بيروت - لبنان

5 حزيران 2020 12:02ص لماذا الإصرار على سلعاتا وهل تجربة «العوني» في الكهرباء مازالت توحي بالثقة؟

صندوق النقد لم يقتنع بخطة الحكومة لإصلاح القطاع!

حجم الخط
أعطت إعادة تبني مجلس الوزراء لخطة الكهرباء التي تلحظ إقامة معمل انتاج في سلعاتا، بعدما سبق له وصوت لصالح عدم إنشائه في جلسة سابقة عقدت في السرايا، دليلًا حسياً على أن  لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل القدرة، ومن خارج التركيبة الوزارية على التأثير في قرارات الحكومة، وتحديداً ما يتصل منها بملف الكهرباء، حيث كان له ما أراد، من خلال ما فرضه رئيس الجمهورية ميشال عون على الوزراء بإعادة تبني خطة الكهرباء التي تتضمن وجود ثلاثة معامل لإنتاج الكهرباء، في الزهراني وسلعاتا ودير عمار. بالرغم من كل ما أثير من تساؤلات متصلة بجدوى إقامة معمل في سلعاتا، في ظل تأكيدات الخبراء على أن معملي الزهراني ودير عمار، وبعد تحديثهما، قادران على تأمين الكهرباء إلى مختلف المناطق اللبنانية، وتالياً ليست هناك حاجة لإنشاء معمل ثالث، سواء في سلعاتا أو في غيرها.

وأكثر ما يثير الاستغراب في ملف الكهرباء، إصرار «التيار العوني» على التشبث بإقامة معمل في سلعاتا، بالرغم من تكلفته الباهظة الثمن مع استملاكاته المفترضة، في وقت مضى أكثر من عشر سنوات على وجود حقيبة الطاقة بيد هذا الفريق، دون أي تحسن في وضع الكهرباء، ناهيك عن تصاعد روائح الفساد والإفساد في هذا القطاع، وعلى وقع الانتقادات المستمرة لتمسك «الوطني الحر» بخيار البواخر دون غيره من الخيارات الأخرى، ولذات الشركة المشغلة، على نحو طرح العديد من الأسئلة غير البريئة عن أبعاد هذا الإصرار المتمادي على خيار البواخر وحده . الأمر الذي لا يوحي مطلقاً وبحسب ما تقوله ل»اللواء» أوساط نيابية متابعة لهذا الملف، «بأي إمكانية لتحسن قطاع الكهرباء في لبنان، طالما استمرت وزارة الطاقة بحوزة التيار الوطني الحر الذي أثبت فشلاً ذريعاً في إدارة هذا القطاع. وبالتالي لن يكون عملية إنشاء معمل لإنتاج الكهرباء في سلعاتا، إلا محطة جديدة من محطات الهدر المالي المستمرة، لتحميل لبنان المزيد من الخسائر والانهيارات».

وتشدد الأوساط، على أن «اللبنانيين يتذكرون جيداً، أن الوزير باسيل، في الـ2010، في حكومة الرئيس سعد الحريري، وعد بتأمين الكهرباء طيلة 24 ساعة، وفي كل مرة كان يطلق الوعود نفسها دون أن يتحقق شيئ منها، لا بل أن وضع القطاع بعد عشر سنوات من خطة باسيل الشهيرة، زاد الوضع سوءاً وأصبحت معاناة الكهرباء، على درجة كبيرة من التردي، لا يمكن معها توقع أي إصلاح، طالما أن باسيل وفريقه المتحكم بوزارة الطاقة يرفض في كل مرة إنشاء الهيئة الناظمة لهذا القطاع، كونها ستضع يدها على إدارته، ما يفقد وزير الوصاية الكثير من الامتيازات وفي مقدمها الإشراف على توقيع العقود، وما أدراك ما توقيع العقود. وبالتالي لا عجب في أن يقاتل باسيل والوزراء الذين تولوا وزارة الطاقة من مستشاريه «النجباء»، من أجل عدم إنشاء الهيئة الناظمة، لأنهم يدركون أنها ستأخذ منهم كل هذه الامتيازات التي بحوزتهم، لا بل أكثر من ذلك، لأنه ليس هناك رغبة جدية في إصلاح ملف الكهرباء، وكي يبقى جرحاً نازفاً في الخزينة، باعتبار أن المستفيدين كثر من بقاء هذا الوضع على ما هو عليه». 

وتكشف المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أن وفد صندوق النقد الدولي الذي يجري مفاوضات مع الحكومة، لم يقتنع بما سمعه من أجوبة على كثير من الأسئلة التي طرحه، بشأن خطط إصلاح قطاع الكهرباء، خاصة وأن التجارب السابقة لا تشجع على توقع حصول معجزة، في أن يبادر الفريق الذي يمسك بزمام وزارة الطاقة منذ ما يزيد على عقد من الزمن، على اتخاذ خطوات جادة لتحسين أداء التيار الكهربائي، من خلال خطة واضحة المعالم، قادرة على إنقاذ لبنان من العتمة الشاملة، في حال بقي التسيب والاهتراء متحكمين في قطاع الطاقة. وأكثر من ذلك فإن الصندوق ومعه الكثير من الدول المانحة، ليسوا على قناعة أن الفريق الذي أخفق في أن يصلح الكهرباء في بلده على مدى سنوات طويلة، قادر على أن يتولى هذه المهمة الآن، فيما وضع لبنان يزداد سوءاً، مع تفشي الفساد على نطاق واسع في مؤسسات الدولة، وما يحصل على صعيد الكهرباء، لهو أبرز دليل على ذلك، في الوقت الذي لا زال البلد  يضج بأصداء فضيحة الفيول المغشوش التي ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة.

وتشير المعلومات إلى أن الصندوق، كما مؤسسات مالية دولية أخرى، تحاذر في دعم لبنان لإصلاح وضع قطاع الكهرباء، طالما بقيت العقلية المتحكمة بهذا المرفق نفسها. وليس هناك أي استعداد جدي من جانب هذه المؤسسات، لأن تبادر إلى المساعدة، إذا لم تشعر بأن هناك إرادة حقيقية في لبنان للإصلاح، وليس لمجرد كسب الوقت بالوعود الفارغة، للحصول على مساعدات تذهب للمحاسيب والأزلام، كما هي الحال في مراحل سابقة، عندما لم تحسن الحكومات المتعاقبة في لبنان على الاستفادة من الدعم الدولي الذي قدم، لإصلاح القطاعات، وفي مقدمها الكهرباء. ما يجعل لبنان أمام منعطف دقيق يفرض عليه اتخاذ حتمي وسريع بالإصلاح، قبل أن ينهار الهيكل على رؤوس الجميع.