بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 حزيران 2022 12:04ص مجالس وزراء قصيرة العمر بين أيام وأربعة أشهر (3/3)

ثلاث حكومات في عهدَي حلو وفرنجية كانت أعمارها قصيرة

الرئيس شارل حلو الرئيس شارل حلو
حجم الخط
لم يقتصر عمر الحكومات اللبنانية القصير، على الأسباب الانتخابية، أو على رفض لتشكيلة ما لأسباب مختلفة، كما حصل مع الحكومة الشهابية الأولى عام 1958، فقد قصرت أيضا تطوّرات كبرى وأحداث جسيمة في أعمار حكومات، ومنها: حكومة الرئيس الراحل عبدالله اليافي الرباعية التي صدرت مراسيم تشكيلها في 20 تشرين الأول 1968 وضمّت الى اليافي: حسين العويني، ريمون اده، وبيار الجميل. وقد ولدت هذه الحكومة، إثر مناورة بارعة للرئيس شارل حلو، لأنه منذ بداية عهده عام 1964 عاش حائرا متردّدا بين قوى كثيرة، متأرجحا بين جميع الفئات والأحزاب، فخطر على باله أن يتخلص من هذا الموقف الحائر والمرتبك، ومن تلك الازدواجية، فلم يجد مخرجا سوى اللجوء الى الاستقالة، لعلّ السياسيين والنواب يهبّون كما هبّوا في 20 تموز 1962 يوم فاجأ الرئيس فؤاد شهاب اللبنانيين باستقالته.
لقد هبَّ عدد من السياسيين والنواب فتوافدوا الى مقر الرئاسة في سن الفيل، وبعد أخذ وردّ تراجع الرئيس حلو عن استقالته وانتهى الأمر، لكن ردّة الفعل هذه لم تحصل بالضخامة التي تمنّاها صاحب العهد، ولم يشعر اللبنانيون بها كما حدث يوم استقالة فؤاد شهاب (50 سنة مع النّاس - يوسف سالم). وكان من أبرز نتائج هذه الاستقالة انها ساعدت على تأليف هذه الحكومة الإستثنائية. التي ما لبثت أن استقالت إثر اعتداء إسرائيلي على مطار بيروت الدولي ليل 28 كانون الأول 1968، حيث نزلت فرقة كوماندوس إسرائيلية واحدة في المطار بواسطة طائرات مروحية، لأربعين دقيقة ونسفت 13 طائرة من الطائرات المدنية التابعة لشركة طيران الشرق الأوسط - الخطوط الجوية اللبنانية، ثم غادرت دون أية مواجهة. وقد خلفت هذه الحكومة، حكومة أخرى برئاسة الرئيس الشهيد رشيد كرامي صدرت مراسيم تأليفها في 15 كانون الثاني 1969 (أي ان حكومة اليافي الرباعية لم تعمّر إلا نحو شهرين ونيّف).
وفي عهد الرئيس سليمان فرنجية (1970-1976)، قامت فرقة كوماندوس إسرائيلية قوامها 30 عنصرا بقيادة ايهود باراك في 10 نيسان 1973 بإنزال بحري عند الشاطئ اللبناني واتجهت بالسيارات نحو منطقة فردان حيث نفّذت عملية اغتيال 3 من قادة منظمة التحرير الفلسطينية وهم: أبو يوسف النجار وزوجته وكمال ناصر وكمال عدوان. كما أوقعت العملية 9 قتلى من الفلسطينيين بالإضافة إلى قتيلين و9 جرحى من الشرطة اللبنانية، ولم يتبلّغ قائد الجيش اللبناني حينها العماد اسكندر غانم بحقيقة ما حصل إلا في الساعة الواحدة و50 دقيقة فجراً، بعدما أنجز الكومندوس عمليته وأصبح في البحر في طريقه إلى المغادرة باتجاه إسرائيل.
إذ ساد اعتقاد لدى الأجهزة الأمنية في بداية العملية التي استغرقت 40 دقيقة فقط، أن ما يحصل هو اشتباكات بين منظمات فلسطينية متناحرة.
هذه الحادثة دفعت بعدد من السياسيين المسلمين إلى تحميل الجيش اللبناني مسؤولية الفشل، وطالب رئيس الحكومة صائب سلام رئيس الجمهورية سليمان فرنجية بإقالة قائد الجيش وإلا فانه سيقدم على الاستقالة.
