«من المؤسف أنه ما من أحد حتى الساعة عرف كيف يحكم لبنان، وأن يقضي نهائياً على الخيانات والمؤمرات بقضائه على الفساد والإفساد في الإدارة والصحافة، في مجال السياسة، في مجال الإحتكار والإستثمارالبشع....».
المعلم كمال جنبلاط
الأنباء 18/3/1967
قالها المعلم منذ أكثر من خمسين عاماً لكن الخيانة ما زالت الى اليوم تعشعش بين ظهرانينا بالتصرفات والأقوال، دون حسيب أو رقيب، وبدون مساءلة أو محاسبة، والمؤمرات تحاك ضدنا في الدوائر الأجنبية تنفيذاً لأجندتها والصهيونية في المقدمة منها.
ما زال البلد صامد بشعبه ومفكريه ومثقفيه وحقوقيه وفنانيه ورواد المجتمع المدني.
وما زال الفساد والإفساد في الإدارة والسياسة يتفاقم مضافاً اليها المحسوبيات التي تعزز الإحتكار.
آن الأوان اليوم أن يكون هذا الحراك الشعبي الذي وصل الى حد الثورة أن يشجع الأوادم وأصحاب الضمير ممن يتحملون مسؤولية ما في الدولة، ويشحذ هممهم في إتخاذ القرارات الحاسمة والسريعة للإنقاذ وقبل فوات الآوان وإستغلال ما يجري من حراك مطلبي ضد الفساد ونهب الأموال العامة والإحتكار والإستغلال ومحاولة العدو الصهيوني النفاذ اليه بشتى الطرق الداخلية والخارجية للجنوح به الى ما هو خارج الشعارات المطلبية من تنفيذ القوانين القائمة الكفيلة باسترداد المال المنهوب، واستصدار قوانين أخرى بمراسيم اشتراعية منعاً للمماطلة والتسويف تعطى صلاحية إصدارها لحكومة تطمئن لها الجماهير سواء أكان ذلك بتعديل للحكومة الحالية أو بديل عنها، لتقدم للشعب كل متطلباته وحقوقه المشروعة، بداية قانون انتخابي يعتمد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية، وإجراء انتخابات مبكرة تفرز قيادات تعرف كيف تحكم لبنان، وعلينا جميعاً وضع الأطر التنظيمية الواحدة وفق برنامج واحد وقيادة واحدة كفيلة في متابعة تنفيذ كل ما عبرت عنه الجماهير اللبنانية في الساحات كافة، رغم المحاولات العديدة من غرفة عمليات هدفها أن تسود الفوضى لإفساح المجال من خلال أنشطة مشبوهة لتغيير ما تريده الناس من حراكها.
المهم دائما التنفيذ وليس فقط إصدار القوانين، والمهم قبل ذلك وبعده الصدق لدى أرباب السياسة قبل فوات الآوان وحدوث ما لا يحمد عقباه والشواهد كثيرة ومنها ما حصل في نهاية اليوم الثالث من ثورة 25 يناير في مصر حيث غرقت الساحات بالدماء فعلينا أن نأخذ العبر والدروس منها لصالح شعبنا ووطننا.
ونردد مع المعلم كمال جنبلاط مع ما قاله في الأنباء بتاريخ 23/7/1954.
«ما نطلبه ويطلبه الناس في هذا البلد من السلطة ومن أرباب السياسة على السواء هو الصدق، أي أن يفعل الناس مايقولون به وما وعدوا به، لقد أفسد الكذب في السياسة أخلاقنا العامة، وأعاق تقدمنا وجعل اليأس والحذر يستوليان على نفوس الأكثرية من أبناء الشعب».
لتكن السلسلة البشرية التي انتشرت من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ونضالات شعبنا حافزاً لإنجاز القيادة والبرنامج والخطوات التنفيذية والمتابعة والمحاسبة والمساءلة، وحافزاً أيضاً لردع مقولة الفوضى ليبقى العمل شللاً شللاً وهذ الواقع أفضل للمتربصين بنا من الأعداء وأذنابهم ليحققوا أهدافهم المكشوفة.
* الأمين العام السابق لإتحاد المحامين العرب.