لم تأتِ نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة على قياس حسابات بعض السياسيين الطامحين، للتربع على زعامة العاصمة بيروت، مستغلين الفراغ الناجم عن عزوف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري عن الترشح للانتخابات وتعليق عمله السياسي في هذه المرحلة، وانما كانت معاكسة تماما لهذه الحسابات بكل المقاييس،وشكلت خسارة كبيرة وصدمة لم يستفيقوا منها حتى اليوم، فتذرع هؤلاء بأن عزوف الحريري عن الترشح، انما يترك العاصمة مستباحة امام حزب الله وادواته،ليقضم مقاعدها النيابية ويضمها إلى دائرة نفوذه ويستغلها في مصادرة الدولة اللبنانية ومقدراتها، لتحقيق طموحاتهم بالفوز بأكبر عدد من المقاعد النيابية في بيروت، تؤهلهم للتزعم على العاصمة، والحلول، جزئيا او كليا ،ما كانت عليه كتلة المستقبل النيابية.
تجاهل هؤلاء التركيز على معاناة المواطن البيروتي،وحرمان العاصمة من ضروريات التزود بالطاقة والمياة، وتحريك اجهزة الدولة،للاهتمام بمعالجة مشاكل ومتطلبات العيش الضرورية فيها،ولم يطرحوا اي برنامج محفز او وعود جاذبة.
أحاط هؤلاء المتزعمون الجدد، أنفسهم بكل راغبي التألق والتموضع المصلحي، واستعانوا بكل اساليب الترغيب، لدغدغة مشاعر البيارتة تحت شعارات براقة وجاذبه، لاستقطاب تأييد أكبر شريحة ناخبة لمرشحيهم ، ليتمكنوا من خلالهم العبور لتحقيق اهدافهم بالفوز بزعامة العاصمة.
تقلبوا في دعاياتهم المحفزة، من الادعاء بترك العاصمة فارغة امام مرشحي حزب الله، الى وجود دعوة وهمية لمقاطعة الانتخابات، لجذب ناخبي تيار المستقبل لانتخاب مرشحي لوائحهم، ولكن من دون جدوى.
لم تكن العاصمة في سُلَّم اولويات هؤلاء المتزعمين الجدد،طوال الأعوام الماضية، بالرغم من انتخاب بعضهم في المجلس النيابي المنقضية ولايته،وكأنه لم يكن ممثلا عنها،بل كان همه تحقيق مكاسب شخصية على حساب تمثيل العاصمة.
اظهرت وقائع ونتائج الانتخابات النيابية، استحالة محاولات هؤلاء المتزعمين الجدد باستقطاب شرائح واسعة من مناصري ومؤيدي تيار المستقبل، بالرغم من كل شعارات الترغيب والتحفيز والحملات السياسية والترويج الاعلامي،التي تميزت بها حملات تأييد مرشحي، هؤلاء المتزعمين الجدد للفوز بأصوات الناخبين البيارتة، وبينت بوضوح وجود تحول بالمزاج الشعبي، لانتخاب المرشحين التغييريين غير التقليديين.
لم يستطع بعض هؤلاء المتزعمين الجدد، توفير مقومات فوز الحد الادنى من مرشحي لوائحهم، وفوجئوا بإنكفاء شعبي عن تأييد مرشحيهم،وتجاهل ملحوظ لشعاراتهم ودعواتهم.
انتهت عاصفة الانتخابات النيابية وشعاراتها الهوجاء،بانتخاب مجموعة من النواب التغييريين من توجهات مختلفة، الى جانب النواب الحزبيين والتقليديين، ليمثلوا العاصمة بيروت في المجلس النيابي الجديد، فيما البارز فشل كل محاولات استيلاد،او انتخاب اي زعامة سياسية بارزة، تستطيع ملء جزء صغير من الفراغ السياسي الذي تركه الحريري بتعليق عمله السياسي،او الحلول محل اي زعامة تقليدية اخرى.