بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 شباط 2018 12:00ص لضرورة مواجهة خَطَرُ شرذمة الصوت السُنّي البيروتي

حجم الخط
على الرغم من هجانة قانون الانتخابات المسمّى زوراً «النسبي»، إسماً دون جوهر، هلّت بشائر الترشيحات، وجلبة الطامحين إلى لقب «صاحب السعادة»، بحيث تشهد بورصة الانتخابات إقبالاً على الترشّح من جميع الفئات، على سبيل المثال لا الحصر، ناشطون مدنيون، منفردون، أو معارضون للطبقة السياسية.
وإنْ كان الدستور يرعى حق اللبنانيين كافةً في الاقتراع والترشّح، إنّما المرحلة الراهنة مع كل ما تحمله من صعوبات وتحديات تحتاج الى دقة وحنكة في الأداء السياسي، ما يعني ان يكون المرشّح صاحب رؤية ومشروع سياسي، وأن يمتلك نضجًا سياسيًا ووعيًا براغماتيكيًا ودماثة في التعاطي وقدرة على الحركة والتحريك والقيادة، والاهم من كل ذلك ان يكون صاحب قرار حرّ وشعبية وازنة.
يطالعنا من بين افواج المرشّحين أشخاصٌ على مستوى من الخبرة وقدر من الأهمية وهؤلاء لهم فرص نجاح جيّدة في الوصول الى البرلمان، اذا ما تمّت مساندتهم ودعمهم على الصعد كافة. وآخرون فرصهم شبه معدومة ولا يمتلكون اي مقوّمات لأداء دور في الشأن العام، فلا هم اصحاب خبرة ولا رؤية لديهم، وفيهم مَنْ ترشّح بحثاً عن جائزة ترضية او شهرة، أو بسبب حماسهم المفرط وتشجيع محيطهم وعائلتهم لهم، وآخرون تحدياً لجهة سياسية، وغيرهم لزوم ما لا يلزم فقط لاستكمال اللوائح.
اذاً، هناك عددٌ كبيرٌ جداً من المرشّحين وجملةٌ منهم لا تملك فرصاً جديّة للنجاح، وبالتالي فإن ترشيحها سوف يأخذ بعضاً من الاصوات دون التوصل الى الحاصل الانتخابي المطلوب، وبالتالي ضياع وتشتيت هذه الاصوات من درب المرشحين الأكثر جدّية.
ان المشهد البيروتي الحالي واضحٌ ولا يمكن وصفه بكلمات مُنمّقة كي لا يتم الاستخفاف بخطورته، فبدلاً من الاتحاد لتشكيل كتلة قوية بوجه من اوصل البيارتة الى هذه الحالة من التراجع والاحباط والمظلوميّة، أصبح الانقسام والتفرقة سيّدا المشهد... ما هكذا يكون السعي الى التغيير!
في ما خص أهل السنّة في دائرة بيروت الثانية، ونظراً إلى الكم الهائل من المرشّحين، فعلى كل شخص مرشّح ان يدرك أثَرَ ترشّحه على الساحة البيروتية كي لا يتسبّب بتشرذمِ الصوت السنّي في هذه الدائرة، ويجب ان يفهم أن الجمع أفضل من التفرقة، ولو على حساب مصلحته الخاصة. 
المطلوب حالاً من المرشّحين ان يقوموا بجردة حسابات ليعرفوا حجمهم الانتخابي الحقيقي فيسارعوا الى افساح المجال امام المرشّحين الأكثر حظاً في النجاح. والمطلوب من كبار أهل بيروت وشخصياتها المرموقة أن تسدي النُّصح للمرشّحين للحؤول دون شرذمة أصوات البيارتة وخصوصاً أهل السنّة. امّا المرشّحون الأقوياء فتقع مسؤولية رص الصفوف وانشاء لوائح جامعة موحّدة على عاتقهم فما خاب من قال ان في الاتحاد قوة!
لا تضيّعوا هذه الفرصة الذهبية لتغيير واقع حالناعبر الاكتفاء بالتفرّج على «الهرج والمرج» القائم، فالوضع لا يحتمل المسايرة وتمشيط الذقون!