بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2023 12:00ص فارس البطولة الصامتة

حجم الخط
قليلون الذين عرفوا السيرة النضالية للحاج توفيق حوري الذي أمضى سنوات شبابه في النضال من أجل عروبة فلسطين، ونصرة شعبها المظلوم. 
وقعت النكبة وهو في مطلع شبابه، وعندما اشتد عوده في العشرين من عمره، بادر إلى تنظيم مجموعة من الشباب الفلسطينيين في المخيمات تحت راية «الطوابير»، لإستئناف العمليات الجهادية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في عام ١٩٥٤، أي قبل عقد ونيّف من إنطلاقة حركة فتح في الأول من كانون الثاني ١٩٦٥. وأصدر في الوقت نفسه نشرة «فلسطيننا» بالتعاون مع رفيق نضاله هاني فاخوري، الذي تولى في ما بعد رئاسة اللجنة اللبنانية لدعم الثورة الفلسطينية بقيادة حركة فتح. 
الإنخراط  في النضال الجهادي لم يشغله عن الإهتمام بالعمل الإنمائي في المناطق النائية، فأقام بالتعاون مع مجموعة من رفاقه بركاً مائية في عكار لتربية الأسماك البحرية، وتوفير فرص العمل لشباب المنطقة الأكثر حرماناً في لبنان، كما سعى إلى إستصلاح أراضٍ لمساعدة أصحابها على زراعتها وتأمين لقمة عيشهم بكرامة، وكان صاحب مبادرة «البقرة الحلوب»، والرامية إلى توزيع الأبقار الهولندية المنتجة للحليب على العائلات المتعففة في البلدات العكارية، يقيها ذلّ العوز والفقر، ويدعم صناعة الألبان في المنطقة.  
كان مؤمنآً بأن المدرسة هي عماد المستقبل للشباب، وكيف لا والآية الأولى في القرآن الكريم «إقرأ بإسم ربك الذي خلقك»، فتابع عمل والده الراحل راشد حوري في جمعية البر والإحسان، وكان في مقدمة المتحمسين لإنشاء جامعة بيروت العربية بالتعاون مع جامعة الإسكندرية، وبتشجيع مباشر من الزعيم جمال عبد الناصر. 
وفي عام ١٩٨٠ بادر إلى تأسيس كلية الإمام الأوزاعي التي ما لبثت أن أصبحت معلماً أكاديمياً، جمع بين العلوم الإسلامية والإختصاصات العلمية، وشهاداتها العليا تصل إلى درجة الدكتوراه، وتحظى بإعتراف المراجع الرسمية في لبنان والخارج. 
أسس «جماعة عباد الرحمن» مع الداعية عمر الداعوق الذي كان رئيسها الأول، وركزت على إستقطاب عنصر الشباب، وتأطيره وتدريبه في الخدمة الإجتماعية. 
وإستمر إهتمامه بأجيال المستقبل حتى السنوات الأخيرة من نشاطه الأكاديمي والإجتماعي. 
تعددت ميادين نضال توفيق حوري على امتداد تسعة عقود من الزمن، وكان مثالاً للتضحية ونكران الذات، ولا يهوى كثرة الحديث عن الإنجازات، وهمروجات التطبيل والتزمير، لأنه كان دائماً فارس البطولة الصامتة.