجة عن العمليات المسار اليها أعلاه».

وهكذا سيتم تسديد تحويلات المغتربين بسعر السوق الذي يحدّده مصرف لبنان بشكل استنسابي وغير واضح في مديرية العمليات النقدية التي أنشأها بالقرار رقم 13216 بتاريخ 3-4-2020، والتي لم تُستكمل وتتضح آليتها بعد!

ماذا يعني ذلك؟

على سبيل المثال لا التحديد، لنفترض ان شخصاً ما في الخارج أرسل إلى أسرته في لبنان مبلغ ألف دولار، فيتم تسليم الأسرة مبلغ مليونان وستمائة ألف ليرة لبنانية (سعر الصّرف المُسَعّر من قبل المصارف لصغار المودعين ومؤسسات التحويل غير المصرفية 2600 ليرة لبنانية)، وتذهب الألف دولار إلى مصرف لبنان. 

يقوم مصرف لبنان ببيع الألف دولار إلى التاجر (الذي يستورد المنتجات من الخارج) بسعر السوق في حينه (مثلاً 3100 ليرة لبنانية للدولار)، أي بمبلغ ثلاثة ملايين ومائة ألف ليرة لبنانية.

عندما تقوم الأسرة بشراء حاجاتها فإن التاجر يبيعها على أساس سعر الصرف 3100 ليرة لبنانية، وبهذا يسترد سعر الصرف، ويضيف إليها أرباحه. 

وتكون الأسرة ساهمت (في هذا المثال) بخمسمائة ليرة عن كل دولار، أي 500 ألف ليرة عن الألف دولار، لصالح مصرف لبنان!! وبهذا نشهد اليوم توطئة لـ«هندسة مالية» جديدة تقع وطأتها بالكامل على كاهل المواطن الغلبان!!!

بأي حقّ يتمّ المسّ بتحويلات المغتربين، وسلب ذويهم مدخولهم الوحيد والحدّ الأدنى من الأمان؟! 

* كاتب وباحث.