بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 شباط 2022 12:01ص لتخرس أبواق المذهبية فهي تؤدّي إلى إنتاج الدويلات

حجم الخط
الكلام عن المذهب وما يريده بعض أصحابه الذين يغذّون هذه النزعة صباح مساء ويطرحونها ويتاجرون بها على المستوى الوطني أمر يثير الريبة والحساسيات، ويؤدي الى إنتاج دويلة ضمن الدولة، وهذا الأمر يرتقي الى مستوى الخيانة، وأمر مشبوه بحيث تحلّ العصبية محل الحوار مما يشكّل تهديداً للسلم الأهلي، وتقوقع أفراد المذهب كل في كانتونه.

تصوّروا ان الثمانية عشرة طائفة مع مذاهبها تعزف هذه المعزوفة فعلى ما هو سيكون مصير الوطن ومصير الدولة الى الهلاك والزوال طبعاً، فلا يمكن مثلاً للسنّة أو للموارنة أو للشيعة وغيرهم أن يفكر كل منهم بالتفرّد والاكتفاء بأنفسهم والعمل على الاستنهاض الطائفي والمذهبي بديلاً عن الاستنهاض الوطني، حيث يكونون يلعبون لعبة التقسيم ولعبة التجزئة والشعوبية الجديدة التي تخطط لها قوى الاستكبار العالمي وتعمل لها الصهيونية العالمية والكيان العنصري على أرض فلسطين، وتبدأ عندها حرب البيانات، وبعدها حرب فعلية بين الأخوة في الدائرة الصغرى (دائرة الطائفة والمذهب) لتشمل لاحقاً بين الاخوة في الدائرة الكبرى (دائرة الوطن)، فحذاري حذاري أن نقع بهذا الفخ المميت.

وأعتقد جازماً ان شعبنا اللبناني لديه المنعة وحسن التفكير والإيمان بأنه سوف لن يعطي الفرصة لهؤلاء التجار أن ينجحوا في مخططاتهم تنفيذاً للمؤامرة الكبرى، ومن هنا علينا تعزيز هذه المناعة والإيمان لدى العامة، والانتباه الشديد الى هؤلاء التجار المذهبيين الذين يتصلون بالمصدر المخطط ويتبعون توجيهاته، وان هذا التعزيز الذي نتحدث عنه يقتضي أن يوجه الى المواطن البريء الذي لا يفطن الى مخاطر الانزلاق والوقوع في تصرفات هي في النهاية عدوّة له ولوطنه ولوجوده.

من أجل ذلك ندعو رؤساء الطوائف الى إقفال منابرها التي يقوم من خلالها المذهبيون ببث سمومهم على مدار الساعة لأن هؤلاء مصرّون على استعمالها عن سوء نيّة مبيّتة ومقصودة.

وننبّه الى ان بعض الأفراد والجماعات والزعامات والطوائف والمذاهب عليها الإقلاع من أن تأخذ من لبنان الوطن لتبني نفسها، لأن ذلك في حال استمراره تكون تبني على أنقاضه، حيث ان الدولة هي المسؤولة عن أمن المواطن وأمانه واطمئنانه وليس مذهبه، والدولة هي المسؤولة عن صحة المواطن وحقوقه وتعليمه وتأمين المساواة والعدالة في الوطن وليس الطائفة أو المذهب.

ولا بد من التأكيد ان الكلام في الطائفية والمذهبية يحييها ولا يميتها، من أجل ذلك فإن العمل لتحقيق المساواة بين اللبناني واللبناني هي الطريق الصحيحة وليس كما يشاع ويطالب به بأن تتساوى الطوائف بعضها ببعض لأن هذا يعني بوضوح تعزيزاً للدويلات ليس إلّا.

ان ما وصلنا إليه هو نتيجة العقلية العفنة الانطوائية التي كان من نتائجها لكل مذهب جامعاته، ومدارسه، وفرقه الكشفية، وأعلامه، وإعلامه، ونشيده، ومشاريعه على أنواعها، مما أدّى الى تعرّض الدولة والمؤسسات للاهتزاز.

من هنا بدأنا نسمع أصواتاً للفيدرالية والكونفودرالية وغيرها التي تخفي التقسيم والتجزئة مما يحتّم على كل القوى الحيّة في المجتمع اللبناني أن تتّحد وتضع نصب أعينها كيفية الرد على هذه المؤامرة الخبيثة والقضاء عليها ووضع أسس العطاء للوطن والنهوض به.

ونردد هنا ما قاله دولة الرئيس تقي الدين الصلح بهذا الخصوص: «إذا توقف أبناء الوطن عن العطاء توقف الوطن عن البقاء».. وما قاله أيضاً: «أتمنى أن يأخذ اللبنانيون من تلك الآلام والجراح عبرة ودرساً للمستقبل بحيث لا يفسحون المجال لأن يكون وطنهم الصغير ساحة يلعب بها أو يتصارع عليها أي فريق شقيقاً كان أم صديقاً فضلاً عن العدو».

لقد آن الأوان أن نستيقظ، ونطرد المتآمرين من حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.



* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب

* المنسق العام لشبكة الأمان للسلم الأهلي