بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 حزيران 2022 12:01ص قانون الانتخاب شوَّه التمثيل النسبي وأخل بالمساواة بين المواطنين... والمرشحين

كتل ناخبة كبرى في مختلف المناطق من دون تمثيل رغم الواقع الطائفي

حجم الخط
 منذ انتخابات 1951، يمكن التأكيد ان كل الانتخابات كانت ناقصة التمثيل، لأن كتلاً انتخابية كبرى من مختلف الطوائف كانت غير ممثلة في البرلمان، رغم ان كل القوانين الانتخابية في لبنان منذ بدء الحياة الدستورية في شهر أيار 1926، كانت تحصل وفقا للتقسم الطائفي، وقد برز هذا الخلل واضحا بعد تقسيم محافظتي جبل لبنان ولبنان الشمالي في العام 1951، كما الغي انتخاب الدورتين (البالوتاج)، فتم تقسيم جبل لبنان الى 3 دوائر انتخابية هي : بعبدا_ المتن، الشوف - عاليه، وكسروان - جبيل. اما لبنان الشمالي فتم تقسيم المحافظة أيضا الى 3 دوائر هي :طرابلس، عكار، وزغرتا – البترون- الكورة.
في العام 1953 اعتمدت الدائرة الفردية المصغرة بدلا من المحافظة التي كانت هي الدائرة الانتخابية منذ عهد الانتداب الفرنسي، ويعتبر هذا التقسيم الانتخابي انه هو الذي احدث الشق الأول في الحياة السياسية اللبنانية الذي تسربت منه كل أسباب تصدع الميثاق الوطني اللبناني، ذلك لأن تقسيم لبنان الى دوائر انتخابية كبيرة على أساس المحافظات الخمس المتعددة الطوائف، كان من شأنه اجبار المرشحين على التزام سياسة معتدلة بعيدا عن التعصب الطائفي، وسعيا وراء كسب أصوات التي لا ينتمي اليها او يمثلها المرشحون. وفي انتخابات 1957 حاول الرئيس كميل شمعون ان يجمل بعض الشيء من هذا القانون بزيادة عدد النواب وتوسيع بعض الدوائر، لكنه لم يفلح بشيء.
في عهد الرئيس فؤاد شهاب، تم التخلي عن الدائرة الفردية، لكنه لم يرجع الى الدائرة الكبرى نظرا لمعارضة الأحزاب لها، فكان ان اختار الدائرة الوسطى أي القضاء، فلم يؤثر هذا القانون على التقليدية الا قليلا، وحافظ على مبدأ تعددية الطوائف، إضافة الى بعض الإصلاحات على عملية الاقتراع: مثل الاقتراع السري والغرفة العازلة وغيرها.
في انتخابات ما بعد اتفاق الطائف، جرت منذ العام 1992 حتى 2022 سبع دورات انتخابية وفق خمس تقسيمات انتخابية تراوحت بين القضاء والمحافظة، ودمج اقضية، وكانت انتخابات الدورتين الأخيرتين 2018 و 2022، وفق نسبية مشوهة، هي في حقيقتها، نسبية بين اكثريات طائفية كانت تشكل السلطة، فاستفادت من مغانم الحكم. وبشكل عام، لم يحمل هذا القانون تطورا نوعيا في مساواة المواطنين اللبنانيين في الحقوق والواجبات، كما جاء في المادة السابعة من الدستور « كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم «، ولا كما جاء في مقدمة الدستور «لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز أو تفضيل «. لا بل جاء هذا القانون ليكرس التمييز بين الناخبين إذ أجاز لناخب ان يقترع ل 13 مرشحا (الشوف – عاليه)، ولناخب آخر ان يقترع للائحة من خمسة مرشحين (صيدا – جزين) ولناخب يقترع للائحة من ستة مرشحين (مثل : بعبدا، البقاع الغربي - راشيا) وهلم جرا من لوائح باحجام مختلفة.
الى ذلك، كان هذا القانون بتقسيم دوائره خليطا عجيبا من قوانين مرت على لبنان في انتخابات :1951، 1960، 1992، 1996، و2000.
 التمييز سواء بين المواطنين الناخبين، أو بين المرشحين كان فاضحا من خلال الحاصل الانتخابي فعلى سبيل المثال لا الحصر، كان الحاصل في دائرة بيروت الأولى 5837، بينما في بيروت الثانية كان 13533، 182 وكان في دائرة جبل لبنان الثانية 11643، 625 بينما في جبل لبنان الثالثة كان 14121، 333، وكان في دائرة الشمال الأولى 21232، 286 وفي الجنوب الأولى كان الحاصل الانتخابي 12258وفي الجنوب الثانية كان23297، 571.وهكذا دواليك من اللامساواة.
هذا الواقع المشوه أفرغ النسبية من محتواها وغايتها، ومعظم الدول التي تعتمد النسبية في نظامها الانتخابي، حددت نسبة مئوية، بعضها يعتمد عشرة بالمئة، وبعضها خمسة بالمئة، وفي الدولة العبرية نسبة 2 بالمئة وهلم جرا.
 وهذا القانون لم يسهم في تحريك كتلة ناخبة كبرى، وجعلها تشترك في عمليات الاقتراع، بشكل واسع لأنه لا تمثيل لها في المجلس النيابي، الذي يقوم على أساس التمثيل الطائفي، ويبلغ تعداد هذه الكتلة اكثر من 341 الف ناخب موزعة في شتى الدوائر الانتخابية، منها على سبيل المثال لا الحصر : هناك 14268 ناخبا سنيا في دائرة بيروت الأولى من دون ممثل لها وفي صور أيضا 16152 ناخبا سنيا وفي الكورة 9350 ناخبا سنيا وفي بعبدا 10785 ناخبا.
اما في جزين فهناك 13774 ناخبا شيعيا، و6160 ناخبا شيعيا في صيدا و5713 ناخبا في المتن.
الى ذلك، هناك ناخبون موارنة من دون تمثيل منها على سبيل المثال : الزهراني 11661 ناخبا ، بنت جبيل 13789 ناخبا، الضنية 7248 ناخبا. وهناك 9667 ناخبا ارثوذكسيا في البترون من دون تمثيل، وغيرها الكثير من الأمثلة وسيكون لنا عودة تفصيلية الى ذلك.