مع دخول لبنان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، اليوم، لا يزال الصمت والغموض يتحكمان بمصير تأليف الحكومة، بالرغم من الحديث عن جهود حثيثة تبذل لإنجاز التأليف في الأيام المقبلة، تحسباً لحصول شغور في موقع الرئاسة الأولى، وهو الخيار الأكثر ترجيحاً، في ظل الانقسام الواضح بين القوى السياسية، وحتى داخل الفريق نفسه، بشأن هذا الاستحقاق الذي يستحوذ على الاهتمامات الداخلية.
وكشفت المعلومات التي توافرت لـ«اللواء، أن اتصالات الساعات الماضية، وفي خلال الاجتماع الخامس الذي عقد، أمس، بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ركزت على ضرورة العمل من أجل إزالة العقبات من أمام التأليف، بعدما وصل الرئيسان عون وميقاتي، بأنه لا مناص من تأليف حكومة جديدة، لكي تتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، سيما وأن المؤشرات كلها، تُجمع على استحالة انتخاب رئيس جديد، في ظل الظروف الحالية التي يمر بها البلد.
توازياً، وفي غمرة الاهتمام بالملفات الضاغطة التي ترخي بثقلها على الوضع الداخلي، استرعت الانتباه، المواقف اللافتة التي أطلقها سفير خادم الحرمين الشريفين وليد بخاري، بعد لقائه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي، وتحديداً ما يتصل بالاستياء السعودي من استمرار استخدام لبنان منطلقاً للحملات على المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي. وقد بلغ هذا الاستياء ذروته، بوجود المطلوب للأجهزة الأمنية والقضائية السعودية المدعو علي هاشم في أحضان «حزب الله» بالضاحية الجنوبية، وما أطلقه من تصريحات مرفوضة ضد المسؤولين في المملكة، وما تلاها من تهديدات ضد السفارة السعودية ببيروت، وطاقمها الدبلوماسي. وهذا ما دفع السفير بخاري إلى تقديم احتجاج رسمي باسم حكومته إلى وزارة الخارجية اللبنانية،مطالباً بتسليم هاشم، في موقف سعودي بارز يحمل الكثير من الدلالات، سيما وأن المذكرة السعودية، تحدثت عن «استهداف الأمن القومي العربي»، الأمر الذي يفرض على الحكومة اللبنانية، أن تبادر إلى اتخاذ إجراءات عملية، تستجيب للمطالب السعودية، وإلا فإن الأمور ذاهبة إلى مزيد من التعقيد».
وقد أكدت مصادر بارزة في الأكثرية، أن «مواقف السفير بخاري لا بد وأن تشكل دافعاً للمسؤولين من أجل الاستجابة للمطالب السعودية والخليجية، سيما وأن هناك مخاوف من أن يتحول لبنان، وتحديداً المناطق الخاضعة لـ«حزب الله» إلى أماكن تأوي معارضي الأنظمة الخليجية، ما سيعمق الهوة أكثر فأكثر بين لبنان والدول الخليجية، وبالتالي سيصبح الوضع على درجة عالية من الخطورة، دون استبعاد أن يصل الوضع إلى حد القطيعة، إذا استمر حزب الله في تأمين الحماية للمعارضين الخليجيين، والمطلوبين لأنظمة دولهم».
وقد جاءت مواقف السفير السعودي، بعد الزيارة التي قام بها إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى، وما حملته من دلالات ومعانٍ معبرة على أكثر من صعيد، باعتبار أنها جاءت لتؤكد وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب لبنان وشعبه، وأنها تدعم خيارات مفتي الجمهورية، الإسلامية والوطنية. وبالتالي أراد السفير بخاري القول، إن بلاده لن تتخلى عن دعم لبنان، وأنها تحفظ للطائفة السنية مكانتها ودورها في حماية سيادة لبنان، وتوثيق روابطه مع محيطه العربي». وأهمية هذه الزيارة أنها أتت عشية بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي ظل حديث عن استضافة دار الفتوى لاجتماع سني موسع، يبحث وضع الطائفة، وبالنسبة للقرارات التي ستتخذها من مجمل الملفات الطارئة.
أي مغامرة لعون ستأخذ لبنان إلى منزلقات خطيرة
وإذ حذرت أوساط معارضة، من «أي خطوة في المجهول قد يأخذ الرئيس عون البلد إليها، في حال لم تحصل الانتخابات الرئاسية»، فإنها دعته إلى «الإسراع في تأليف الحكومة، لأن وضع البلد لا يحتمل أي تأخير». وفي الوقت نفسه اعتبرت أن «أي مغامرة غير محسوبة العواقب، ستؤجج الاحتقانات الداخلية، وتأخذ لبنان إلى منزلقات بالغة الخطورة».
وأكدت الأوساط، أن «القرار في بلد تحت الاحتلال الإيراني، هو لحزب الله. فهل سيسهل الأخير عملية انتخاب رئيس أو لا؟»، مشددة على أنه «إذا كان انفراج أميركي إيراني، فإنه سيكون للبنان رئيس للجمهورية في المهلة الدستورية، تقرره إيران، وفقاً لموازين القوى، وفي المقابل، في حال لم تحصل انفراجة أميركية إيرانية، فلن ينتخب رئيس للبنان، بالتالي سيشجع حزب الله عون على ارتكاب كل المخالفات الممكنة من أجل أن لا تحصل الانتخابات».
واعتبرت، أن «الدستور واضح أنه في حال حصول شغور في موقع الرئاسة الأولى، فإن صلاحيات الرئيس تذهب إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، حتى ولو كان مستقيلاً». وبالتالي فإن «المشكلة التي يطرحها عون مفتعلة وغير صحيحة».