بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 كانون الأول 2022 12:00ص لبنان رهينة هــل يُفكّ أسره؟!!

حجم الخط
لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، ولا يمكن تصوّر لبنان ومفهوم سيادته في الحالة التي هو فيها منفصلا عن دولة محتلة سليبة الإرادة، لبنان وطن أجزاءه من رسم إستعماري يمتّد منذ سنوات عندما إستُبيحتْ السيادة وبيعتْ الكرامات في سوق النخاسة والإرتهان. لبنان مركّب من دويلات تأتمر بالخارج يحكمه رعاع القوم وهو حالياً رهن الإستعمار الفارسي لأنّ لبنان بات أرضاً سائبة تتصرف به جماعة مُسلّحة وفقاً لأهوائها ولما يقرِّره ولي الفقيه.
لبنان وطن محتّل وهو غنيمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وهو مجال للنهب والسرقة والفساد ومصادرة الثروات وحقل للتجارب الممنوعة ومصدر ومخزّن للمواد المتفجّرة واليد الإرهابية الرخيصة. لبنان منذ سنوات قريب جداً من توصيفه مستعمرة مباشرة لإيران تتحكم بمقدراته وتستبيح ساحاته وتحوّلها أوراق ضغط غُبّ الطلب وحكامه ما كانوا إلاّ عبيداً على أرض الوطن.
لن أكشف أمراً غريباً لبنان رهينة للصراع بين إيران وإسرائيل بواسطة ميليشيا مُسلّحة تابعة لولاية الفقيه، نعم وإستناداً إلى العديد من التقارير المحليّة والدولية الكل يُفيد أنّ لحزب الله حرية مطلقة في التحرك على الأراضي اللبنانية وهذا التحرُّك يُشبه بما كان يُعرف بـ«فتح لاند»، ولهذا الحزب قدرة هائلة على إدخال وإخراج السلاح والبضائع والمال دون المرور بأجهزة الدولة اللبنانية، وهو يتصرف بحرية تامة ومن دون أي مراقبة من الأجهزة اللبنانية الرسمية وبالأحرى يأمر بعض الأجهزة ومنها على سبيل المثال ولمدة ست سنوات مقام رئاسة الجمهورية.
إلتقينا الأسبوع الماضي بأحد الدبلوماسيين وتناقشنا في خطورة الوضع اللبناني القائم، ولمسنا عدم إستعداد لمساعدة الشعب اللبناني على تخطّي أزماته وهناك صعوبة لإخراج لبنان من هذا النفق المظلم، وكل محاولة غير مدروسة لأي خيار يُعتمد هي أقرب إلى الخيال على الأقل في الوقت الراهن، حيث سقط اللبنانيّون في دوّامة التضليل وتحوّلوا إلى رهينة ولبنان للصراع بين حزب الله وإسرائيل على خلفية موضوع شائك ألا وهو الملف النووي الإيراني، والمؤسف أنّ طرفي النزاع يسعيان إلى تحقيق نقاط وإنجاز يخدم مصلحتهما على حساب السيادة الوطنية اللبنانية وعلى حساب الشعب اللبناني الذي يرزح تحت وطأة أزمة إجتماعية خطيرة جداً.
في معرض إجتماع شاركت فيه فيما خص المساعي الفرنسية علمتُ أنّ هناك زيارة للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون للبنان لمناسبة الأعياد ولقضاء فترة مع جنوده الذين يخدمون في القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان والمؤسف في الخبر أنّ الرئيس ماكرون سيزور كلاً من رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة (حكومة تصريف الأعمال) وهذا الأمر سيحصل في ظل فراغ في رئاسة الجمهورية والأمر المؤسف أنه لمّا إستفسرنا عن الموضوع أفِدْنا عن جديّة الزيارة وهمسنا في أذن الراوي «صحيح في فراغ في مقام رئاسة الجمهورية، بس ما في فراغ بالصرح البطريركي الماروني، لِما يربط هذا الصرح من علاقة مميزة مع الجمهورية الفرنسية...» لم نحصل على جواب يشفي غليلنا. وتزامن لقائنا هذا الأسبوع في الصرح البطريركي بمشاهدة دبلوماسيين فرنسيين قدما إلى الصرح وعلى ما يبدو توجّها نحو مقر البطريرك، عـلّ الأمر خيراً.
نحن في حالة خطر تفكك الجمهورية اللبنانية في إطار سيناريو رهيب لأنّ القيّمين على النظام يرفضون رفضاً كلياً عدم الإلتزام بمبادئ النظام الديمقراطي، إضافة إلى عدم رغبتهم في القيام بالإصلاحات المطلوبة، ويُضاف إلى هذا الأمر إرتفاع الدين العام إلى ما يفوق الـ200% وهذه نسبة جد خطيرة في العلوم المالية، إضافة إلى البطالة التي تعمّ كل الأقضية اللبنانية. نعم نحن أمام حالة شلل سياسية ستوصلنا إلى الهلاك.
لبنان رهينة هل يُفكّ أسره؟ لا جواب بحوزتي كباحث لأنني لا أرى في الأفق المنظور مجموعات تحمِّل همّ الشعب والوطن بكل إداراته ولا مبادرة إنقاذية لإنتشال لبنان من أزماته ولمنع المنظومة الحاكمة من جرّ البلاد إلى حروب لا طاقة على تحمّلها. إنّ لبنان يمرُّ بأحلك ظروفه وهو أمام أزمة حكم مستعصية مع منظومة عسكرية مُدانة تفقد الحس بالمسؤولية، ونحن أمام أزمة تهدّد مصير الوطن والكيان. لذلك نطرح السؤال الجوهري: هل نحن قادرون على فك أسر لبنان من خاطفيه؟ جواب يصعب التكهّن بمضمونه في الوقت الحالي. 

* كاتب وباحث سياسي