بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تموز 2018 12:00ص فليعتذر «الحريري» عن التشكيل!

حجم الخط
انقضى شهر ونصف الشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري دونما أدنى تقدّم في تشكيل الحكومة، وسط الكثير من الضغوط والابتزازات السياسية التي تمارس عليه، فهناك مَنْ يغامر باللعب بالتوازنات الداخلية، وانتهاج سياسة الإقصاء تجاه الرئيس المكلّف، ما يشكّل انقلاباً على إرادة الطائفة السنّية التي ترى في الحريري الزعيم السنّي الاوّل حتى إشعار آخر.
إنّ أزمة تشكيل الحكومة تفتح باب التحليل على مزيج من العوامل والاحتمالات، فقد يكون المطلوب مرحلياً عدم تشكيل الحكومة، بهدف تجميد اتفاقات «سيدر»، كي لا تُفتح أبواب المساءلة في ملفات الهدر والفساد. أو إنّ هناك قراراً محلياً - دولياً بتجميد تشكيل الحكومة لحين حسم ملف الاتفاق النووي الإيراني والانتهاء من الملف السوري، أو إنها حرب خفيّة لتخفيف وهج الانتصار الانتخابي النيابي لحزب الله وحلفائه، أو غيرها من الاحتمالات التي تجمّد تأليف الحكومة.
إلا أنّ العراقيل الأكثر وضوحاً تتمثّل بشراهة القوى الطائفية لجهة الحصص الوزارية، وغرور القوى السياسية لجهة الأحجام ونوع الحقائب الوزارية المطلوبة، بل تتعاطى هذه القوى مع الرئيس المكلّف وكأنّه «مستميت» لتأليف الحكومة بأي ثمن، وتقديم شتى أنواع التنازلات. ويذهب البعض إلى حدّ التلويح بإسقاط تكليف الرئيس الحريري عبر مجلس النوّاب، وفرض بديل من بين «بدلاء كثيرين» إذا لم يستجب لطلباتهم في تشكيل حكومة ترعى مصالحهم على وجه السرعة. بينما يطالب البعض الآخر بحصص «وازنة» من أجل تحصيل «الثلث الضامن»، (أو الثلث المعطّل) ما يسمح لذاك الفريق بشل الحكومة والحد من قدرة الرئاسة الثالثة على الحركة والتحكم بمقررات المجلس.
يُخطئ مَنْ يعتقد أنّ الرئيس المكلّف يمكن أنْ يقبل أي تسوية بأي ثمن، وهو الذي خسر الكثير منذ أنْ دخل لعبة السياسة، وواهمٌ مَنْ يعتقد بأنّ «استبدال» الرئيس الحريري هو أمرٌ سهل لا تبعات له، متناسين أنّ الرئيس الحريري حظي إبان تكليفه بمباركة دولية، ولديه علاقات متينة مع قوى كثيرة في المنطقة. وحتى إذا اعتذر الرئيس الحريري عن التكليف فهناك حُكماً مَنْ سيطلب إعادة تكليفه لما له من غطاء لبناني وإقليمي ودولي.
في هذه الظروف المشبّعة بالهرطقة السياسية والابتزاز السياسي، يبقى للرئيس الحريري أنْ يتّخذ القرار الأصعب بقلب الطاولة على الجميع، فيترك اعتذاره النهائي عن عدم تشكيل الحكومة لفخامة رئيس البلاد، ويُصدّر الأزمة إلى الغير، الذين يراهم البعض «بدلاء» عنه، علماً بأنّ أي شخصية سياسية تقبل تكليفها برئاسة الحكومة تُسارع حكماً إلى إنهاء مسيرتها السياسية.
فليعتذر الرئيس الحريري لنرى جهابذة السياسة اللبنانية ما هم فاعلون!