بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 شباط 2022 12:02ص مخاوف من أن تقفل الحرب الروسية – الأوكرانية آخر نوافذ الأمل اللبناني

قد تسرق اهتمام واشنطن إلى حيث الأمن الطاقوي العالمي معرّض لخطر داهم

حجم الخط
ليست العاصفة الروسية من النوع الذي يقتصر تأثيرها على محيطها فحسب. فسطوتها من النوع الجيوستراتيجي المتفجر. تتشظى تداعياتها في أكثر من منطقة ومسألة وإهتمام، وتطال الأمن الطاقوي والغذائي والسياسي والقومي، وتصيب مجمل دول العالم بلا استثناء. لذا لا مبالغة في القول إن الأزمة الراهنة العابرة للقارات والمصالح، تفترض تعاطيا دوليا مسؤولا ومتأنيا لتدارك تداعياتها، وحصر تأثيراتها الكثيرة في أقل أقدار الضرر وأوجهه المتشعّبة.

يتوزّع تأثير ما يحصل بين موسكو وكييف، ومن ورائها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، في مختلف الأصقاع، وفي مجمل أوجه الإقتصاد العالمي:

المسؤولون يتسقطون أخبار هوكشتين لمعرفة ما يُمكن أن يحمله عند عودته القريبة من مخارج لترسيم الحدود

أ-في أوراسيا، ثقل الكوكب، والكتلة الجغرافية المترامية على 54.759.000 كيلومتر مربع، تقطنها 5 مليارات نسمة (75% من سكان الأرض) في 92 دولة مستقلة تختزن 75% من موارد الطاقة في العالم، ووصفها المستشار السابق للأمن القومي الأميركي الأسبق زبيغنيو بريجينسكي، أحد أكثر المؤثرين في السياسة الخارجية لواشنطن، بواحدة من أهم المفاهيم الجيوسياسية. وليس غريبا أن تترجم أسواق الطاقة بأمانة الأزمة الروسية – الأوكرانية، على شاكلة إرتفاع غير مسبوق في الأسعار قد يفقد أي سقف أو حدود.ب-في أوروبا، التي ستتأثر حكما إمداداتها بالغاز الروسي، وهي لا تزال في موسم الشتاء، مع تعليق الرخص المتعلقة بأنبوب السيل الشمالي «نورد ستريم 2»، كواحدة من نتائج العقوبات على موسكو، ومع إحتمال أن توقف روسيا نفسها مد أوروبا بالطاقة اللازمة لها، لناسها ومصانعها. وسبق أن عاش الإتحاد الأوروبي أزمة ممثالة، اضطر في حينها الى طلب النجدة القطرية، علما أنه يعتمد بنسبة تزيد عن 40 في المئة على الغاز الروسي، في حين تصل صادرات النفط الروسي إلى الاتحاد إلى نحو 27 في المئة من إجمالي إمدادات النفط الواردة إليه. لذا كان مفهوما تحذير منتدى الدول المصدّرة للغاز بعد اجتماع قمة في الدوحة من أنّ لدى هذه الدول قدرة محدودة على زيادة الإمدادات بسرعة إلى أوروبا، ولا تملك رؤية واضحة لمستوى الأسعار. الى جانب أن العقوبات الجديدة على موسكو ستمنع الدول من شراء الغاز والنفط الروسيين، مما سيعقّد الواقع الطاقوي، ومن دون إغفال تأثيرات تدفق اللاجئين من منطقة الحرب إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ج-في تدفق الحبوب من منطقة البحر الأسود، إذ إن 4 دول مصدرة رئيسية هي أوكرانيا وروسيا وكازاخستان ورومانيا، تشحن الحبوب من موانئه، مما سيزيد من تضخم أسعار الغذاء عالميا.

د-في الشركات المتعددة الجنسيات، التي تعمل في مجال النفط والغاز في روسيا وأوكرانيا، كما في الأصول الروسية والأوكرانية أي السندات الدولارية والعملات، الأمر الذي إنعكس سلبا في البورصات وأسواق العملات.

هـ - في المفاوضات النووية التي سبق لموسكو أن أدّت دورا وسيطا رئيسيا فيها. وليس واضحا بعد إمكان أن ترد موسكو على العقوبات الغربية، بتجميد دورها في مفاوضات فيينا بحد ذاتها. وهو في حال حدث لن يحلّ بردا وسلاما على إدارة الرئيس الأميركي جوزف بايدن.

لبنان سيتأثر حكما بهذا الواقع المستجدّ، وخصوصا على مستوى أسعار الغذاء والطاقة. لكن الوجه الأكثر مدعاة للقلق إمكان أن يصيب أي تأزم نووي مستجدّ بين إيران والمجتمع الدولي، الجهود الأميركية التي تبذل لإقفال ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. وليس خافيا أن كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي آموس هوكستين عكف على إعداد ما يلزم من أفكار لسد الفجوات بغية التوصل إلى صفقة من أجل لإقفال هذا الملف، كي يتسنى له التفرّغ الى معالجة تعقيدات «نورد ستريم 2» وإنعكاساتها على الأمن الطاقوي الأوروبي والعالمي. وثمة خشية من أن تسرق الأزمة الروسية – الأوكرانية الاهتمام الأميركي، فتنصرف واشنطن عن وساطتها الحدودية بين لبنان واسرائيل الى حيث التهديد الأكبر، أو يقلّ إهتمامها حدا أدنى. وإذ ذاك يخسر لبنان أحد أكثر النوافذ، وربما الكوّة الوحيدة المؤهلة لمنحه بارقة من أمل ورجاء.

ولا يخفى أن المسؤولين اللبنانيين تحوّلوا في اليومين الأخيرين الى تسقّط أحوال هوكستين وأخباره، وهو الذي سبق أن أعلم من إلتقى في بيروت أنه سيعود قريبا حاملا تصورا واضحا، وإن لم يكن نهائيا، لمخرج ينتهي بتوقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.