بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 أيلول 2022 08:04ص قباني لـ«اللواء»: هدف السعودية إنقاذ لبنان و«الطائف» يجب أن يبقى الأساس

مصادر سنيَّة: مبادرة المملكة مستمرة واجتماع دار الفتوى أتى بتشجيع منها

حجم الخط
من الواضح ان خارطة طريق جديدة سياسية رُسمت للطائفة السنية برعاية سعودية من خلال الاجتماع المفصلي الذي دعا اليه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بهدف جمع نواب الطائفة وتوحيد الموقف والصف بعد التشتت والضياع الذي أصاب الساحة السنية مؤخرا وتحديدا قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة اثر اعلان رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري تعليق عمله السياسي. واهمية هذا الاجتماع وضعه خطوطا حمراء امام اتفاق الطائف والتأكيد عليه واخراجه من اي محاولة لتعديله.
من هنا، فإن اجتماع دار الفتوى يكتسب أهمية كبرى في هذه المرحلة وهو اتى بتشجيع ودعم خاص من المملكة العربية السعودية التي تقف ووقفت دوما الى جانب لبنان ووحدته واستقراره حسب مصادر سياسية سنية رفيعة المستوى، والتي اعتبرت عبر «اللواء» ان المملكة لا يمكن ان تتخلى عن دورها الجامع والداعم للبنان وشعبه وأن مفعول مبادرتها مستمر وهذا الاجتماع اكد على الأرضية الصلبة لعلاقة المملكة بدار الفتوى، وإذ تلفت المصادر الى الدعم السعودي الإنساني للبنان والى أهمية البيان المشترك الأخير السعودي –الأميركي-الفرنسي، فإن المصادر تلفت الى تفسير ما صدر على انه استمرار لإبقاء الوضع اللبناني في صلب اهتمامات المملكة واستعدادها لتقديم كل الدعم المطلوب لمساعدته على تخطي محنته، وهذا الامر بدا واضحا ايضا في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله من على منبر الأمم المتحدة والذي جدد فيها دعم بلاده لسيادة واستقلال وأمن لبنان، متطرقا الى ضرورة تنفيذ الإصلاحات، لافتا في الوقت عينه إلى وجوب ان لا يكون لبنان نقطة انطلاق للإرهابيين او تهريب المخدرات واهمية بسط سلطة الدولة مع عدم اغفاله في كلمته عن تنفيذ قرارات مجلس الامن واتفاق الطائف.
لذلك،  وبحسب المصادر كان التحرك الذي قام به السفير السعودي في لبنان وليد البخاري انابة عن قيادة بلاده في هذا الاتجاه، وتأكيده على دعم لبنان ووحدته، وتشير المصادر الى أهمية دعوة البخاري للنواب السنَّة الى مأدبة العشاء التي أقامها والتي أتت استكمالا لاجتماع دار الفتوى علما ان معظم النواب هم أعضاء جدد في المجلس النيابي.
وفي هذا الاطار يقول الوزير السابق الدكتور خالد قباني لـ«اللواء»:«لا نستغرب اطلاقا الدور الطبيعي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية من اجل انقاذ لبنان بعد حالة الانهيار التي وصل اليها والتي باتت تهدد كيانه ودوره ووجوده ومستقبل أبنائه، علما ان المملكة وقفت دائما الى جانب لبنان دون تردد ودون اي حسابات من اي نوع كانت،لان همها الأول كان دائما بقاؤه والحفاظ على دوره على الصعيد الداخلي والوطني والعربي والدولي، لأنها تؤمن به وبقدرته على التفاعل لما يمثله من نموذج حضاري للعيش المشترك الذي يجب المحافظة عليه، كذلك على الدور الذي يلعبه اللبنانيون في منطقتهم  لتطويرها وإنمائها وتقدمها». 
ويلفت قباني الى أهمية مبادرة المملكة لإعادة دور الطائفة السنية الأساسي في الحياة السياسية والحفاظ على لبنان ودوره وحرصها على وحدته واستقلاله، خصوصا انها تعمل من منطلق المساواة بين مختلف الطوائف والمذاهب للمحافظة على نموذج العيش المشترك.
ويشيد قباني بما تقوم به المملكة من مبادرات مستمرة تجاه لبنان ومد يد المساعدة والعون اليه والى شعبه.
وحول ما اذا كان تشجيع المملكة لاجتماع دار الفتوى هو دليل على تمسكها بمندرجات اتفاق الطائف يذكّر قباني بدور المملكة الأساسي والجوهري في وضع هذا الاتفاق من خلال دورها  ومساهمتها بإيقاف الحرب الاهلية اللبنانية ورعايتها ومواكبتها لمؤتمر الطائف ولعملية الوفاق الوطني من خلال تأمينها لكل الإمكانات من اجل ايجاد الحلول لمشاكل لبنان ولتحصينه والمحافظة على وحدته وديمومته وسيادته واستقلاله وعيشه المشترك، وبمواكبتها وضع الدستور الجديد له من خلال تكريس مبادئ اتفاق الطائف الذي  يجب ان يبقى الأساس، ويلفت قباني أيضا الى دور المملكة في إعادة اعمار وازدهار وتطوير لبنان خلال فترة قياسية لإعادته الى الخريطة العالمية، كذلك الى الدور الذي لعبه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في تلك الفترة حتى انه استشهد ضحية لاتفاق الطائف ولوحدة لبنان.
وعن مدى إمكانية استمرار المملكة بلعب دورها الطبيعي في لبنان، يشير الوزير السابق الى انه وخلال المراحل التاريخية من العلاقات السعودية اللبنانية فإن المملكة  لم يكن لديها اي طموح ولا مطمع في لبنان،وكان همها هو إنقاذه والحفاظ عليه في اطار التعاون العربي وعمل جامعة الدول العربية،ويتوقع قباني استمرار المبادرة في المرحلة القادمة والصعبة من اجل المساعدة على انقاذ لبنان ودعمه ماليا واقتصاديا وسياسيا  لإخراجه من ازمته وإنقاذ شعبه من حالة البؤس التي يعانيها.
وحول انتقادات بعض الأطراف لدور المملكة في لبنان يقول قباني:«لا يجوز ان ننظر الى المبادرة نظرة ضيقة لأن هدفها واضح هو انقاذ لبنان من الخطر الذي يتهدده وجوديا واقتصاديا وماليا  وانسانيا، وهذا امر مستمر عبر التاريخ من خلال سياستها الثابتة بدعمها ومساعدتها  للبنان ومساندته ومؤازرة والحفاظ على سيادته واستقلاله، لذلك من غير المقبول ان يشك احد بنوايا المملكة وهي التي قامت وتقوم بمساعدة للبنان ولشعبه».
واثنى قباني أخيرا، على الموقف الوطني الذي قامت به دار الفتوى من خلال جمعها لنواب الطائفة والتي اكدت عليه خلال تاريخها الطويل من ان السنَّة في لبنان يعملون من اجل مصلحة شعبه وهذا ما حرصت  عليه وجسدته في اللقاء الذي دعت اليه وفي مضمون ما صدر عنها.
وفي المحصلة، فان اجتماع دار الفتوى يعتبر بمثابة الخطوة الأولى في مسار سياسي جديد على مشارف مرحلة الاستحقاق الرئاسي والذي سيكون له مفعول اساسي خصوصا مع التزام النواب السنَّة بمضمون ما جاء ببيان دار الفتوى من خلال تعزيز موقعها.