بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 آب 2022 08:17ص لماذا قال بشارة الخوري في ما وصل إليه: «الحق على الطليان»؟

بعد أسبوع تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية

القصر الجمهوري: هل يسكنه الفراغ أم رئيس جديد؟ القصر الجمهوري: هل يسكنه الفراغ أم رئيس جديد؟
حجم الخط
مع اقتراب بدء  المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبنان التي لم يعد يفصلنا عنها الا سبعة أيام ، تكثر الأسئلة والتحليلات والتوقعات حول اسم الرئيس العتيد ومن هذه الأسئلة:
الى متى يبقى اللبنانيون يجهلون اسم رئيسهم المحتمل أو المرشح الأوفر حظا حتى ربع الساعة الأخير ؟ أو هل سيدخلون في حالة فراغ كما درجت العادة منذ نهاية عهد الرئيس أمين الجميل وتكررت مرتين بعده ؟
الى متى يظل الرئيس المحتمل مرهونا الى التجاذبات الإقليمية والدولية ، ورهين ما يطلق عليه «الوحي» ؟
والى متى سيظل اللبنانيون يسمعون أن فلانا في سنة معينة نام رئيسا ، فانتخب في اليوم التالي بديلا عنه ؟.. وغيرها الكثير من الأسئلة.. التي يدخل في سردياتها حديثا: هل سيتم انتخاب الرئيس في المهلة  المحددة دستوريا أم سيتكرر الفراغ الرئاسي كما حصل في أعوام:1988 و 2007 و2014 ؟
منذ أن كان للبنان رئيس في شهر أيار عام 1926، لم تتوقف التدخلات والوساطات والتدخلات الخارجية العلنية والسافرة  أحيانا ، في الشأن الداخلي اللبناني.
صحيح، أنه كان هناك دائماً «وحي» لممثلي الأمة، لكن الأصح، كان هناك بعض الحياء بحيث يبقى هذا «الوحي» خلف الكواليس، ليحفظ ماء وجه الجميع: من الرئيس المنتخب، إلى النواب الناخبين، وإلى أصحاب «الوحي» من عرب وأجانب، حتى أن العامة من الناس كانوا يعتقدون أنها لعبة داخلية بحتة انتخبت فلاناً أو فلاناً رئيساً.
يرفض رئاسة تجعله يخجل من نفسه
حتى في زمن الانتداب الفرنسي حينما أعلن المندوب السامي الفرنسي هنري دو جوفنيل في حفلة عامرة من قصر بسترس في الأشرفية.. «هذا هو رئيسكم» مشيراً بإصبعه إلى شارل دباس، حفظت كرامة المرشحين والناخبين، ويذكر أنه في تلك الفترة، جاء عدد من النواب إلى الوجيه البيروتي المعروف والأغنى نجيب يوسف سرسق، يعرضون عليه الرئاسة شرط أن يدفع ثمنها، لكنه أجاب بحسم «ستين سنة على رئاسة تجعلني أخجل من نفسي ومنها، ومن النواب الذين ينتخبوني بالأجرة».
حتى في معركة الانتخابات الرئاسية الثانية في زمن الانتداب الفرنسي في العام 1936 بين إميل إده وبشارة الخوري، كان هناك نوع من الأصول في اللعبة التي تحمي كرامة الجميع من نواب وطباخين.. وقبل أي شيء الظهور أمام الناس أن هناك أصول ولعبة وتنافس ديمقراطي.
وفي الانتخابات الرئاسية في العام 1943، ورغم التنافس البريطاني ـ الفرنسي الحاد، إلا أنه كان هناك نوع من الاعتبار لـ«مظهرية» الديمقراطية إن جاز التعبير، آنئذ لعبها سبيرز حتى النهاية لمصلحة رجل الإنكليز كميل شمعون، لكن العين كانت على رجل آخر هو بشارة الخوري.
وفرنسا التي كانت خارجة من الحرب العالمية الثانية مهزومة ومحررة بواسطة الحلفاء، اضطرت أن تختار أهون الشرين بالنسبة لها، فقبلت بالخوري، لكن كل ذلك كان خلف الكواليس.
الحق على الطليان 
وفي العام 1952، حينما كانت تطورات المنطقة تشي إلى الهجوم الواسع الذي تتعرض له من أجل زيادة تقسيمها بعد سايكسـ بيكو، ومن أجل السيطرة على ما تختزنه من ثروات ستكون الدم الذي يغذي اقتصاديات العالم والشريان الذي يضخ منه هذا الدم، وكان من أبرز تجلياتها قيام الكيان الصهيوني وتشريد الشعب الفلسطيني.. كان هناك أيضاً بعض الحياء، فالإنكليز الذين تدخلوا بقوة من أجل إسقاط بشارة الخوري، كانوا يتحركون في الخفاء ومن وراء الستارة، وكانت سفارتهم في بيروت تتدخل في الصغيرة والكبيرة، وكان المستشار الشرقي في السفارة مارون عرب في تلك الفترة يطلب هذا ويضغط على ذلك من أجل مرشحهم كميل شمعون.
وذهب التدخل البريطاني في الشؤون الداخلية لكن بشكل خفي، حداً جعل الرئيس الاستقلالي الأول يطلق طرفة صارت حديث اللبنانيين، وجسدها الفنان الراحل شوشو عنواناً لإحدى مسرحياته «الحق على الطليان»، وذلك كلما كان يُسأل من يتحمل مسؤولية ما وصلت إليه، وأدى إلى استقالتك؟.
آنئذ استنجد الإنكليز برجلهم الآخر في سوريا أديب الشيشكلي فلعب اللعبة حتى نهايتها، بالضغط، وجاء كميل شمعون بدلاً من حميد فرنجية الذي آثر أن ينسحب من السباق الرئاسي «حتى لا يخجل من نفسه» كما قال نجيب سرسق قبل 25 عاماً.
السخاء الأميركي!
وفي عهد شمعون دخلت كل المنافسات الدولية إلى الأرض اللبنانية، وصار الدفع والقبض علناً، لكن ضمن نطاق ضيق، حتى الدول الكبرى كانت تشتري الذمم بالسر، ومثال على ذلك ما يرويه إسكندر رياشي، عن أن الأميركيين قرروا شراء الذمم للتجديد لشمعون، فخصصوا عشرة ملايين دولار لهذه الغاية.
لكن أحداً لم يعرف ، كما يشير إسكندر رياشي:» أن الأميركيين هم الذين يقومون بالبيع والشراء، لأن الجميع تصوروا أن العراق هو من يقوم بهذه المهمة، لكن السفير العراقي في بيروت كشفها من دون أن يدري وينتبه، حينما كان يعتذر عند مقام عال قريب جداً من شمعون، ويقول مجيباً رداً على سؤال: «كان من الواجب أن يصل اللازم هذا الأسبوع، ولكن الأميركان تأخروا في دفع باقي العشرة ملايين دولار».
كان الأميركيون كما يؤكد إسكندر رياشي «يريدون أن يبرأوا أنفسهم من تهمة التجديد لشمعون، ولهذا أرادوا صبغ هذه العشرة ملايين دولار صباغاً عربياً محضاً، فيساعد في الحقيقة العراق في التجديد بمال يلبس رداءً عراقياً، في الوقت الذي كان فيه مالاً أميركياً ألفاً بالألف».