بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 كانون الثاني 2022 12:02ص قانون 1960 أراده شهاب مرحلياً فاستمر 32 عاماً

الانتخابات النيابية: بدايات... ومراحل (5)

حجم الخط
رفع قانون الانتخاب الذي اعتمده العهد الشهابي (أو ما يطلق عليه قانون 1960) عدد النواب إلى 99 نائباً، وقسمت الدوائر الانتخابية على أساس القضاء، باستثناء حالات قليلة تم فيها دمج أقضية جعلت دائرة انتخابية واحدة مثل: قضائي مرجعيون - حاصبيا، البقاع الغربي - راشيا، وبعلبك - الهرمل.

وإذا اعتمدت مراكز المحافظات: بعبدا، طرابلس، زحلة، وصيدا، دوائر انتخابية قسمت بيروت بصفتها محافظة إلى ثلاث دائر انتخابية.

ويلاحظ في هذا القانون فقدانه للعدالة من حيث توزيع الدوائر والأصوات الانتخابية، ففي حين كنا نرى أن أربعة آلاف صوت مثلاً توصل مرشحاً إلى المجلس النيابي في دائرة بشري أو الكورة أو بنت جبيل، المؤلفة كل منها من نائبين، كان أكثر من 20 ألف صوت يوصلون مرشحاً إلى المجلس النيابي في طرابلس أو عالية أو بعبدا.

وعلى هذا النحو نجد أن كثيراً من المرشحين الذين كانون يسقطون، يجمعون من الأصوات أضعاف بعض النواب الفائزين، ناهيك عن السقوط بسبب التمييز الطائفي في كل دائرة من الدوائر.

ومن الأمثلة على اللاعدالة في الفوز والسقوط نأخذ مثلاً: أن نائباً عن بشري فاز بأربعة آلاف صوت، فيما فشل مرشح في طرابلس نال 18 ألف صوت، وعلى مستوى كل قضاء قد يفوز مثلاً مرشح عن مذهب معين بـ 7 آلاف صوت، فيما لا يفوز مرشح آخر عن مذهب آخر حصل على أكثر من عشرين ألف صوت، لأن حصة هذا المذهب قد استوفيت.

ويروى باسم الجسر في كتابه «فؤاد شهاب» عن الرئيس شهاب أنه قال له رداً على سؤاله حول إيثاره التعاون مع هذا الزعيم لا ذاك، وإيثاره التعاون مع زعماء سياسيين تقليديين لا تتلاقى مصالحهم: «أنا مدرك للمنطق الذي يقول بأن الحاكم أو السياسي القادر على الإصلاح هو الذي تنسجم مصلحته السياسية مع هذا الإصلاح، واعرف مآخذكم، أنتم الشباب الداعون إلى قيام دولة حديثة، علي لتعاوني مع الطقم السياسي والزعماء التقليديين، وجوابي هو أنني مجبر على التعاون معهم لأنهم ما زالوا موجودين وبقوة على الساحة السياسية، وأمام عيني تجربة كميل شمعون غير الموفقة يوم أسقط بعض الزعماء الطائفيين والتقليديين في الانتخابات، لقد حرصت على إدخال في كل الحكومات التي تألفت في عهدي وجوهاً شابة أو ذات اختصاص أو من خارج العائلات السياسية التقليدية، تأكيداً على ضرورة تطوير وتحديث الطقم السياسي، ولكنني لا أستطيع تغيير الطقم السياسي برمته، لا سيما إذا كان الشعب ما زال ينتخبه، حتى ولو كنت أسلم معكم، مبدئياً بأن مقومات الزعامات التقليدية أو الطائفية في لبنان، تتعارض مع مقومات الدولة الحديثة، كي لا أقول تقوم على القدرة على مخالفة القوانين، أو استخدام الدولة ومصالحها، لأغراض هذه الزعامة، ولذلك ركزت على الإدارات العامة، على إصلاحها وإقامة هذه المؤسسات الحديثة لها، وتحريرها تدريجياً من الخضوع للزعامات الطائفية والسياسية وتطعيمها بالعناصر الكفوءة».

في أي حال، ظل قاون الانتخاب الذي وضع في عهد الرئيس فؤاد شهاب كمرحلة انتقالية، معتمداً طوال عهدي الرئيس شارل حلو والرئيس سليمان فرنجية، ولم يشهد عهدا الرئيس إلياس سركيس (1976-1982)، والرئيس أمين الجميل (1982-1988) أي انتخابات نيابية بسبب استمرار الحرب الأهلية. 

ويلاحظ في قانون 1960 أنه كانت له فلسفة خاصة، تقوم على جعل قوى ناخبة من طائفة معينة تنتخب نواباً من طوائف أخرى، فمثلاً هناك نحو 11 ألف ناخب ماروني في بنت جبيل ليس لهم ممثل، ونحو عشرة آلاف ناخب شيعي في جزين ليس لهم نائب، ونحو 12 ألف ناخب سني في صور ليس لهم ممثل، ونحو عشرة آلاف ناخب كاثوليكي في البقاع الغربي بدون أي تمثيل..

وحينما اقترب في عهد الرئيس فرنجية موعد الانتخابات النيابية في 3 أيار 1976، كانت الحرب الأهلية التي اندلعت في 13 نيسان في 1975 على أشدها، فمدد مجلس النواب لنفسه في شهر آذار 1976 حتى تاريخ 30/6/1978، اعتباراً من تاريخ انتهاء ولايته، وتتالت بعد ذلك قوانين التمديد للمجلس النيابي، نظراً لاستمرار الأسباب التي أدت إلى عدم إجراء الانتخابات، فوصل عددها في السابع من كانون الأول 1989 إلى ثمانية، وكانت أخر مرة مدد فيها مجلس النواب ولايته في الجلسة التي انتخب فيها النائب إلياس الهراوي رئيساً للجمهورية في 25 تشرين الثاني 1989.

لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من الانتخابات النيابية وينتهي عهد مجلس عام 1972 في انتخابات 1992.