بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 آذار 2021 12:01ص كل يفتّش عن ولي أمر ليستقوي به على الآخرين

حجم الخط
يسألنا بعض الأصدقاء الأجانب من جنسيات مختلفة وهم من القيادات العاملة لحقوق الإنسان وضد التمييز العنصري وضد جرائم الحرب وقتل البشر وهدم الحجر والاستيطان والأسر وضد الاستبداد والظلم والجرائم ضد الإنسانية، وهذه القيادات تقف مع قضايانا في كل المؤتمرات والندوات والمحاضرات الاقليمية والدولية ويقارعون عدونا الصهيوني داخل الأمم المتحدة وخارجها..

يسألوننا أسئلة تتعلق بحقوقنا واستقلالنا وسيادتنا وحريتنا ومدى تطبيق أنظمتنا للمواثيق والمعاهدات الاقليمية والدولية التي وقّعتها دولنا، ويمهّدوا هؤلاء الأصدقاء بقولهم لنا: انه من خلال رصد مواقف وتصريحات العاملين بالسياسة عندكم في لبنان يتبيّن لنا انهم غائبون غياباً كلياً عن كل ما يمسّ سيادتكم واستقلالكم وحريتكم ولا يعنيهم استقلال القضاء وإقامة العدالة في بلدكم، ومن هذه الأسئلة مثلاً:

- لماذا لم نسمع ولم نرَ موقفاً من العاملين في الشأن العام عندكم ولم يقوموا بمبادرات وتحركات دائمة على كل المستويات في مؤسسات الأمم المتحدة والدوائر الدولية بشأن احتلال أراضٍ لبنانية جنوبية وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر من العدو الصهيوني؟؟؟

- لماذا لم نسمع من هؤلاء موقفاً وإصراراً لتسليح الجيش اللبناني من أي دولة صديقة في العالم، غربية أم شرقية، كما فعل الزعيم جمال عبد الناصر عام 1955 عندما اتجه شرقاً وأبرم صفقة سلاح للجيش المصري مع تشيكوسلوفاكيا؟؟؟

- لماذا لم نسمع من هؤلاء موقفاً وتحرّكاً دائماً ضد الاعتداءات الصهيونية على لبنان براً وجواً وبحراً؟؟؟

- ولماذا لم يتحرك هؤلاء لتصحيح المرسوم رقم 6433/2011 المتعلق بالحقوق اللبنانية في المياه الاقليمية بعدما اكتشف الجيش اللبناني بأنها تبلغ 2290 كلم2 وليس 860 كلم2 وإيداع المرسوم التعديلي الأمم المتحدة؟؟؟

- وما قصة الاستقلال الثاني والثالث للبنان؟؟ 

كل هذه الأسئلة كان الجواب عليها يتلخص بأن الفساد وغياب المواطنة وثقافة المقاومة ضد العدو والجهل والفقر والبطالة وبناء دولة المؤسسات وسيادة حكم القانون ومقاومة الطائفية والمذهبية والمناطقية تتحكم بالموقف اللبناني، يرافق ذلك غياب المساءلة والمحاسبة، كما ومغازلة الدول لغايات مكشوفة ضد كل ما هو وطني، كما وأصبح الجواب عليها بعد 17 تشرين الأول/2019 في ان الحميّة الوطنية والكرامة والعنفوان اشتعلت جميعها ولن تنطفئ مهما حاول هؤلاء التآمر على الحراك/ الانتفاضة/ الثورة ومجابهتها، ونقول ان لبنان قبل 17 تشرين الأول أصبح في طريق آخر بعده.

أما الكلام عن استقلال ثانٍ وثالث للبنان هو كلام يطلق على عواهنه حيث من يطلقه لا يفقه معنى الاستقلال الذي تفوز به الدول لمرة واحدة في تاريخها.

الاستقلال يتوقف تحقيقه على الإرادة الحرّة لأبناء الوطن والمبنية على مقوّماتهم الحضارية وهذا ما تمّ عام 1943، حيث جاء الميثاق الوطني معبّراً عن الإرادة الحرة للبنانيين، وان دوام التمسّك به في نص الدستور، والعمل على تنفيذ مضمونه في إدارة شؤون البلاد بصورة واضحة لا لبس فيها هو الاستقلال الذي أعلن، والذي يقتضي المحافظة عليه وعدم الخروج عنه والتذاكي بالمحاصصة بعيداً عن تطبيق المواطنة الصحيحة وبالاستقواء بأولياء الأمور هو الذي يضعف الاستقلال الموجود بقوة الميثاق الوطني والتمسّك به لا يعني استقلالاً جديداً.

ونقول للعاملين بالشأن العام ان الوقت الآن هو التشبّث بالميثاقية وعدم صم الآذان، وغمض العيون، وسلوك الموقف غير الوطني لكل ما هو واجب، وعدم اتحاذ المواقف الصحيحة في الجواب على كل هذه الأسئلة الآنفة الذكر وسواها كثير، يشكّل جريمة الخيانة العظمى التي يعاقب عليها بأشدّ العقوبات.

ونقول لهؤلاء العاملين بالشأن العام أيضاً عودوا الى رشدكم، كفى التفتيش عن ولي أمر ليستقوي به كل منكم على الآخرين، وإلاّ سيلفظكم التاريخ عاجلاً أم آجلاً.



* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب