بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 آذار 2021 12:01ص لبنان وعجائب الدنيا السبع.. كلام اللواء لواء الكلام..حسناً فعل البطريرك

حجم الخط
إنه التاريخ يكاد يعيد نفسه في بلد بات تاريخه وحاضره لا بل والمستقبل على المحك، يسجل في غياهب المجهول والتاريخ.

انه لبنان، وطن الأرز،الذي بات يشبه «عجائب الدنيا السبع»، ذلك لما فيه من عجائب وغرائب تجعلنا لا نصدق مسار الأحداث والتطورات الكارثية وتسارعها، والتي قد يؤدي تدحرجها بهذا الشكل الجنوني الى عواقب وخيمة لا يحمد عقباها على مختلف الصعد، لا سيما الحياتية والمعيشية والإقتصادية منها.

نعم، لقد اقترب لبنان من السقوط في المحظور، في غياب كلي لمد يد العون اليه من قبل اي من الدول الصديقة والشقيقة التي طالما كانت تقف دائماً الى جانبه في الأوقات العصيبة والمحن التي واجهها على مدى سنوات وسنوات، اضف الى ذلك تلهي الحكام والمسؤولين والسياسيين الفاسدين في هذا البلد بحسابات ضيقة، وزواريب اقتسام الحصص والمغانم والنفوذ مما اغرق لبنان حتى الآن بما هو عليه من كوارث ومصائب باتت تحتاج الى اكثر من معجزة لحلها، مع يقيننا بأن الأمل اصبح ضعيفاً بذلك. 

لم نكن يوماً من دعاة أو مؤيدي الإعلان «عن البلاغ رقم واحد»، ومن ثم السيطرة على المباني الحكومية ووسائل الإعلام الرسمية من اذاعة وتلفزيون للإعلان عن مثل ذاك البلاغ. وعدم اقتناعنا او تأييدنا لمثل هكذا خطوة غير ناتج عن انتقاص من قدرات المؤسسة العسكرية او اخلاصها لهذا الوطن، وهي التي نحب ونُجلّ ونحترم، انما لأننا نؤمن ونعتقد جازمين بأن لبنان لا يمكن له الا ان يختار النظام البرلماني الديمقراطي الحر، وهذا ما تتوافق عليه كل الأطياف والأطراف المعنية بالشأن اللبناني بما في ذلك بالتأكيد المؤسسة العسكرية والقيِّمين عليها.

اما كيف يمكن الخروج من هذه المعاناة والأزمات المتراكمة التي تواجه وطن الأرز لبنان، فللأسف ليس في الأفق بشائر خير او بصيص نور يدل على حلحلة الأمور وقرب انفراجها خاصة على صعيد تشكيل حكومة جديدة في لبنان. وهذه ليست بنظرة تشاؤمية انما هي واقع مرير يجب الإعتراف به والبحث والتفتيش عن مخارج وحلول لإنقاذ لبنان واللبنانيين جميعاً من هذه الضائقة الإقتصادية والمالية والإجتماعية الخطيرة.

مشهد مرعب ومخيف يعيشه المواطن اللبناني يومياً من خلال عملية قطع الطرقات وحرق الإطارات واحتجاز المئات لا بل الآلاف من المواطنين اللبنانيين وعائلاتهم داخل سياراتهم على مدى ساعات طويلة دون ان يقترفوا ذنباً او خطيئة،وذلك احتجاجاً على ارتفاع سعر الدولار الجنوني والغلاء الفاحش واحتكار التجار للبضائع والمواد الغذائية المدعومة وغيرها ايضاً، وفقدان الدواء والمحروقات من الأسواق.

كل ذلك يحصل في غياب شبه كلي لبحث جدي من قبل المسؤولين والمعنيين بالواقع الراهن في لبنان لوضع حد جذري لكل ما يجري، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه قطع طريق رئيسية او فرعية واحتجاز الناس وحريتهم دون مبرر، وهذا ما يجب ان يطبق ايضاً على المتلاعبين برفع سعر الدولار والمحتكرين من التجار والسياسيين والمصرفيين الفاسدين.

وحده المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم استطاع «ان يضع يده على الجرح»، وان يتمكن من ايضاح المشهد الخطير بعقلانية وشفافية ودبلوماسية ومرونة، خلال لقائه الأخير بالبطريرك مار بشاره بطرس الراعي في بكركي، حين شرح له بإسهاب عن طريق المنطق والتعبير الصادق بأن قطع الطرقات بالشكل الخطير الذي يشهده لبنان، لا سيما في مناطق نفوذ الاحزاب والتيارات السياسية في كل من المتن وجبيل وكسروان وبيروت يتسبب بأضرار جسيمة للأهالي والسكان وبسقوط ضحايا بريئة من جهة ويقطع اوصال الوطن بعضها عن بعض، مؤكداً بحسب ما تسرب عن ذاك اللقاء، بأن مناطق اخرى من لبنان كالجبل او الضاحية او طريق الجديدة على سبيل المثال لا الحصر وغيرها من المناطق تزاول حركتها اليومية وتعج شوارعها بالإزدحام كما هو حال المؤسسات التجارية فيها بشكل شبه طبيعي رغم الغلاء الفاحش والصعوبات ومعاناة المواطن الناجمة عن الإحتكار وارتفاع اسعار الدولار الى ما هنالك، مما دفع بالبطريرك الراعي،بعد الإقتناع بكلام اللواء ابراهيم الى الطلب من الجميع الإنسحاب من الشوارع وعدم قطع الطرقات لأي سبب من الأسباب، وعدم احتجاز حرية المواطنين، مؤيداً معالجة الجيش اللبناني لهذا الأمر، وهكذا حصل بالفعل. فيما اصدرت القوات اللبنانية على الأثر بياناً اكدت خلاله انه لم يكن لها علاقة بقطع الطرقات لا من قريب ولا من بعيد.

اذن، حسناً فعل اللواء ابراهيم بإقناعه البطريرك الراعي بمخاطر قطع الطرقات، وحسناً فعل البطريرك الراعي بأن تجاوب واقتنع برؤية «صمام الأمان للبنان اي اللواء ابراهيم»، الذي من دون جدل او شك يحظى بثقة جميع المسؤولين والمعنيين من دون استثناء، وهذا الأمر بحد ذاته يكفي لكي يشهد للرجل بمدى حكمته وتجرده وبوطنيته الصادقة واخلاصه لهذا البلد. 

ان ما قاله اللواء ابراهيم للبطريرك الراعي بشأن خطورة اقفال الطرقات يمكن اختصاره بأن كلام اللواء يبقى دائماً لواء الكلام. والله يحمي اللواء ابراهيم ويحمي لبنان وكل اللبنانيين.