بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 كانون الثاني 2019 07:33ص لبنان تحت منخفض صراع إيراني - أميركي ملتهب يؤثر على ساحته السياسية

«لا حس ولا خبر» عن تأليف الحكومة والمعطيات الموجودة غير مشجعة

حجم الخط

هل يطول عمر حكومة تصريف الأعمال إلى ما بعد قمّة تونس في أواخر آذار؟

صحيح أن انعقاد القمة العربية الاقتصادية في بيروت في هذه المرحلة هو أمر مهم لما لذلك من تأثير إيجابي على صورة لبنان على المستويين العربي والدولي من جهة، وعلى الوضعين الاقتصادي والمالي من جهة ثانية، الا ان هذا الحدث على رغم أهميته لا يجوز ان يزيح عن المشهد السياسي مسألة تأليف الحكومة التي وفق ما هو ظاهر قد دخلت ولو مرحلياً في غياهب النسيان، وهذا بحد ذاته قد أراح القوى السياسية التي كات تعمل على هذا الخط والتي ارتطمت بالحائط المسدود بنتيجة الاخفاقات التي حصلت على مدى 233 يوماً في الوصول إلى توليفة حكومية ترضي جميع الأطراف وتضع هذا الاستحقاق في مساره الصحيح.
من المستغرب ان لا «حس ولا خبر» عن ملف التأليف، فهذا الموضوع توقف البحث فيه وكأن الجميع قد سلَّم إلى أمر واقع مفاده ان هناك عجزاً لا بل استحالة في نزول أي فريق سياسي عن سُلَّم المطالب ولو درجة واحدة لعل ذلك يُحدث كوة في جدار الخلاف عن التأليف، وبالتوازي يوجد عدم مبالاة واضحة إن على المستوى الإقليمي أو الدولي حيال هذا الاستحقاق الدستوري الذي لطالما كان العامل الخارجي عنصراً بارزاً في إنجازه، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول وجود قطبة مخفية في «طربوش» التأليف لم يدركها بعد أي من المعنيين بهذا الأمر أو يتم تجاهلها لسبب من الأسباب.
للتذكير فقط فإن المفاوضات التي جرت على مدى الأشهر الماضية حول الحصص الوزارية والتي أخذت نوعاً من المد والجزر، والبرودة والسخونة قد عادت إلى المربع الأوّل بعد سقوط المبادرة الرئاسية وتمترس «اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين» بمواقفه حيال التمثيل، وهو ما يعني ان أي عملية تفاوض جديد ستبدأ مجدداً من نقطة الصفر كون ان الصيغة التي انطلقت من خلالها المبادرة الرئاسية والتي لم يكتب لها النجاح سيُصار إلى استبدالها وهذا سيؤدي حكماً إلى رحلة بحث جديدة عن أفكار تؤمن الاتفاق على صيغة تختلف عن الصيغة الأولى تحظى بتأييد من يعنيهم الأمر وبالتالي تولد الحكومة في غضون ساعات.
وفق المعطيات والمناخات السياسية السائدة فإن أمر التأليف ربما يُرحَّل إلى الربيع المقبل لأسباب متعددة أبرزها غياب أي تفاهم داخلي على صيغة كل العقدة المتبقية امام ولادة الحكومة، اضف إلى ذلك الانشغال اللبناني بالقمة الاقتصادية والذي سيستمر في الأيام المقبلة متابعة للنتائج والتفاوت الحاصل في النظرة إليها بين فريق سياسي وآخر، ناهيك عن القمة العربية المقررة في تونس في الحادي والثلاثين من آذار المقبل والتي قد تكون سبباً في فرملة رحلة البحث عن المخارج لعقد التأليف مجدداً، وبذلك فإنه لا يُمكن توقع تشكيل الحكومة قبل نيسان المقبل.
وكأن لبنان لا يكفيه التجاذبات التي تعج بها ساحته الداخلية والتي تحول دون تمكنه من إنجاز استحقاقه الدستوري المتمثل بتأليف الحكومة والانصراف إلى معالجة الملفات الملحة كالوضعين الاقتصادي والمالي، حتى يندلع على ساحته الاشتباك الأميركي- الإيراني الذي جاء على خلفية ما صرّح به ديفيد هيل في بيروت تجاه إيران والذي من شأنه ان يزيد «الطين بلة» على مستوى الانشطار السياسي الموجود في لبنان، وهذا الأمر ما لم يُصَر إلى تطويقه داخلياً والحؤول دون تمدده إلى الأفرقاء السياسيين في لبنان فإنه سيؤثر سلباً على مسار تأليف الحكومة المتوقف في الأصل بفعل انقطاع الأمل حتى الساعة بإمكانية الوصول إلى حل العقدة التي ما تزال تعترض الطريق لبلوغ هذا الهدف، وهذا يأتي من كون ان إيران كما واشنطن لكل منهما تأثير فاعل على الساحة الداخلية اللبناني، وان انفجار الصراع بينهما في لبنان سيرخي بظلال واسعة من السلبية على الملفات الداخلية وفي مقدمها الملف الحكومي.
من هنا فإن مصادر سياسية ترى أن من مصلحة لبنان النأي بنفسه عن هذا الصراع، وأن على الأفرقاء السياسيين الإبتعاد عن أي محاولة لتوظيف هذا الصراع في اللعبة السياسية الداخلية والعمل بالمثل الذي يقول: عند صراع الدول إحفظ رأسك».