بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 أيار 2020 12:02ص قانون العفو العام ولغم عودة «المُبعدين إلى إسرائيل»

حجم الخط
في خضم المشاكل والأزمات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والأمنية التي تعصف باللبنانيين جراء السياسات التي أوصلتهُم إلى حافة الإفلاس والجوع والعوَز، قرّرت السلطة الحاكمة تفعيل ملف قانون العفو العام، ومن بين مواده الأكثر حساسية تلك المتعلقة بعودة «المُبعدين اللبنانيين إلى إسرائيل»، أي عناصر ميليشيا العميل أنطوان لحد وعائلاتهم الفارين إلى فلسطين المحتلة منذ تحرير الجنوب في العام 2000، بعد أن أقر القانون رقم 194 لعام 2011 لمعالجة وضعهم، بناءً على اقتراح من النائب ميشال عون وقتذاك، لكن لم يُعمل على وضع مراسيم تطبيقية للقانون. وقد يكون لقضية هؤلاء بُعدٌ إنساني ما، لكنها دون شك قضية شائكة تلامس حساسية مذهبية ووطنية، وتستنفر انقسامات في الآراء وخلافات في مقاربتها من قِبل الأطراف اللبنانيين، بين من يؤكد أنهم عملاء وبين مَن يعتبرهم فارين أو مُبعدين قسراً. 

إنّ قضية الذين غادروا جنوب لبنان إلى «إسرائيل» عام 2000 كانت على الدوام موضع اهتمام من قِبل الفرقاء اللبنانيين المسيحيين، خصوصاً أن نحو 90 في المئة منهم هم من مسيحيي الجنوب، وهؤلاء قد أمضوا نحو عشرين عاماً في كنف الكيان الصهيوني المحتل وفي رعاية مؤسّساته، وقد أصبحوا ضمن نسيجه الاجتماعي والاقتصادي.

هذه المعطيات تدفع إلى السؤال عن حقيقة فتح هذا الملف، خصوصاً أنّ «المُبعدين» لا يُمثّلون ثقلاً عددياً، فقد كان عددهم عام 2000 نحو 8 آلاف شخص، أما اليوم فلا يزيد عددهم على 3400 شخص بعدما هاجر معظمهم إلى دول غربية. وهؤلاء أوضاعهم ملتبسة بين أجيالٍ المغادرين الأولى ممَّنْ لم يريدوا العودة إلى لبنان في المراحل الأولى لمغادرتهم، وبين أجيال نشأت في «إسرائيل» وقد ترغب بالعودة لأسباب مجهولة حتى الساعة. 

في خلاصة الأمر، إنّ فتح ملف عودة اللبنانيين الموجودين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في هذا التوقيت الحرج هو بمثابة وضع لغم جديد يُساهم في تأجيج وتفجير الوضع على الساحة الوطنية، خصوصاً أنّ هناك شريحة لبنانية واسعة ترفض عودة هؤلاء الذين يصفونهم بـ»العملاء» تحت أي تسمية وأي ذريعة كانت. وفي المقابل، هناك مَنْ يطالب بحق هؤلاء بالعودة باعتبار أن هروبهم إلى «إسرائيل» جاء نتيجة أوضاع محدّدة عاشوها وتهديدات تلقوها في تلك الفترة. وليست بواقعة بعيدة عندما تمَّ إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري في وضح النهار، وتمَّ تهريبه إلى خارج البلاد أمام أعيُن الجميع في عملية مُذلّة للسيادة الوطنية، حتى يأتي اليوم مَنْ يجعل من العمالة وجهة نظر ويجد لها مبرّرات.