بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تشرين الثاني 2020 12:01ص لبنان والوقت الضائع... وثلاجة الإنتظار؟

حجم الخط
انه الانتظار، وهو سيد الموقف في هذه الأيام الصعبة في لبنان... فالوقت الضائع وهو ثقيل على لبنان واللبنانيين جميعاً يفرض نفسه حالياً على هذا البلد وأهله في ظروف يكاد كل واحد منهم احوج ما يكون الى كل لحظة ودقيقة وساعة لكي يتغلب على الصعوبات والمسائل الحياتية والمعيشية والاجتماعية والمالية التي يعاني منها يومياً كأفراد وأسر وعائلات، مما يجعلنا نطرح السؤال بإلحاح، ايها المسؤولون ماذا تنتظرون لتشكيل الحكومة الجديدة بعد ان ذللت العقبات وعُبدت الطريق حتى تم التكليف من خلال تسمية الرئيس سعد الحريري لهذه المهمة، وبالتالي هل صحيح ان موضوع التشكيلة الحكومية قد تمت فرملته بالوقت الراهن على الأقل، إثر ظهور صعوبات وعقد وعقبات اعترضت ولا تزال تعترض انجاز هذه المهمة التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر، ومن هو المسؤول عن هذا التأخير بتشكيل الحكومة الجديدة وعن مثل تلك العقبات والعثرات التي استجدت بعد اشاعة موجة عارمة من التفاؤل بأن إعلان المراسيم الوزارية لن تتأخر اكثر من ايام معدودة.

اضف الى ذلك، تداعيات هذا التأخير وهي خطيرة بالطبع على واقع البلد ومستقبله ككل، وعلى اللبنانيين جميعاً من دون استثناء، ناهيك بما يواجه الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي والمعيشي في لبنان من شلل وانهيار بات يهدد بأوخم العواقب وأخطرها على كل الصعد والمستويات.

البعض يقول ان المسؤولين في لبنان على مختلف انتماءاتهم ومشاربهم السياسية والحزبية، ينتظرون حالياً المستجدات، اضافة الى تطورات اقليمية ودولية ما لاتخاذ القرار الحاسم والسير قدماً في عملية تأليف الحكومة، وأبرز المحطات التي ينتظرها اولئك المعنيين بهذا الامر هو نتائج الانتخابات الاميركية التي ستجري يوم غد الثلاثاء، وبما ان الموضوع على هذا الصعيد لا يزال غامضاً لجهة هذا الاستحقاق الاميركي ومن سيفوز بهذه الانتخابات ترامب أم بايدن اي الجمهوريين او الديمقراطيين للبناء على ذلك وعلى مسار المرحل المقبلة في لبنان والمنطقة لا بل في العالم، فكان علي من يتبوؤن زمام الامور والمسؤولية في لبنان ان ينتهزوا الفرصة السانحة حالياً لتشكيل الحكومة العتيدة بإعتبار ان نتائج الانتخابات الاميركية وتداعياتها ستمتد الى اسابيع وربما اشهر قادمة بحسب كل المعلومات والمراجع المختصة التي تتابع هذا الحدث الاميركي بدقة مما سيجعل وقت الانتظار في لبنان طويلاً لا بل ضائعاً في متاهات ومطالب وشروط اولئك السياسيين والمسؤولين مما سيكلف البلد وأهله المزيد من الاعباء والخسائر المادية والمعنوية والمالية وقد يؤدي به الى الانهيار التام بكل ما للكلمة من معنى.

