بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 أيلول 2020 07:24ص مُبادرة الحريري لم تُنسق مع «الثنائي» والأسماء بعهدة ماكرون

إيجابية عند بري وجنبلاط و«التيار الحر».. فهل زالت العقبات؟

حجم الخط
احتفظ زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري على مدار الأزمة الحكومية، بموقف ليّن تحت ستار تشدد لفظي غطى به التسوية التي أراد الوصول إليها في نهاية المطاف لعرضها على الطرف المقابل والتي عمل بها خلال الايام الماضية.

شخصية الرجل سمحت له في مراحل مختلفة باتخاذ مواقف صعبة ومنها بيان أمس الاول بتجرع السم. لكن الجميع يعلم أن براغماتيته من شأنها فتح الباب أمام حل منشود لا يمكن لغير «زعيم السنة» والقابض على الضوء الأخضر لتسوية تؤمن مساعدات الخارج لبلد منهار، القيام بها.

متسلحاً بتمرس في السياسة، لعب الحريري أول أوراقه مع الخصم وقدم العروض التي سارع «الثنائي الشيعي» الى رفضها. لكن الحريري وجه بذلك رسائل متعددة الى الخارج الغربي الأميركي وخاصة السعودي حول تشدده في رفع سقف التحدي، ما جلب عليه إنتقادات وملامة من قبل من يعتبر أنه تولى حمايته ورعاية خطواته بعد تدهور علاقاته مع الحلفاء، وليس خفيا أن من وجه تلك الانتقادات هم خصومه اليوم في المواجهة الحكومية وعلى رأسهم  الرئيس نبيه بري.

ولعل الجميع يعلم أن إمساك الحريري للعصا من المنتصف عبر تراجعه عن وزير سني للمالية وقبوله بوزير شيعي إستثنائياً من دون الاعتراف بالاعراف الجديدة التي حاول «الثنائي» تكريسها، سيحقق خرقا في جدار العائق الاهم امام تشكيل الحكومة من دون نفي عوائق اخرى قد تبرز في وجه الرئيس المكلف مصطفى أديب.

خشية من حكومة لون واحد

يؤكد محيطون بالحريري أنه أراد طرح المخرج «المناسب والمتوفر» من المأزق القائم وهو بذلك يسمح بتسوية هي بمنزلة الحل، كما أراد عرقلة مساعي من يريد فتح باب البلاد مشرعا أمام تغيير الصيغة في نظام مترنح قد يؤدي الى خراب البلد في هذا الظرف الدقيق.  

وثمة ما هو إضافي في ذهن الحريري يخشى منه كثيرون. إن عدم الولوج في الحل من شأنه ترسيخ أقدام حكومة تصريف الاعمال برئاسة الرئيس حسان دياب، أو ربما ما هو أسوأ بالنسبة الى الحريري وغيره في معسكره: حكومة لون واحد، أي حكومة دياب بلبوس أديب أو إسم جديد!

اتخذ الحريري قراره الجريء بعد تنسيق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن دون تواصل مباشر مع بري أو «حزب الله». هو تواصل بالواسطة الفرنسية التي تلقت الأسماء الشيعية لوزارة المالية ونقلتها الى المعنيين ومنهم الحريري طبعاً. وبغض النظر عن صحة أسماء تم تداولها كأحمد شمس الدين أو يوسف خليل أو إسم سيدة من عائلة أبيض من المرجح ان يطرح غيرها قبل الاعلان رسميا عن المحظي منها، فإن الأمر يتعلق بأسماء غير مستفزة أي غير تابعة مباشرة للثنائي، لكن الجميع يعلم أن الوزير المقبل لن يكون مستقلاً بالكامل كما عبّر بيان الحريري عنه..

هي فرصة وضعها الرئيس الأسبق للحكومة لتوفير محطة الأشهر لـ«حكومة مُهِمة» وإصلاحية يريدها الفرنسي تُجنب البلاد المهترئة الإنفجار وتقيها توقعات متشائمة للفوضى الشاملة التي تسقط الهيكل على الجميع ومنهم المتصلبين في وجه التسوية الحل.

ميقاتي والسنيورة

تلقى الحريري فورا السهام. الثنائي لم يعجبه المخرج للأزمة ويريد تعهدا ليس الحريري بقادر على توفيره لإيلاء مستدام لوزارة المالية عند الطائفة الشيعية، ناهيك عن قدرته على ذلك في حال أراد الحريري فعلاً توفير تعد كهذا. ومن ناحية نادي رؤساء الحكومات، فإن الأمر سيّان وإن عبّر عنه بتحفظ مهذب يُظهر التباين مع الحريري، وهو جاء خاصة من الرئيسين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، من دون أن يكون نادي الرؤساء طامحا بالمواقع أو راغباً بإختراع العراقيل، حسب متابعيه، وهو المتمسك بالمبادرة الفرنسية التي يرى فيها، كالحريري، المخرج الوحيد في هذه اللحظة قبل إنتحار البلد. 

لكن الثقل الشعبي لا يزال عند الحريري المتمتع بالشرعية وبالرمزيّة السنيّة التي دفعت ماكرون الى طلبه هذا منه بإجتراح الحل، متعهداً بتوفير دعم لا متناهي بعد ذلك، وهو كان الوسيط مع بري ومن خلاله مع «حزب الله» والجهة التي تلقت أسماء «الثنائي» لوزارة المالية.

مُزايدة سنيّة

ثمة من ينتقد عدم صلابة للزعيم «المستقبلي» مستشهداً بمواقف عديدة للحريري لعل أهمها إستقالته سريعا بعد تفجر الغضب الشعبي مع تاريخ 17 تشرين ومن دون التنسيق مع أحد من اللاعبين الداخليين.. ويذهب بعض المزايدين عليه في الساحة السنية الى وصف خطوته بـ«الإنبطاحية» أمام «هيمنة» «حزب الله»، لكن في كل الاحوال، يأمل كثيرون أن يخيط مبعوث فرنسي التسوية المقبلة بعد موافقة «الثنائي الشيعي» الذي يصف «المستقبليون» موقفه من مبادرة زعيمهم بالرمادي ويرفضون تصنيفه بالسلبي.

وحصل مسعى الحريري على دعم من الزعيم «الإشتراكي» وليد جنبلاط العائد من فرنسا، كما على دعم على استحياء من «التيار الوطني الحر». وفي هذه الأثناء يؤشر بيان أديب أمس الى نيته الشروع في برنامج عمل إنقاذي، على أمل تجنب أن يفتح موقف الحريري الباب أمام مطالب جديدة تتعلق بتحاصص طائفي وتناتش على الوزارات بينما تسير البلاد من دون مكابح نحو الهاوية!