هذا الأمر رفضه الرئيس سليمان فرنجية، فأقدم سلام على تقديم استقالة حكومته.
إزاء تمسّك فرنجية بموقفه الداعم للجيش اللبناني وقائده حصل شبه توافق ضمن أعضاء نادي رؤساء الحكومة (أي الرؤساء السابقين للحكومة أو الشخصيات القوية شعبياً والمرشحة لتولّي الحكومة ومن أبرز أعضاء هذا النادي: صائب سلام، رشيد كرامي، عبد الله اليافي) على رفض التعاون مع رئيس الجمهورية في قبول تشكيل حكومة قبل اتخاذ الرئيس فرنجية إجراءات ترضي الشارع الإسلامي الغاضب إزاء فشل الجيش في حماية الفلسطينيين.
فعمل الرئيس فرنجية إزاء هذا الموقف إلى حثّ النواب المؤيدين له أن تكون مواقفهم في الاستشارات النيابية بترك الخيار له في تسمية رئيس الحكومة الذي رسا على النائب الدكتور أمين الحافظ كونه من طرابلس وكان في الانتخابات في لائحة واحدة مع الرئيس رشيد كرامي.
قَبِلَ الحافظ تشكيل الحكومة التي صدرت مراسيمها في 25 نيسان 1973، ما أدّى إلى موجة احتجاجات واسعة، فأعلن الرئيس الحافظ في 8 أيار استقالته وأقنعه الرئيس فرنجية بالعدول عنها فقَبِلَ. وبدأ السعي لتحديد موعد لجلسة الثقة وتوفير أكثرية لمنح الثقة للحكومة. وحدّد يوم الثلاثاء في 12 حزيران موعداً لجلسة الثقة. وجرت محاولات من المعارضين للحكومة لتعطيل النصاب القانوني (50 نائباً) لكن جهود رئيس الجمهورية نجحت في تأمين حضور 63 نائباً وقاطع الجلسة 32 نائباً وغاب 4 نواب بداعي السفر وكان اللافت غياب الوزيرين السنيين بهيج طبارة وزكريا النصولي ومقاطعة 16 نائباً سنياً من أصل 20 نائباً سنياً، وهذا الحضور السنّي الباهت دفع بالرئيس أمين الحافظ الى طلب تأجيل الجلسة قائلاً: «كنا قد حضرنا اليوم لمناقشة البيان الوزاري الذي أعدّته الحكومة لإلقائه أمام مجلس النواب الكريم ونيل الثقة على أساسه، لقد فوجئنا هذا الصباح بغياب زميلين كريمين من أعضاء الحكومة، مما حملني على أن أتوجه إلى الرئاسة الكريمة، حرصاً مني على مبدأ المشاركة التي أتمسّك بها تمسّكاً شديداً بأن ترفع الرئاسة الجلسة وأن تؤجلها لكي يتسنى لنا أن نعالج الموضوع». وتم رفع الجلسة عند الساعة 12 أي بعد ساعة وربع على بدئها.
في ظل هذا الوضع، أقدم الوزيرين بهيج طباره وزكريا النصولي على الاستقالة في اليوم التالي أي في 13 حزيران. إزاء هذا الواقع تقدّم الرئيس الحافظ في يوم 14 حزيران باستقالته إلى الرئيس فرنجية، وفي 16 منه قبل فرنجية الاستقالة طالباً منه الاستمرار في تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة وهي الحكومة التي أبصرت النور في 8 تموز 1973 وكانت برئاسة تقي الدين الصلح.
مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، واستقالة حكومة الرئيس رشيد الصلح في 15 أيار 1975، أقدم الرئيس سليمان فرنجية في 23 أيار على تشكيل الحكومة السادسة بعهده برئاسة العميد أول متقاعد نور الدين الرفاعي، وهي حكومة عسكرية شُكّلت بموجب المرسوم رقم 10443 بتاريخ 23 أيار 1975، ولم تمثل الحكومة أمام المجلس النيابي لأخذ الثقة، حيث عارضت الحكومة وبشدّة أحزاب الحركة الوطنية والكتلة الوطنية، وأدّى ذلك لاستقالتها في 1 تموز/ يوليو 1975.