وما انشغال الاميركيين بإنتخاباتهم في الوقت الحاضر كما انشغال الفرنسيين ايضا بما طرأ واستجد في فرنسا من اوضاع امنية بعد الرسوم الكاريكاتورية التي اساءت الى الرسول الاكرم وردات الفعل الامنية التي حصلت في نيس وليون اضافة الى انشغال كل من اميركا وفرنسا لا بل العالم بأسره ومن ضمنه لبنان بالطبع، بإنتشار وباء كورونا بشكل خطير، ما يجعل الامور تزداد تعقيداً، وتنعكس سلباً على الواقع اللبناني برمته، بحيث لن يجد لبنان واللبنانيين من يتفرغ لمؤازرتهم ودعمهم في محنتهم هذه واطلاق المبادرات تلو المبادرات لمساعدة هذا البلد للخروج من مأزقه الحالي، في ظل انقسامات وخلافات ولعبة شد الحبال بين مختلف الاطراف اللبنانية من حكام ومسؤولين وسياسيين، وفرض شروط وشروط مضادة مما يجعل تلك الدول المنشغلة بأوضاعها لا تعير الوضع اللبناني اي اهتمام وحيث ستضعه في ثلاثة الانتظار حتى اشعار آخر، الا اذا استطاع لبنان ان يواجه مصيره بنفسه «وان يقلع شوكه بيديه» وهنا تكمن الخطورة بأن هذا البلد سيقع في المحظور لانه قد اعتاد دائماً اللجوء الى الدول الشقيقة والصديقة والى الخارج على مدى السنوات الغابرة، وحتى ايامنا هذه، لمساعدته على حل مشاكله المستعصية والصعبة للغاية، من خلال وضع المسؤولين فيه امام الامر الواقع لتنفيذ ما يطلب منهم بالترغيب حيناً والترهيب أحياناً إقليمياً ودولياً على هذا الصعيد.

ولكي نكون منصفين، ولا نحمل المسؤولين والسياسيين الفاسدين في لبنان وحدهم مسؤولية ما آلت اليه الامور في هذا البلد، وهي امور خطيرة جداً بالطبع انعكست على الوطن والبلاد والعباد والمؤسسات بشكل عام، لا بد من التطرق ايضاً الى الذهنية الراسخة والمتجذرة في قلوب وعقول اولئك المسؤولين منذ ان فتحوا اعينهم على تولي المراكز والمناصب في لبنان مع ما رافق ذلك من تخلف وعقم سياسي، الذي رافقهم ولا يزال يراودهم منذ زمن طويل وحتى يومنا هذا، وهو ما كلف لبنان واللبنانيين جميعاً الكثير من الخسائر والمعاناة حتى وصلوا الى الوضع الكارثي الذي نحن عليه اليوم.

اما كيف ولماذا لا يزال عدد من اللبنانيين ولو كان ضئيلاً يتبع ويصدق ويؤمن ويسير في ركب اولئك السياسيين والمسؤولين ذلك انه للاسف لا تزال تتحكم بعقولهم وأذهانهم وقلوبهم الغرائر الطائفية  أو المذهبية او المناطقية او العقائدية او الحزبية، ومن حيث يدرون او لا يدرون ان مثل تلك الغرائز الهدامة المتحكمة بهم وبأسرهم وعائلاتهم قد قادتهم وستقودهم حتماً مستقبلاً نحو الأسوأ ونحو المزيد من الهلاك والدمار والانهيار في حال عدم الخروج من تلك الغرائز، لذلك فهم يتحملون الى حد كبير مسؤولية ما يواجهه لبنان والشعب اللبناني من فقر وعوز وجوع ومرض وفساد الى آخر ما هنالك من انواع الفساد، من قبل القيمين على شؤون الدولة والناس والمؤسسات والبلد ككل.

اما كيف السبيل للخروج من تلك الحالات الشاذة التي اوصلت لبنان الى ما هو عليه اليوم، وما هي ايسر السبل لابعاد تلك القلة من اللبنانيين التي لا تزال تتبع بالغريزة اولئك السياسيين والمسؤولين «على العميانة» عنهم مهما اقترفوا وارتكبوا بحق الوطن والمواطن من سرقات وصفقات وسمسرات، يأتي الجواب بأن الامر يحتاج بالطبع الى المزيد من الوعي والادراك والشعور بالمسؤولية الوطنية دون غيرها بكل ما للكلمة من معنى، لا بل عدم التبعية السياسية غرائزياً وعندها فقط يمكن القول اننا بدأنا بخطوة اولى نحو مسيرة الألف ميل في لبنان للخروج من القوقعة الطائفية والمذهبية والفئوية وملحقاتها للانتقال الى رحاب مستقبل مشرق للبنانيين جميعاً وللأجيال القادمة.