بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 آذار 2020 12:01ص مَنْ المُستفيد من إجراء التوقيت الصيفي؟!

حجم الخط
كان المفكر الاميركي بنيامين فرانكلين أوّل مَنْ طرح فكرة التوقيت الصيفي عام 1784، خلال إقامته في باريس كمندوب للولايات المتحدة، إذ لاحظ الشروق المبكر للشمس في أشهر الصّيف، فاقترح توفير آلاف الأطنان من الشمع المُستخدم للإنارة عبر استيقاظ الناس أبكر بساعة واحدة خلال أشهر الصيف، لكن الفكرة لم تبد جدّية إلا في بداية القرن العشرين، حين طرحها من جديد البريطاني وليام ويلليت، وقدّمها كمشروع قانون إلى البرلمان الانكليزي عام 1908، لكن رُفِضَ اقتراحه.

وتحقّقت فكرة التوقيت الصيفي للمرّة الأولى أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث أجبرت الظروف البلدان المتقاتلة على إيجاد وسائل جديدة لادّخار الـطاقة، وكانت ألمانيا أوّل بلد أعلن التوقيت الصيفي، وتبعتها بريطانيا، وبعد الحرب تخلّت معظم الدول عن هذا النظام.وتستند فكرة التوقيت الصيفي والشتوي على استثمار ما يسمى بـ»ساعات الذروة» في نشاط الإنسان اعتماداً على ساعات النهار، ففي البلدان الشديدة البرودة يُلجأ الى تأخير الوقت ساعة واحدة، ويجري عكس ذلك في البلدان الشديدة الحرارة.

طُبّق العمل بالتوقيت الصيفي في لبنان في الفترات 1920 –1923، و1957 –1961، و1972-1978، ومنذ العام 1984 إلى اليوم، وفي عالمنا العربي يُطُبّق فقط في سوريا والأردن وفلسطين. وليست معروفة الأسباب الموجبة التي توخّاها إقرار التوقيت الصيفي في لبنان، علماً بأنّ الصيف مُتعب أساساً لما يتحمّله المواطن من شح الطاقة الكهربائية. هذا إذا كان هدفنا هو راحة المواطن. أما إذا كان السبب إطالة النهار للتقليل من استهلاك الطاقة الكهربائية وخصوصاً الإنارة، فمن الأجدى إضافة هذه الساعة في الشتاء لا في الصيف لما لساعات النهار من قصر في الشتاء.

وإذا كانت للوقت عند الشعوب المتقدّمة حسابات اقتصادية مُعقّدة قد تصل إلى حساب قيمة أو كمية المنتج بالثانية، فإنّ الكثير منّا في لبنان إلى الآن (مع الأسف) لا يدرك أهمية وقيمة الوقت.  ويبدو التوقيت الصيفي مُتّصلاً بالإنتاج في المصانع التي يُعتمد عليها في اقتصاد البلدان المنتجة، أما في لبنان فلا أهمية لهذا لسبب بسيط هو أنّنا شعب استهلاكي ونكاد لا ننتج شيئاً، وإذا طُبّق العمل بهذا التوقيت أو لم يُطبّق فليست للأمر أهمية، إذ الأحرى تغيير ساعات بدء وانتهاء الدوام بالنسبة إلى بعض الأعمال، ولا داعي لتعميم القضية على الجميع! لكن يبدو أنّ المستفيد الوحيد من التوقيت الصيفي هو شركات الطيران والمصارف لمجاراة التوقيت في أوروبا.

ويزداد الإزعاج عندما يحلّ شهر الصوم في تموز أو آب نظراً إلى الحالة النفسية للصائم لجهة متى يُفطِر ومتى يدخل في صلاة التراويح ومتى يُنهيها. كما أنّ التوقيت الصيفي يؤدّي إلى إحداث خلل في جهاز التوقيت الداخلي للإنسان (الساعة البيولوجية)، حيث إنّ الطبيعة نظّمت التغيّر النمطي للظلام والنور بشكل تدريجي طبقاً لاختلاف الأيام، والتوقيت الصيفي يعمل على إحداث خلل فيزيولوجي يؤثّر على الجهاز العصبي، فينعكس بشكل كبير على المراكز الخاصة بالنوم، والتي تتطلّب وقتاً طويلاً للتأقلم والتعود على المتغيّرات غير الطبيعية التي تطرأ على الإنسان، والمشكلة كما يبدو أنّ الإنسان ما أنْ يتكيّف مع ذلك حتى يكون قد انتهى العمل بذلك النظام والعودة إلى التوقيت الشتوي.

أخيراً لا بد من القول بأنّ هناك ضرورة لمراجعة دقيقة للاقتناع بجدوى التوقيت الصيفي وإلا إلغاؤه.