بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آب 2022 12:00ص كيف حلم الخديوي عباس حلمي بعرش لبنان عام 1938؟

فندق نيو رويال أيام زمان حيث حلّ الخديوي عباس حلمي فندق نيو رويال أيام زمان حيث حلّ الخديوي عباس حلمي
حجم الخط
لم تكن محاولة جورج لطف الله الوحيدة للوصول الى سدة الحكم في لبنان في عشرينيات القرن الماضي، بأن يكون رئيسا خلفا لشارل دباس ثم يصير أميرا فملكا، وكذلك محاولة ابن عياد الأمير التونسي الأرستقراطي الذي أراد الفرنسيون التخلص منه في تونس ومطالبته بعرش، فرشحوه لعرش أميري في لبنان (راجع «اللواء» - السبت 20 آب 2022)، حتى وفد الى لبنان الخديوي عباس حلمي، ليجرّب حظه بأن يكون ملكا على لبنان، وفي التفاصيل كما يرويها إسكندر رياشي، ان الإنكليز كانوا قد خلعوا في مطلع الحرب العالمية الأولى الخديوي عباس حلمي عن عرش مصر، وأخرجوه من أراضيها فالتجأ الى سويسرا مع ملايينه المتعددة ومع أمجاده الماضية. وجاءت القابلية مع سموّه لتولّي العرش في لبنان، وقيل آنئذ ان صديقه ومستشاره الخاص الكاتب اللبناني المعروف في حينه اميل الخوري هو الذي لوّح له عن بعيد بعرش لبنان، فتراءى لسموّه برّاقا باهرا سهل المنال.
وهكذا ذات يوم من سنة 1938، شدّ الخديوي عباس حلمي الرحال من جنيف الى بيروت، ينزل فيها على الرحب والسعة في فندق «نيو رويال» فوق مربع «الكيت كات»، حيث جعل هناك مقره العام.
وكما يقول رياشي: «وتغدّينا مع سموّه خلال الأيام الثمانية التي قضاها في لبنان، وتحدث عن أمامنا عن أطماعه بعرش في لبنان، يساعده الفرنسيون والأهالي على إقامته، وأفهم الجميع أنه جاء إلى لبنان يقيم استفتاء فيه، يطلب من الأهالي ترشيحه للعرش، لا أن يرشح هو نفسه للمهمة الملكية».
وعندما جاء الحضور في احدى المرات على ذكر مغامرة الأمير جورج لطف الله أمامه، وفشله في تحقيق رغبته قال عباس حلمي بكبر وعزّة: «ولكن السي جورج لطف الله (ولم يقل الأمير) كان أحد رعايانا العاديين، ونحن تعوّدنا على العرش».
في تلك الأيام البعيدة، كان قد اجتمع حول الخديوي السابق عباس حلمي خلال إقامته البيروتية، عدد من السياسيين والصحافيين يحمسونه ويشجعونه على المضي في مشروعه، وكان يسأل ويتساءل كثيرا، حتى جاءت حكاية المال، وهو ما يتوجب على سموّه ان صرفه ودفعه.
كان هذا الخديوي السابق يحب الحسابات كثيرا، ويحب المال أكثر وأكثر، فهو غير مستعد لأن يجازف بجنيه واحد، رغم كل ما عنده من ملايين وملايين الجنيهات.
أخيرا اكتشف عباس حلمي بفكره الثاقب وتقديره أن الحكاية كلها حكاية مال، وانه إذا صرف المال فليس هناك ضمانة «مسوكرة» لوصوله الى العرش، تراجع عن المهمة التي جاء من أجلها، فكان أن وضّب حقائبه ذات ليلة وسافر سرا عند الفجر، قبل صياح الديكة وطلوع الشمس، من دون أن يودّع أحدا، علما انه كان قد أعطى عدة مواعيد لمقابلته ولقائه ذاك الصباح، أي صباح السفر. وهكذا هرب الخديوي من الطامعين بفلوسه، لتنتهي حكايات الحديث عن عرش في لبنان.