بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 كانون الأول 2020 12:02ص في خطوة رمزية فرنسية مؤتمر دولي انساني لمساعدة لبنان في الاليزيه اليوم

التوقعات خجولة منه والمجتمع الدولي يرفض منح الدولة المساعدات مباشرة

حجم الخط
في الوقت الذي لا يزال فيه الشعب اللبناني ينتظر ولادة حكومته في ظل استمرار التجاذبات السياسية حول شكلها ومضمونها والاختلاف السياسي في وجهات النظر بين المسؤولين اللبنانيين لا سيما بعد تراجع البعض منهم عن الموافقة على بنود المبادرة الفرنسية التي يعتبرها عدد من المراقبين بأنها اصبحت في حالة «موت سريري» بإنتظار الاعلان عن وفاتها، تستضيف العاصمة الفرنسية باريس اليوم مؤتمرا دوليا عبر الفيديو بالتعاون مع الامم المتحدة لبحث تقديم المساعدات الانسانية الى لبنان رغم الانشغال الدولي بأزمة تفشي وباء كورونا والتي دفعت بعض مسؤولي الدول الداعمة لعدم ابداء حماس للمشاركة في هذا المؤتمر، اضافة الى عامل اساسي وهو تلكؤ الطبقة السياسية اللبنانية عن تشكيل الحكومة والبدء بتنفيذ الاجراءات والاصلاحات المطلوبة منها.

مؤتمر المساعدات الانسانية الذي ينظمه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون ويرأسه شخصيا مع الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس، من المقرر ان ينطلق من قصر الاليزيه في تمام الساعة السابعة والنصف مساء اليوم بتوقيت بيروت، في حضور قرابة ثلاثين شخصية ما بين رئيس دولة وحكومة ووزير وممثلين عن مؤسسات دولية ومنظمات غير حكومية، واللافت هو التصميم الذي يبديه الرئيس الفرنسي لعقد هذا مؤتمر رغم عدم ايفاء القوى السياسية بالتزاماتها والاستجابة لطلبه بتشكيل حكومة «مهمة» تكون اولوياتها اطلاق اصلاحات هيكلية جذرية.

مصادر في العاصمة الفرنسية تؤكد لـ«اللواء» ان الرئيس ماكرون كانت لديه النية للدعوة لعقد مؤتمر كبير شبيه بمؤتمر «سيدر» اشمل منه، وان يكون مناسبة من اجل متابعة مقررات «سيدر»، حيث كان يأمل ان يتزامن موعده مع انطلاق عمل حكومة «المهمة»، وان يكون ايضا مفتاحا لاعادة تفاوض الدولة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي والعمل لانقاذ الاقتصاد اللبناني، ولكن بما ان الحكومة لم تتشكل بعد ومع استمرار الوضع على حاله ولكي لا تغلق الابواب كليا في وجه مساعدة لبنان، خصوصا في ظل الازمة المعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها الشعب من خلال عدم توفر المواد الضرورية والاساسية من دواء وغيرها، فإن الرئيس الفرنسي يحاول من خلال هذا المؤتمر مد اليد مجددا للبنان خصوصا انه لم يترك مناسبة الا واعلن فيها عن وقوف بلاده الى جانب لبنان وشعبه، وكان اخر هذه المواقف في رسالة الاستقلال التي وجهها الى الرئيس ميشال عون والذي اكد فيها على دعم فرنسا للحاجات الملحة للشعب اللبناني في ميادين الغذاء والصحة والتربية والسكن، وهو يعتبر ان هذا المؤتمر من شأنه ضخ  بعض الاوكسجين الضروري لبلاد الارز في حال تجاوبت معه الدول المانحة والمدعوة لهذا المؤتمر، لذلك تعتبر المصادر ان انعقاده سيكون بمثابة خطوة رمزية من قبل فرنسا للتأكيد على اهتمام المجموعة الدولية بوضع لبنان الانساني والاقتصادي، وكذلك من اجل التأكيد على ان المبادرة الفرنسية لم تدفن بعد وبانها لا زالت قائمة.

مصادر العاصمة الفرنسية تستبعد ان تكون المشاركة الدولية على مستوى رفيع كما كان يتمنى الرئيس ماكرون، وذلك بسبب استمرار الازمة السياسية في لبنان وعدم تشكيل الحكومة المنتظرة.

