بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الأول 2017 12:04ص كيف تتجلّى قيادة الشعوب

حجم الخط
ثمة خمسة مستويات ينبغي للقائد ان يعلمها ويتسنّمها.
المستوى الأوّل هو مستوى الوضعية التي تجعل الشعب يتبع القائد لأنه ينبغي لهم ذلك. انها مستوى الحقوق. نقطة الارتكاز هي صفة العمل أو الزعامة ليس إلاّ، وهنا مرجعية ضعيفة. المكتفون بهذه الزعامة قد يكونون مدراء ولكنهم ليسوا زعماء أو قادة. لديهم مرؤوسون لا فرق عمل. والمدراء يرتكزون على القواعد والتشريعات والسياسات، لا على التنظيم للسيطرة على شعبهم.
لذا، لا يبذل المرؤوسون أي جهد زائد ولا يصرفون أي وقت إضافي للقيام بعملهم، يعملون في إطار السلطة المحدَّدة لدى رؤسائهم!
هكذا يستصعب المدراء العمل برفقة متطوعين واناس أصغر منهم سناً أو أوفر منهم علماً، لأن المدراء لا تأثير لديهم وهؤلاء الجماعات العاملة إلى جانبهم يصبون إلى ان يكونوا اوفر استقلالية.
المستوى الثاني هو مستوى السماح الذي يجعل الشعب يتبع القائد لأنه يريد ذلك. انه مستوى العلاقات. فعندما يحبُّ قائدٌ ما شعباً ما ويسود عليهم كأفراد لهم قيمة، يشرع يعزّز تأثيراً ما فيهم انه ينمّي ثقة. ويمسي المحيط أكثر موضوعية أكان ذلك في المنزل أم في العمل أم في اللعب أم في العمل التطوعي.
لا يخطط قادة المستوى الثاني للحفاظ على وضعيتهم، بل للتعرّف إلى شعبهم ومعرفة كيفية مواكبته، يكتشفون واقع شعبهم وشعبهم يقف على واقع قادته، فيبني الشعب علاقات متينة ودائمة.
في مقدور القائد ان يحب شعبه من غير ان يسود عليه ولكنه لا يستطيع ان يسود عليه من غير ان يحبّه!
المستوى الثالث هو مستوى الإنتاج الذي يتيح للشعب ان يتبع قائده قام به من أجل المؤسسة مرتبته هي النتائج هكذا يوفّق القائد في مستوى التأثير والمصداقية، هكذا، ينفذ العمل، وتنمو الأخلاق، وينمو الإنتاج وتحقّق المقاصد.
المستوى الرابع هو مستوى تطوّر الشعوب حيث نرى هؤلاء يتبعون قادتهم لما فعلوه من اجلهم. انها مرتبة إعادة التكوين يمسي القادة هنا كباراً لا بسبب قدرتهم بل بسبب مهارتهم في تقوية الآخرين.
يستخدم القادة وضعيتهم وعلاقاتهم وانتاجيتهم لاستثمار اتباعهم وتعزيز شأنهم إلى ان يغدوا قادة في مجالاتهم المختلفة.
قد يفوز الإنتاج بالعاب، ولكن تطوير الشعب يجعل في صفوفه ابطالاً. في هذا المستوى، يعمّق الاستثمار العالي في الشعب، ويساعد افراد الشعب على التعارف على وجه أفضل ويعزّز الأمانة. وتتزايد النجاحات والتفوق لأن ثمة قادة كثراً على الأرض وكل منهم يساهم في تعزيز نجاح الآخرين.
المستوى الرابع خليق بأن يغير  حياة الشعب المَقود الذي يتبع القادة من أجل ذلك بالذات، وهذا شأنه ان يستمر طويلاً!
الزعيم الكبير هو من بلغ المستوى الخامس الأخير الذي يفرض معه احترام الآخرين له. عندها، تتبع الشعوب ذلك الزعيم بسبب ما يمثله وما هو في عمق أعماقه من مزايا إنسانية لا يرقى إليها الشك أو الاضطراب، هذا المستوى هو الأعلى والاصعب.
معظم النّاس من شأنهم ان يتلقنوا كيفية الارتقاء من المستوى الأوّل إلى الرابع، اما المستوى الخامس فهو يستلزم ليس جهدا وحسب وملكات ونوايا حسنة وإنما درجة عليا من الموهبة. وحدهم الموهوبون بالولادة هم من يستطيعون بلوغ هذا المستوى الأعلى. ان قادة المستوى الخامس هذا ينمّون الشعوب ليكون افراده قادة من المستوى الرابع!
أن يغدو القائد الفذّ هذا من القوة بحيث يستطيع ويريد تنشئة قادة، هو اصعب مهمة في القيادة. ان قائد المستوى الخامس ينمّي مؤسسات المستوى الخامس. يخلق فرصاً لا يخلقها القادة الآخرون. وتحظى قيادته شهرة إيجابية يخلق شرعية في ما يقومون به. وكثيراً ما يتجاوز وضعيته ومؤسسته واحياناً صناعته المهنية الراقية ليبلغ درجة الخلود!
د. جهاد نعمان
سفير السلام U.P.F