بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 أيلول 2020 12:01ص غطاء خارجي يَكسر حردان.. واتصالات بين «القومي» والمُعارضة

حجم الخط
لا تزال أصداء ضرب نفوذ من كان يعرف بالرجل القوي في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» النائب أسعد حردان، تتوالى في أرجاء الحزب وخارجه بعد خرق حققه الاخير جاء بطعم الهزيمة في الإنتخابات الأخيرة للمجلس الأعلى في الحزب الذي شهد 14 عضوا جديداً.

من يعود الى تاريخ الصراعات في الحزب منذ سنوات طويلة، يدرك أهمية هذا التحول الذي حصل وسط مرحلة دقيقة حبلى بالمفاجآت في لبنان كما في الإقليم. 

على أن سقوط مركز الرجل في الحزب، أو لنقل تراجعه الدراماتيكي، لا يمكن ربطه باللحظة الراهنة. ذلك أن الصراع ضد الرجل من قبل معارضيه وهم كانوا ماضيا نواة الفئة التي إصطدمت بحزبه تحت عنوان «القومي – المجلس الأعلى» وأبرزهم القيادي التاريخي الراحل إنعام رعد، في مواجهة من انضووا تحت لوائه في إطار «القومي - الطوارىء»، يعود الى مرحلة انقسام مريرة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي قبل ان تتمظهر رسميا بعدها.

وبعد سنوات من توحيد الحزب العام في العام 1998 التي رسم الضابط السوري في لبنان إطارها، عادت الانقسامات الى الظهور وشكل قياديون راحلون مثل محمود عبد الخالق وجبران عريجي، واليوم مثل أنطون خليل وتوفيق مهنا وغيرهم، أركان معارضة في الحزب أدت دورها في تراجع حردان خطوة خطوة كانت بداياته قبل سنوات أربع، في منع حردان من التمديد لنفسه في رئاسة الحزب وإن اتخذ الامر صفة دستورية في الحزب تحت عنوات قرار من محكمة الحزب. 

مهدت تلك المعارضة الطريق لانقلاب أبيض من أهل البيت على حردان في انتخابات المجلس الاعلى الاخيرة بعد نجاحه الهزيل وحصوله على عدد ضئيل من الاصوات وحلوله متأخرا في ترتيب الناجحين في المجلس الاعلى الذي ينتخب الرئيس المقبل للحزب وله رأي في أعضاء القيادة أي مجلس العمد.

العابرون للحدود.. وحلّ المحكمة

ولعل هذه العوامل مهدت لقرار أكبر في تولية قيادات جديدة في الحزب عبر تلك الانتخابات التي شارك فيها كثيرون قدموا من ما وراء الحدود السورية، إصطفوا بغالبيتهم الساحقة ضد حردان ما يفسره متابعون بأنه غطاء خارجي للعملية الانتخابية مع تردد أخبار عن تسهيلات أقيمت لهؤلاء القادمين ليس من سوريا فقط بل من العراق أيضاً..

وبذلك، صعدت أسماء لتصبح أركان بارزة في الحزب مثل زياد معلوف وحسان صقر، وهي قيادات تؤكد عدم الخلاف داخل الحزب بل تضع ما حصل في إطار التغيير في القيادة لا أكثر.

وفي موازاة ذلك، يتردد ضمن أرجاء «القوميين» أن حردان لن يخضع الى الأمر الواقع. وهو يتحرك على اكثر من صعيد ولجأ الى تقديم طعن في تلك الانتخابات أمام محكمة الحزب، علما أن البعض يقول إن المجلس الأعلى سيلجأ الى حل هذه المحكمة ما قد يعني معركة كسر عضم مع حردان.

ولعل المفاجأة تمثلت في هوية المتمردين على سلطة حردان، وهم تلاميذه في الحزب. وهو أمر حصل في أحزاب كثيرة في العالم، الثالث منه خصوصا، مثلما حصلت خلال صراعات السلطة والحكم في العالم العربي.

من المنتظر أن يتم انتخاب الرئيس خلال أيام، وتردد إسم صقر، البارز اعلاميا عن الحزب، لكي يكون المرشح لهذا المنصب. لكن اختيار قيادة جديدة لا يعني حل الازمة في الحزب بين المتمردين على حردان من داخل القيادة وأولئك المعارضين له في اطار معارضة القيادة ككل وقد انضووا في غالبيتهم في اطار حركة «الإصلاح والوحدة» في الحزب التي تحركت مؤخرا.

بالنسبة الى تلك المعارضة، هي تنظر الى صراع القيادة بوصفه يدور على السلطة. وحسب هؤلاء، فقد شاب انتخابات المجلس الاعلى سلبيات كثيرة تتعلق بالنصاب الذي لم يتحقق، علما أن المعارضة لم تكن حاضرة في تلك الانتخابات. وفي كل الاحوال، فإن النصاب الذي تأمن كما أعلنت القيادة، ليس كافيا للإدعاء بالحصول على تأييد عارم من «القوميين». 

ولذلك، تريد المعارضة تغييرا جديّا في النهج وليس «تغييرا في ديكور القيادة التي سبق لبعضها أن حارب قيادات تاريخية في المعارضة»، لذا من غير المنطقي الاسراع الى استنتاج فعلي حول تراجع حردان بالنسبة الى هؤلاء.

ولناحية القيادة فإنها ستعلن نيتها لم شمل الحزب، لكن السؤال يبقى وفق أية محددات. وقد حصل تواصل قبل الانتخابات وبعدها بين أطراف في القيادة مع المعارضين المنضوين في إطار «الإصلاح والوحدة» الذين، برغم عدم اعترافهم بشرعية الانتخابات وما ستفرزه، سيتعاملون ببراغماتية مع سلطة أمر واقع في الحزب. وقد يكون انتخاب الأردني عامر التل رئيسا للمجلس الأعلى، في ظل مقاطعة من حردان، بادرة أولية على صعيد تقريب وجهات النظر كون التل يتمتع بموقف مقبول من الجميع، علما أن الامر قد يأتي لصالح القيادة أيضا التي يمكنها الادعاء بانتخاب شخصية محبوبة داخل الحزب.

وفي ظل ترقب مآل ما حصل لحردان، ثمة أسئلة كبيرة تُطرح اليوم تتعلق بوحدة الحزب وإعادة المبعدين منه، كما عمل بعض مؤسسات الحزب ومنها هيئة منح رتبة الأمانة التي سيطر عليها حردان سابقا ومنحها حسب المعارضين، الى كثيرين ما مكنهم من الحلول أعضاء في المجلس القومي، وباتت الهيئة اليوم في عهدة مراكز القوى الجديدة في الحزب وأبرزهم المعلوف.