بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الثاني 2022 08:06ص لبنان يحتفل باستقلاله في ظل شغور رئاسي هو الرابع في تاريخه

مصادر لـ«اللواء»: تعطيل انتخاب رئيس يُلحق ضرراً فادحاً في التوازن بالسلطة

حجم الخط
حلّت ذكرى الاستقلال79 هذا العام فاقدة لأي معنى وطني في ظل شغور رئاسي أُغلقت معه أبواب القصر الجمهوري بشكل كامل ولفترة غير محدودة، وحكومة تصريف أعمال مكبّلة دستوريا، ومجلس نيابي يتخبط أعضاؤه في جملة تناقضات، وشعب يعيش في نفق مظلم ببلد يشهد يوميا انهيارات غير مسبوقة على كافة المستويات.
وللأسف فإنها ليست المرة الأولى التي تمرّ فيها ذكرى الاستقلال بغياب الاحتفالات الوطنية التقليدية والسبب هو الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية الذي بات متعمّدا نتيجة كيديات وحسابات وانقسامات عمودية تهدّد كيان الوطن.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ«اللواء»: «انها المرة الرابعة منذ الاستقلال يحتفل لبنان في هذه الذكرى دون رئيس للجمهورية، فالمرة الأولى حصلت بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل في 22 أيلول 1989 وهو الشغور الذي انتهى بانتخاب الرئيس رينيه معوض عام 1989 الذي كتب له الاستشهاد في ذكرى الاستقلال بعد أيام قليلة من انتخابه، أما الشغور الثاني والأطول الذي أدّى الى غياب الاحتفالات الرسمية لمدة عامين متتاليين فكان بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار 2014 وانتهى في 31 تشرين الأول 2016 بانتخاب الرئيس ميشال عون وها هو الاحتفال الرابع للاستقلال الذي يعيشه لبنان دون رئيس للجمهورية».
من ناحيتها، تصف مصادر سياسية دستورية لـ«اللواء» يوم الاستقلال بأنه أصبح يوما حزينا في ضوء الشغور الرئاسي، داعية الى أن تكون هذه الذكرى مناسبة لصحوة ضمير لدى المسؤولين في البلد، لا سيما الذين يضعون مصالحهم الشخصية كأولوية على حساب المصلحة العامة.
وتعتبر المصادر أن عدم انتخاب رئيس يشكّل خيانة عظمى للوطن، لا سيما ان هناك من يعمل على تعطيل المؤسسات الشرعية التي يجب أن تحافظ على الاستقلال، وترى المصادر ان الشغور المتعمد هو جريمة تُرتكب بحق لبنان واستقلاله معا، وكل ما يقال غير ذلك لا يبرر إطلاقا استمرار الفراغ ولا يبرئ كل من يعتدي على المؤسسات الدستورية ويفرط بواجباته الدستورية التي من المفترض أن يمارسها النواب ويحترموها وهم أصحاب العلاقة والمسؤولين عن هذا الاستحقاق.
وتشير المصادر الى ان من فرّط بالمحافظة على الدستور هو بالدرجة الرئيس السابق ميشال عون من خلال توليه موقع رئاسة الوزراء بالوكالة وبالتالي مهام رئيس الجمهورية في عهد الرئيس أمين الجميل تحديدا حين منع حصول الانتخابات الرئاسية وتولي أي شخص غيره المسؤولية وتعطّلت الرئاسة الأولى نتيجة ذلك لفترة طويلة من الزمن أدّت الى نشوب «حرب الإلغاء» و«حرب التحرير» ودُمر البلد، ورغم ذلك استمر في نهجه هذا لاحقا بالتعاون مع «حزب الله» وبحماية سلاحه في العام 2014 وما بعده، كذلك الأمر قبل انتخاب الرئيس ميشال سليمان في العام 2008 حيث اصبح التعطيل تقليدا في الحياة السياسية والدستورية اللبنانية بفضل ميشال عون المسؤول عن تخريب السياسة والسيادة اللبنانية.
وتلفت المصادر الى ان تكليف رئيس الحكومة له أصول محددة بناءً على الاستشارات النيابية ومن ثم يتم تشكيل الحكومة، ولكن وبسبب الاستقواء على الدستور تعطّل عمل المؤسسات الرسمية وبات البلد واقع في فراغ رئاسي، وحكومة فاقدة لصلاحياتها الطبيعية حيث تمارس مهامها بالمعنى الضيق جدا، وهذا الأمر أدّى الى طرح إشكاليات عديدة حول عملها ولكن مهما يكن فالضرورة تستدعي قيام الحكومة الحالية بتسييّر شؤون البلد والناس في مرحلة الشغور بموقع رئاسة الجمهورية حسب ما تشير المصادر التي تلفت الى ان هناك بعض الصلاحيات الملتصقة بشخص الرئيس لا يمكن للحكومة أن تحل مكانها، علما ان بإمكانها ممارسة بعض مهام الرئيس إذا كانت حكومة مكتملة الأوصاف، ولكن تعود المصادر وتعتبر انه مهما يكن فإن صلاحيات الحكومة تبقى محدودة وعلى مجلس الوزراء أن يتوافق لما فيه مصلحة البلد، وتعتبر ان تجربة الشغور الرئاسي أثناء حكومة الرئيس تمام سلام لم تكن مشجعة خصوصا من قبل الفريق الذي يملك السلاح أي «حزب الله» والذي يغطيه «التيار الوطني الحر».
وإذ تؤكد المصادر أن الخاسر الأكبر في النظام السياسي اللبناني هي الطائفة المسيحية في لبنان بإعتبار ان تعطيل انتخاب رئيس يعني القضاء وتفريغ مركز السلطة الذي يتولاه أحد أفراد الطائفة المارونية، تشير الى ان هذا الأمر يلحق ضررا فادحا في عملية التوازن بتوزيع السلطة وكذلك في الوجود والدور المسيحي فيها.
وحول ما إذا كان هناك وجوب تعديل بعض بنود الدستور نتيجة الشغور المتكرر في سدة رئاسة الجمهورية تقول المصادر السياسية: «من الضروري أن يصار الى بعض التعديلات على النظام الدستوري علما ان اتفاق الطائف لم يطبق بحذافيره وبشكل سليم، ولكن بعد التجربة فان هناك بعض الأمور يجب معالجتها لوضع حد للثغرات ولتأمين استمرارية السلطة مهما كانت الظروف التي يمرّ بها البلد».
وتختم المصادر بدعوة جميع المسؤولين للعمل لإنقاذ الدولة التي أصبحت في مرحلة الانهيار الكامل، وتشدد على ان الواجب يقتضي ضرورة محاسبة النواب الذين يتغيبون عن جلسات الاقتراع لعدد محدد من المرات دون عذر شرعي لان غيابهم يساهم بشكل مباشر في تعطيل الانتخابات الرئاسية وبالتالي شلّ الحياة السياسية