ولكنها تثني على الاهتمام الفرنسي بلبنان خصوصا مع انشغال واهتمام العالم باجمعه بمشاكله وازماته المختلفة والناتجة عن وباء كورونا وانعكاس هذا الفيروس على الاقتصاديات الدولية، من هنا فإن المصادر لا تتوقع نتائج كبيرة من هذا المؤتمر بالنسبة الى تقديم المساعدات الانسانية للبنان، خصوصا ان معظم المنظمات الدولية الانسانية تعاني من ازمات صعبة بسبب زيادة الاعباء عليها، وكذلك الامر بالنسبة الى لبنان الذي يحتاج لدعم انساني واعماري مستمر، خصوصا بعد الاضرار الكبيرة التي نتجت عن انفجار المرفأ وطالت بيروت تحديدا، ولفتت المصادر الى ان هناك مشاريع قد يتم تنفيذها من قبل المؤسسات الدولية، ومنها يتم عبر منظمات محلية، ولكن تؤكد المصادر عينها ان اي مشروع  لا يمكن ان يوكل الى الدولة اللبنانية بشكل مباشر حتى اشعار اخر بسبب فقدان الثقة الدولية بالمسؤولين اللبنانيين.

وتوقعت المصادر ان تكون هناك مساعدات عينية بسيطة للبنان من خلال تقديم بعض المواد الضرورية، على ان يكون معظمها عبارة عن اموال مخصصة لمشاريع معينة.

وتعتبر المصادر ان هناك فرقا بين مؤتمر اليوم والمؤتمر الذي عقد في التاسع من اب في الاليزيه بعد عودة ماكرون من لبنان  على اثر انفجار المرفأ بالنسبة لمستوى الحضور والدعم، وتذكّر بأن ابرز الحاضرين يومها كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب اضافة الى عدد كبير من رؤساء الدول المانحة والمؤسسات الدولية والذي حشد مساعدات طارئة للبنان بلغت قيمتها 250 مليون يورو، بسبب الديناميكية حينها، اما في الوقت الحالي فالامور اختلفت حسب ما ترى المصادر رغم ازدياد الاوضاع سوءا يوما بعد يوم في لبنان، معتبرة ان عقد المؤتمر هو محاولة إنقاذ ما يمكن انقاذه.

وعن مقررات مؤتمر «سيدر» والالتزامات الدولية بمساعدة لبنان تعتبر المصادر انه في النهاية لا يمكن لاحد ان يستمر بعروضه الى الابد، ولا سيما في ظل استمرار الامور على ما هي والتدهور في وضع المالية العامة الذي يزيد الاوضاع صعوبة. خصوصا انه وبسبب كورونا فإن المالية العامة اصبحت صعبة لمعظم دول العالم لا سيما الاوروبية حيث يدرس الاتحاد الاوروبي امكانية لوضع خطط لمساعدة دول الاتحاد المتضررة بشكل كبير من جائحة كورونا، مما يؤكد بانه لم يعد لدى هذه الدول وفرة وبحبوحة مالية، وبالتالي القدرة لتقديم الهبات والمساعدات الى الدول المتعثرة كلبنان وكل ما يمكن تقديمه هي مجرد هبات رمزية.

وتستبعد المصادر الدعوة الى اي مؤتمر كبير خاص بمساعدة لبنان كمؤتمر «سيدر» اذا لم يتم تشكيل حكومة تتمتع بالمعايير المطلوبة دوليا من البدء بورشة اصلاحية ووضع القطار على السكة الصحيحة لفتح الافاق امام المساعدات، خصوصا ان دول العالم لم تعد لها ثقة بالمنظومة السياسة اللبنانية.

واسفت المصادر لتحجيم المبادرة الفرنسية وتشويهها وافراغها من مضمونها بما فيه الكفاية، وهي تعتبر ان استمرارها هو بشكل رمزي لا اكثر، خصوصا في استمرار بعض المسؤولين في لبنان بالرهان على المتغيرات الدولية، وترى المصادر بأن كل يوم يمر من دون حكومة يعتبر تدهورا جديدا للاوضاع في البلد، خصوصا في ظل هيمنة ايران على لبنان وسيطرة «حزب الله» على القرارات فيه كما تقول المصادر، وتعتبر انه لا اصلاح من دون سيادة، مستغربة في الختام استمرار الوزير جبران باسيل بالعمل على تعطيل كل المبادرات من اجل طموحه بالوصول الى رئاسة الجمهورية على الرغم من العقوبات الاميركية التي وضعت عليه والتي لم تثنه عن حلم الكرسي الرئاسي.