تستمر المعاناة السياسية والاقتصادية والمالية دون التوصل إلى أي حلول، في ظل الانكماش الاقتصادي المريب والبطالة المستشرية، في حين أن ما حرك المياه الباردة في البلد إنما تمثل بمواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والتي تعتبر من أبرز العناوين التي أعلنت والتي من شأنها أن تؤدي إلى خشبة الخلاص في حال صدقت النوايا وكان هناك تجاوب مع هذه الطروحات، وإنما وفق مصادر سياسية فإن المعلومات تؤكد استحالة التوافق الداخلي في هذه المرحلة لجملة ظروف واعتبارات داخلية وخارجية، فحزب الله مطوّق بالعقوبات الدولية والأمر عينه لإيران، بينما لن يقبل الحزب إطلاقاً بمبدأ وشعار الحياد الذي أعلنه سيد بكركي إذ يعتبر أنه ضد سياساته وتوجهاته ومقاومته، وبالتالي لا ينسجم مع المبادئ العقائدية والدينية للحزب في صراعه مع إسرائيل، وفق ما يُنقل عن المحيطين به. وفي المقابل بات واضحاً أن لبنان لن يحظى بأي دعم دولي في كل المجالات إذا استمر على سياساته الحالية وخصوصاً العلاقة بين الدولة والحكومة من جهة وإيران من الجهة الثانية على خلفية دور حزب الله في الداخل اللبناني وإملاءاته على مؤسسات الدولة، وقد اُبلغ أكثر من مسؤول لبناني ليس من اليوم بل منذ فترة طويلة أنّ على المسؤولين اللبنانيين أن يغيروا هذا النهج وهذه السياسات ويلتزموا بما يصدر عن المجتمع الدولي من قرارات وعقوبات بحق إيران وحزب الله، مع أن أكثر من عاصمة دولية تقرأ جيداً خصوصية لبنان وظروفه ولكن الأمور تبدلت بعدما أصبحت الدولة اللبنانية في موقع لم نعهده من قبل، ما أدى إلى الانهيار الذي يحيط بلبنان اليوم وخصوصاً في المجالات الاقتصادية والمالية، ولهذه الغاية فإنّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لادريان يحمل معه ملفاً متكاملاً لخروج لبنان من أزماته التي يتخبط بها، ولا يمكن بعد اليوم تفهُّم خصوصية لبنان وظروفه على اعتبار أنّ هناك أجندة دولية واضحة تجاه إيران وحزب الله وكل ما يقومون به، وعلى هذه الخلفية جرى إبلاغ المسؤولين اللبنانيين أكثر من مرة بضرورة أخذ الأمور على محمل الجد، ولكن لم يكن هناك أي التزام بل تمادوا كثيراً في تطوير علاقاتهم أكان مع إيران أو الدول التي تُعتبر حليفة لطهران، ولذلك فإنّ لاداريان يحمل معه هذه المخاوف والمطالب إن من باريس أو الدول المانحة، حيث باتت الشروط معروفة ولا يمكن التراجع عنها، والكرة باتت في ملعب الدولة والحكومة اللبنانية.
ويبقى أخيراً أنّه حيال هذه الظروف الصعبة فإن كل الأجواء والمعلومات من قبل المتابعين للملف اللبناني لا تحمل أي أجواء تفاؤلية، فالأزمة طويلة وستشهد كباشاً سياسياً إقليمياً ودولياً، بعدما بات لبنان ساحةً لأكثر من محور إقليمي ودولي، وفي المحصلة ذلك سيؤثر على اقتصاده الذي بات منهاراً والخروج من الأزمات ليس بكبسة زر بل هناك مخاض عسير للوصول إلى تسوية أو حلول أبرزها أن يكون هناك عملية إصلاحية إدارية ومالية شاملة، وكذلك ألا يخرج لبنان عن علاقاته وتاريخه مع الدول الشقيقة والصديقة، وذهابه إلى أي محور آخر سيترك سلبيات بالجملة وتحديداً على اقتصاده.