بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آب 2018 12:03ص محاولات لابتزاز الرئيس المكلف بالتشكيلة الحكومية ولاستنساخ أساليب نظام الوصاية المشؤوم

الدعوات لاستئناف العلاقات مع النظام السوري مرفوضة من قِبل خصومه بالداخل:

حجم الخط

هناك من يسوق لمعاودة العلاقات مع سوريا على أمل ان تسجل له نقاط إيجابية  في المستقبل تساعده للفوز  بمنصب  الرئاسة الاولى

لا تتوقف أدوات النظام السوري وبعض حلفائه اللبنانيين عن الدعوات المتواصلة لإعادة فتح آفاق العلاقات السياسية مع النظام على أعلى المستويات وخصوصاً على مستوى كبار المسؤولين تحت حجج وذرائع متعددة، في محاولة مكشوفة لتجاوز مؤثرات تردي هذه العلاقات طوال سنوات الحرب الدائرة بسوريا وما قبلها، مع علمهم المسبق بأن مثل هذه الدعوات لن تلقى قبولاً من الخصوم السياسيين للنظام بالداخل، وستواجه برفض كامل كما حصل في كل مرّة تطرح مثل هذه الدعوات لأسباب واعتبارات قائمة ولا يُمكن تجاوزها وهي ما تزال تحول دون التجاوب مع هذه الدعوات أو الموافقة عليها ضمناً.
إذن، فلماذا تكرار مثل هذه الدعوات المثيرة للانقسام بالداخل اللبناني وما هي أهدافها الحقيقية؟
يلاحظ بوضوح ان طرح الدعوات لاستئناف العلاقات بين المسؤولين اللبنانيين والنظام السوري يتزامن هذه المرّة مع المساعي والمشاورات المبذولة لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، والسبب المعلن لهذه الدعوات هو لتسهيل إعادة فتح المعابر السورية امام البضائع المرسلة من لبنان عن طريق الترانزيت إلى دول الخليج العربي لافادة العاملين الكثر في هذا القطاع، وفي النهاية فإن تحقيق ذلك سيصب في مصلحة لبنان وان الامعان في تعطيله يضر بالمصلحة اللبنانية. هذا في خلاصة الترويج لمعاودة استئناف العلاقات مع النظام السوري.
ولكن في السابق تسترت هذه الدعوات وراء التحركات المبذولة لإعادة النازحين السوريين من لبنان إلى بلادهم، باعتبار انه لا يُمكن توفير ظروف العودة من دون التنسيق الكامل بين حكومتي البلدين، ويومئذٍ تسببت مثل هذه الدعوات بارتجاجات سياسية قوية كادت ان تطيح بحكومة الوفاق الوطني المستقيلة وتسقط كل التفاهمات والتسويات التي انبثقت عن انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
هذه المرة، يلاحظ بوضوح ارتفاع وتيرة الدعوات لإعادة انفتاح السلطة اللبنانية مع النظام أكثر من السابق بالتزامن مع ظروف تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة وكل الحجج والذرائع السابقة والحالية تدعم طرح هذه الدعوات دفعة واحدة.
هناك من يستغل هذه الدعوات لممارسة أقسى الضغوطات على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، على أمل ان تؤدي إلى تنازلات من قبله لصالحها، وهناك من يسوق لمعاودة العلاقات مع سوريا على أمل ان تسجل له نقاط إيجابية في المستقبل تساعده للفوز بمنصب الرئاسة الأولى. ولكن في الخلاصة النهائية، كل هذه المحاولات والضغوط على الرئيس المكلف لإعادة العلاقات اللبنانية السورية على أعلى المستويات، هدفها تسجيل انصياع كل الأطراف اللبنانيين وفي مقدمتهم خصوم النظام لتناسي ما اقترفه الرئيس بشار الأسد من جرائم إبادة وحشية ضد شعبه والانفتاح عليه وكأن شيئاً لم يكن، والاهم من كل ذلك إعادة هيمنة النظام على مفاصل الحياة السياسية اللبنانية كما كان الحال ابان العقود الثلاثة للوصاية والاحتلال السوري للبنان.
ولكن في المقابل، يتناسى أدوات النظام السوري وحلفاؤه الداعين إلى معاودة استئناف العلاقات اللبنانية مع النظام أن الاعتبارات والأسباب التي أدت إلى انقطاع العلاقات على النحو القائم حالياً ما زالت موجودة وأهمها:
- حالة الاستعداء التي فرضها النظام السوري ضد خصومه السياسيين بالداخل اللبناني، وفي مقدمهم الرئيس الحريري و«القوات اللبنانية» والنائب السابق وليد جنبلاط والعديد من السياسيين المستقلين، من خلال محاولاته المتواصلة للتدخل بالشؤون الداخلية وسعيه الدؤوب لفرض الصيغة السلطوية الموالية والتابعة له كما فعل إبان عام 2010 وهي حالة ما تزال قائمة ولم يتم تجاوزها بعد.
- تورط النظام السوري بسلسلة من جرائم الاغتيال السياسي ومحاولات إشعال الفتنة وإثارة البلبلة بالداخل اللبناني من خلال إرسال عملائه لتنفيذ سلسلة تفجيرات واغتيالات بالداخل اللبناني، ولا سيما ضد مناوئيه السياسيين، وقد انكشف بعض هذه المحاولات وألقي القبض على منفذيها ومن بينهم الوزير السابق ميشال سماحة الذي يمضي عقوبة في السجن جرّاء ذلك لادانته بنقل قنابل ومتفجرات من سوريا إلى لبنان برفقة النائب الحالي جميل السيّد لتنفيذ مخططات النظام الاجرامية ضد اللبنانيين، إضافة إلى ما تكشف عن ضلوع أجهزة النظام بتفجيرات مسجد السلام بطرابلس وغيرها من جرائم التفجير والاغتيال السياسي.
ولا شك ان الدعوات لإعادة تعويم العلاقات السياسية بين النظام السوري والسلطة اللبنانية يجب قبل كل شيء ان تأخذ هذه الوقائع بعين الاعتبار، وإلا فإن الامعان بالجنوح لتنفيذها حتى النهاية هذه المرة، يعني محاولات لتعطيل عملية تشكيل الحكومة وان كان هذا الهدف صعب المنال لأن كلمة الفصل في ذلك لم تعد للنظام السوري ولا لحلفائه، بل تتعداهم إلى من يملك زمام الأمور بسوريا والمنطقة، ويعني روسيا باختصار.