بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 شباط 2022 12:02ص «فَتَبَيَّنُوا» رحمكم الله!

حجم الخط
أفراد مجتمعنا الإسلامي اللبناني، وبشكل عام، يسعون إلى الالتزام بالتعاليم الإسلامية وإقامة الشعائر وإتمام الفروض الدينية، والنوافل وغيرها ... لكنهم معظمهم للأسف، يُهملون، بامتياز، الآية الكريمة التي جاء فيها: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، صدق الله العظيم.

أجل، من الناس من قد يتّبع القرآن بأكمله ... ما عدا آية «فَتَبَيَّنُوا»!

تغُصّ مواقع التواصل الإجتماعي والواتساب بأحاديث منسوبة إلى رسولنا المُصطفى#، وحكماً ومواعظ ومواقف عن الصحابة رضي الله عنهم، و«خبريات» عن إعجاز علمي قرآني هنا، وإعجاز علمي نبوي هناك. ولأننا قوم على خصومة مع الآية «فَتَبَيَّنُوا»، نقوم على الفور بالترويج بحماسة لهذه الأكاذيب والخُرافات دون أي تردد أو سؤال، أو أدنى بحث وتحقق!

إنه من المُعيب والمؤسف أن نكون أمة تتجاهل آية «فتبينوا» لصالح تبنّي المواقف العنترية والبطولات الوهمية، والإثارة والسبق في النشر Scoop!

في هذه الظروف المعقدة التي نحن فيها، أنصح نفسي والآخرين إلى المبادرة بحذف وعدم تناقل أي فيديو أو تسجيل صوتي أو أي موقف ليس معروفاً صاحبه أو قائله، خاصة لأن معظمنا غير قادر (او راغب) في التحقق وتبيّن صحة المعلومات ودقّتها. وقد يُدس السّم في شهد العسل.

إنني عندما أرسل معلومة ويتبين لي أنها غير صحيحة، ينتابني القلق وأسارع إلى إرسال التصحيح إلى من أرسلها راجياً ومتمنياً عليه أن يوزّع التصحيح بالهمّة ذاتها التي نشرَ فيها المعلومة الخطأ، ثم أبادر إلى ارسال التصحيح لكل من أرسلت إليهم المعلومة الخطأ، مع الاعتذار منهم.

إن الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها، وكذلك المعلومة الموثوقة ... لذا «فَتَبَيَّنُوا».

يلومني البعض بأنني «حنبلي» ولا «أطنّش» عمّا يصلني من تعليقات و«بوستات»، ويطالبوني أن «أخفف شوي» ... وأنا لا يسعني الاستجابة لتمنياتهم.

لذلك أدعوهم إمّا إلى القبول والرضوخ الكامل لهذا الواقع كما هو، أو الرفض المُطلق له ولديهم إمكانيّة حذفي من لوائح التوزيع خاصتهم أو unfriend أو حتى block، ولا يوجد لديّ أي حلّ وسطي أو توافقي، تماماً كاستحالة أن يكون هناك حالة امرأة «نصف حبلى»!

بل وأضيف، إلى كل من أضافني إلى لائحة التوزيع خاصته، ولا يُمكنه التأكد من المعلومات التي يرسلها أو ينشرها، أن يُبادر فوراً إلى حذفي من لائحته، لأنه يُجبرني (ولو عن غير قصد) على التأكد من المعلومة مع ما في هذا من جهد ووقت، ولأنه يضعني في مأزق (ولو عن غير قصد) حين لا أوفّق في تبيّن صحّتها، او حين لا أعلّق عليها، فيعتقد أنني موافق عليها.

قال كرم ملحم كرم: «علمتني الحقيقة أن أكرهها فما استطعت»، وأنا من أنصار الحقيقة، وأعشق آية «فَتَبَيَّنُوا».