قالت جين ساكي المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض بأن الصين تجهد بتوسيع وجودها ونفوذها في الشرق الأوسط وقد باتت قولاً وفعلاً الشريك التجاري الأول للعديد من دول المنطقة وبات من الصعب أن تكون هناك عقوبات جديدة يمكن تطبيقها عقب اتفاقية الشراكة بينها وبين ايران.
وقد رأى بعض الخبراء أن قرار ايران بالاعتماد على الصين يتعملق يوماً بعد يوم لأن بكين تكون قد منحت طهران شرياناً حيوياً اقتصادياً وسط العقوبات الأمريكية عليها ، وبات من شبه المؤكد أن تؤدي تلك السياسة إلى تعميق نفوذ الصين في الشرق الأوسط وفي المقابل بات من السهل تقويض الجهود الامريكية الهادفة إلى ابقاء ايران معزولة جراء النزاع الذي لم يلقَ طريقه إلى الحل والمتعلق ببرنامج طهران النووي.
ويُدخل الاتفاق ايران في مبادرة الحزام والطريق الصينية المتجسد في مشروع صيني عملاق يغطي 66 دولة في ثلاث قارات وهي آسيا وأوروبا وأفريقيا ويسعى إلى تسريع وصول المنتجات الصينية إلى الأسواق العالمية لتلك البلدان.
اما خطة البنية التحتية للمشروع فتُقدر قيمتها بترليونات الدولارات وتهدف الصين عبرها إلى تشييد شبكة واسعة من مشروعات البنى التحتية من شرق آسيا إلى أوروبا.
وفي 27 آذار 2021 علقت صحيفة نيويورك تايمز على الاتفاقية قائلةً بأنها ستقدم للصين تأثيراً عميقاً في الشرق الاوسط وستؤثر في المقابل على الخطط الأمريكية لعزل ايران وتضيف الصحيفة بأن الاتفاقية التي وقعت في مقر الخارجية الايرانية كانت نتاجاً لزيارة وزير الخارجية الصينية لطهران وهو الذي صرح قائلاً بأن على الولايات المتحدة واجب الغاء العقوبات على ايران.
وقد نصت مسودة الاتفاقية على استثمار 400 مليار دولار في عدد من المجالات بما فيها القطاع المصرفي والاتصالات والرياضة والسكك الحديدية والصحة وتكنولوجيا المعلومات وعلى مدى يصل إلى 25 عاماً ، وفي المقابل ستحصل الصين على نفط بشكل منتظم وبأسعار مخفضة ، وشملت المسودة دعوة للتعاون العسكري بما في ذلك التدريب والمناورات العسكرية المشتركة وتطوير الأسلحة والتشارك في المعلومات الأمنية.
وكانت صحيفة الصين اليوم التي يصدرها الحزب الشيوعي الصيني الحاكم قد كشفت عن خطة من خمس نقاط لتحقيق الامن والاستقرار في الشرق الاوسط عبر تقديم دفعات بناءة للحوار الفلسطيني الاسرائيلي واستكمال الاتفاق النووي مع ايران وبناء إطار عمل أمني في المنطقة ، علماً أنه بتاريخ 15 تموز 2020 أي قبل توقيع الاتفاقية رسمياً بأشهر كان الخبير العسكري الاسرائيلي أمير بار شالوم الوثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية الاسرائيلية قد قال بأن التقديرات الأمنية و العسكرية الاسرائيلية تترقب نشوء شرق أوسط جديد وهذه المرة بتدخل صيني في ايران ، وأكد ان الصين تستورد 10 ملايين برميل من النفط يومياً لتلبية احتياجاتها الصناعية ويمكن لايران في هذه الحالة أن تمدها بما يقرب من 90% من الاحتياجات بدون عقوبات وأضاف أن التزويد القوي للنفط يستحق الكثير بالنسبة إلى الصين ، بينما يشكل خطراً على سياسة واشنطن الساعية إلى تحقيق انهيار ايران عبر الاستمرار في المضي قدماً بفرض الحظر الاقتصادي الخانق.
كما ان الأوساط العسكرية الاسرائيلية تعتقد بأن الصين حددت لنفسها خياراً تتحدى بموجبه كل تواجد أمريكي في العالم بدءاً في ميناء عسكري في جيبوتي شرق افريقيا بحجة وجود قاعدة لوجستية للقوات التي تقاتل القراصنة الصوماليين ، مروراً بحضور صيني عند مدخل الخليج العربي ، ما يعني أن واشنطن لن تكون القوة المهيمنة الوحيدة بعد اليوم على مضيق هرمز الذي يتضمن ممرات الشحن المجاني.
وأشار خبراء اسرائيليون بتاريخ 28 آذار 2021 ومن ضمنهم رئيس مركز أبحاث الامن القومي في جامعة حيفا دان شيفتان إلى أنه مع التوقيع على الاتفاقية ، سيكون لدى اسرائيل سبباً آخراً للقلق الشديد إذ أن التعاون العسكري والاستخباراتي بين بكين وطهران يمس بقدرة الولايات المتحدة واسرائيل على افشال البرنامج النووي الايراني خصوصاً إذا قررت ايران الاختراق إلى القنبلة الذرية علماً أن خبراء آخرون حذروا من أنه في حال تطور الحلف الايراني الصيني قد يجد الشرق الاوسط نفسه مرة أخرى في حرب باردة بين القوى العظمة بصورة تهدد اسرائيل.
وفي السياق عينه رأى معلقون اسرائيليون بأن الاتفاقية ستمنح ايران طوق نجاة لاقتصادها المنهار وامكانية الالتفاف على العقوبات الأمريكية وحذروا بالقول من ان الاتفاقية التي تعمق التعاون العسكري بين الطرفين ستؤدي إلى حلول موطئ قدم صينية في منطقة ذات أهمية استراتيجية عليا للولايات المتحدة الامريكية ، وبالتالي ستكسب بكين وجوداً استراتيجياً في المنطقة في حين أن واشنطن ستتلقى ضربة معنوية قاسية لمكانتها في المنطقة عينها ما سيؤدي إلى تفاقم التوتر بين أمريكا والصين.