لا ینبغي ان تبقى بین الشعوب والدول التي تجمع بینهم الكثیر من المشتركات خلافات وتوترات تؤدي الى صراعات وحروب تشكل هولا وبلاء وتتیح لاعدائهم تزكیة هذه الصراعات ودیمومة اشتعال النیران بینهما بغایة اضعاف الفریقین ومحاولة التخلص منهم ان استطاعوا الى ذلك سبیلا. هذا التخطیط الخبیث عهدناه بالحرب العراقیة الایرانیة في ثمانینات القرن الماضي فاستنزفت هذه الحرب التي استمرت ثمانیة اعوام الطرفین واحدثت خرابا ودمارا لكلا البلدین ولثرواتهما البترولیة فضلا عن الالاف من الضحایا والجرحى والمعوقین والاسرى ووضعت الطرفین في حالة الضعف والضیاع وفتحت الباب امام الاطماع الاجنبیة وولدت العداء والكراهیة بین العراق وایران وامتد لدول عربیة اخرى والى حلفاء لایران ومازالت الخلافات تتزاید وتنذر بمخاطر كبیرة ان لم یتدارك الطرفان الامر ویحل السلم بدل الصراع والتعاون والتضامن بدل العداوات والجیرة والاخوة بدل التنافس والسیطرة خاصة وان الاسلام الحنیف هو المشترك الاهم بینهما وقواعده السامیة تفرض الاخوة والتعاون ولیس العداوة والبغضاء.
من هذا الباب سوف اقترب نحو المطلوب والمأمول والضروري تجاه العلاقات العربیة الایرانیة. وبدایة اقول ان على الطرفین اعادة النظر ملیا بما هو جار حالیا بینهما وعلى كثیرین من مسؤولین عرب اعادة قراءة كل ما یتعلق بایران ماقبل الثورة وما بعدها وعلى تداعیاتها الحقیقیة سیاسیا ودینیا واجتماعیا واقصاء الشاه ونظامه المعادي اصلا للعرب والمتصالح مع اعدائهم ومشاركته في حلف بغداد الاستعماري الموجه ضد العرب وقضایاهم والمتحالف مع الصهیونیة واسرائیل وما ال الیه هذا الحلف الاستعماري بثورة الشعب العراقي الرائدة في ٤ا تموز ١٩٥٨.
ولكن وسط لعبة الامم وماسببته الحرب العراقیة الایرانیة دخلت العلاقات بین الامتین بحالة من الحذر فالخصومة فالعداء غیر المبرر.
ان العرب وایران جیران منذ الازل كانوا وسیبقون. تتغیر السیاسات والانظمة وتبقى الجغرافیا ثابتة وكلاهما امتین عریقتین في التاریخ قدما للبشریة انجازات خالدة وفوائد عظیمة وساهما بالتطور الحضاري للانسانیة وهما معنیان بالاسلام الحنیف وقیمه الالهیة السامیة وبالرسالات السماویة الخالدة التي استهدفت شرف الانسان وكرامته وحفظ الحیاة وهما محكومان معا بالسلم والسلام والتعاون والتضامن وعند التباین في المصالح او الخلافات في امور الدنیا ومشاغلها یصبح الحوار الاخوي والتفاهم المشترك السبیل التي تتطلبه القیم المشتركة لحفظ مكانة الامتین العظیمتین.
بناء على ذلك فان المطلوب تصالح وتفاهم وتعاون مشترك وتطمینات متبادلة واحترام سیادة كل منهما وعدم التدخل السلبي بالشؤون الداخلیة لكل منهما والحرص على وحدة اراضي كل منهما ونبذ التعدي او مد السیطرة الاحادیة او النفوذ في الداخل اوخارج البلدین وعدم تألیب الشعوب على بعضها اوعلى انظمتها تحت ذرائع طائفیة او مذهبیة او اثنیة.
ان المطلوب وقف حرب الیمن ووقف شلال الدم المستنزف والدمار والخراب والتوصل السریع والفوري الى الى حل یضمن وحدة وسیادة الارض والشعب وعروبة واستقلال الیمن واعادة بنائه واعماره والتعویض على اهله وسكانه.
من غیر المجدي ابدا ان تبقى العلاقات بین الامتین الكبیرتین في حالات التوتر والصراع والخلافات كما یجري الآن. انها دعوة للاستیقاظ ولاصلاح ذات البین بین العرب وایران قبل فوات الاوان.