بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الثاني 2019 12:00ص محمد شهاب... النقيب المسكوت عن حقِّه

حجم الخط
أيها المحامي الكبير والزميل العزيز والصديق الأمير محمد رياض شهاب، جمعتنا زمالة المهنة التي كان لك ولي وللمحامين جميعاً شرف الانتساب إليها، وجمعتنا الصداقة الدائمة بحكم حضورك الفاعل ووجودك الدائم بين المحامين وفي قصور العدل وفي النقابة ومجالسها ومع النقباء وفي موقعك أميناً للسر فيها سنوات طويلة دون كلل أو ملل وعطاء مستمر.

أنت ومن هم أمثالك وأبناء جيلك ومن سبقهم من المحامين شكّلوا العصر الذهبي للنقابة وللمهنة الرائدة وتولّى المسؤوليات فيها نقباء أكفّاء قديرين منهم من قضى نحبه وتركوا بصمات كبيرة في المسيرة النقابية فاختار منهم الوطن رؤساء للجمهورية ووزراء ونواب وقادة فكر وثقافة ورأي ومنهم من هو باقٍ أطال الله في أعمارهم وما زالوا في مقدمة الصفوف يقدّمون المثل والمثال بكل شرف وإباء.

أيها المحامي الكبير في زمنك وقبله كانت نقابتنا على طول عهدها المئوي أم النقابات وكان المحامي في ذلك الزمن المشرق هو نفسه الصحافي صاحب القلم المبدع فيما ينتج من مقالات وتحليلات ودراسات والمقنع لكل قارئ بما يصوغ من عبارات وكلمات وجمل أدبية ولغوية قلّ نظيرها.

وكان المحامي هو نفسه الكاتب ليس للمذكرات والمطالعات القانونية فحسب بل لأنواع شتّى من لغة الأدب والشعر ومن القصص والمؤلفات ورؤى وتوجّهات وطنية حماية للثوابت الوطنية والأخلاقية والإنسانية ولمبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون وإستقلالية القضاء.

وكان المحامي هو سيّد الكلام لغة وجملاً وقواعد عندما يرافع بها أمام قوس العدالة، أو عندما يعتلي منبر الخطابة فتشدُّ إليه قلوب السامعين وتدخل كلماته وعباراته وجدان المتلقّين، وكم من أفراد تعلّموا الخطابة وفنونها وقواعدها من أمثال هؤلاء المبدعين فقلّدوا الى أن تعلّموا وأصبحوا من فرسانها وهم كثير في أوساط المحامين وغير المحامين وخير مثال على ذلك دفع الأهالي لأبنائهم سابقا نحو مهنة المحاماة تأثّراً بما شاهدوه من دور المحامي في كثير من الأفلام العربية على وجه الخصوص لجهة دور البطل والمنقذ لكل مظلوم والنطق بحكم البراءة والحيلولة دونه وحكم الاعدام أو عقوبة الأشغال الشاقة المؤبّدة أو غيرهما من العقوبات.

أيها المحامي الكبير لقد جسّدت في حياتك المهنية على مدى ما يزيد الستون عاماً الكثير من مزايا مهنتك الرائعة وآدابها وسلوكياتها مضيفاً إليها من شخصيتك المعطاءة الوديعة وأدبك الجمّ وحسن تعاملك وتواصلك مع الزملاء المحامين دون تمييز أو تفرقة وارتباطك وتعلقك بالمهنة وقوانينها ما عزّز من هيبة المحاماة وصون كرامة المحامي ووجوده الفاعل دفاعاً عن الحق والحقيقة ولم توفر جهداً في سبيل تحصين المهنة والنقابة معاً وتعزيز المستويات المعنوية والمادية للمحامين وتمتين الصلة والتواصل بين جناحي العدالة في لبنان القضاء والمحاماة.

أيها المحامي الكبير برحيلك اليوم عن هذه الدنيا الفانية الى دار الخلود والبقاء ندرك بالإيمان واليقين بان الموت حق وكل نفس ذائقة الموت لا محالة والإنسان يموت ولا يموت حين يكون حضوره يافعاً متشحاً بالقيم والمبادئ والسيرة الحسنة والعلم النافع لبني جنسه أمثالك.

أيها الزميل النقيب برحيلك يؤسفني وغيري كثير من الزملاء المحامين أن يغيّب اسمك وصورتك عن اللوحة المثبتة بنقابة المحامين التي تضمّ نقباؤنا الأجلّاء الذين توالوا على مركز نقيب للمحامين منذ إنشائها وحتى يومنا هذا وستبقى ما بقيت النقابة. وأنت أيها النقيب من تولّى هذا المنصب لمدة عام ونصف العام، وما زلت خارج اللوحة المذكورة.

ان حسن النوايا يدفعنا الى الاحتكام الى قانون تنظيم مهنة المحاماة وتعديله عند الضرورة وما عداها يدفعنا الى مزاريب السياسة وممرّاتها المرفوضة من ربوع وطننا الغالي لبنان.

وحتى لا يبقى المحامي محمد شهاب النقيب المسكوت عن حقه نطالب وننتظر التصحيح إنصافاً وعدلاً وهذا حق الزميل الراحل على نقابته وعلى زملائه المحامين. وإنّا على يقين ان النقابة لن تبتعد عن العدل والإنصاف.