بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 كانون الأول 2022 12:00ص مصادر ديبلوماسية لـ«اللواء»: اعتدنا على تدويل قضايانا لحل مشاكلنا.. وعلى لبنان ألا يبقى أسيراً للصراعات الإقليمية في المنطقة

حجم الخط
ليست المرة الأولى الذي يرفع فيها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الصوت عاليا للمطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية، كما انها ليست المرة الأولى أيضا الذي يدعو فيها رأس الكنيسة المارونية للتوجه الى الأمم المتحدة ودول القرار لإنقاذ لبنان باعتبار ان لا مناص من تدويل القضية اللبنانية بعد فشل كل الحلول الداخلية، ولكن مطالبة الراعي قابلها موقف غير جديد أيضا للمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي سارع للرد واعتباره ان تدويل المسألة اللبنانية هو تضييع للبنان، مشيرا الى ان الأمم المتحدة لا شغل لها إلا نسف بنية لبنان السكانية عبر مفوضية اللاجئين، واصفا التدويل بأنه نسف صريح للسيادة اللبنانية.
وحول هذا السجال وإمكانية تدويل الوضع اللبناني تشرح مصادر سياسية ديبلوماسية لـ«اللواء» معنى كلمة تدويل فتقول: «نحن نستعمل في لبنان كلمة تدويل بشكل سهل لأننا تعوّدنا على حل مشاكلنا من خلال تدويلها، فالتدويل ليس هو فقط عبر التوجه الى الأمم المتحدة بل عندما نسمح للأطراف الدولية التدخل في صراعاتنا ونشرع أبوابنا بشكل مستمر للصراعات الخارجية، ولكن إذا أردنا التحدث عن التدويل في معنى الاستعانة بالأمم المتحدة فان ذلك يحتاج الى توافق داخلي وتفاهم حتى لو بالحد الأدنى بين الأطراف الفاعلة والمؤثرة الخارجية، لان هناك فرقا فيما إذا أرادت الدولة مجتمعة طلب تدخل المنظمة الدولية، أم فئة لبنانية معينة القيام بهذا التوجه، إضافة الى ان الأمر يحتاج الى عناية دولية وكما هو معروف فإن لدى مجلس الأمن خمسة أعضاء وكل عضو يملك حق الفيتو، لذلك فإن موضوع التدويل ليس بالأمر السهل».
ولكن المصادر تعتبر في الوقت ذاته ان تدويل كل قضايانا الداخلية هو بسبب الحاجة المستمرة لتدخّل الدول الشقيقة والصديقة فيما بيننا لحل أزماتنا ورعايتها لحواراتنا وهذا أمر غير صحي ولكنه واقعي، وتذكّر مثلا ان اتفاق الدوحة مدوّل من خلال الرعاية القطرية له بدعم من أطراف عربية وغير عربية، كذلك الأمر بالنسبة الى الحوارات التي عقدت سابقا بفرنسا وغيرها من دول العالم وكلها لها مدلولات خاصة رغم ان أفرقاء الحوار هم من اللبنانيين، وتلفت المصادر الى انه حتى المؤتمرات الاقتصادية الداعمة والمساعدة للبنان من باريس واحد وانتهاءً بمؤتمر «سيدر» كلها مؤتمرات مدولة لمساعدة لبنان، فتفاهم الأطراف هو متحرك ولكن عناصره مترابطة ومتشابكة.
وتشدد المصادر على وجوب ان لا يبقى لبنان أسيرا للصراعات الإقليمية في المنطقة وورقة يمكن استخدامها من قبل الأطراف الدولية لتحسين موقعها التفاوضي، لذلك ترى المصادر بانه لا يمكن للبنان الاستمرار في انتظار الدور الدولي المساهم في صنع تفاهم خارجي للأطراف الفاعلة والمؤثرة للوصول الى حلول تبدو غير متوفرة في الوقت الراهن لذلك على لبنان العمل داخليا لحل مشاكله.
وعن موضوع حياد لبنان تشير المصادر الى ان هناك فرقا بين الحياد السياسي الذي هو واقعي أي تحييّد لبنان عن الصراعات وسياسة المحاور وهو الحياد الإيجابي، والحياد القانوني الذي لا يمكن أن يتبعه لبنان لأنه دولة عربية ومؤسس لجامعة الدول العربية.
وتؤكد المصادر على وجوب أن يلعب لبنان دور الاطفائي في المنطقة وأن تكون مواقفه وسطية وعليه أن يتمتع بعلاقات جيدة ومتوازنة مع الجميع وباني الجسور وكل هذا يحتاج أيضا الى توافق داخلي، بدلا من أن تستغله بعض الأفرقاء الداخلية كمنصة لإطلاق كافة أنواع الصواريخ السياسية ومعبر للصراعات وتصفية حسابات بين الأطراف الخارجية.
وتبدي المصادر أسفها بأن أصبح هناك حالة من القدرية السياسية اللبنانية، من خلال الاستمرار بانتظار التفاهم الخارجي للوصول الى حل داخلي، داعية جميع القوى السياسية للعمل على تقريب وجهات النظر فيما بينها من خلال حوار داخلي للوصول الى تفاهم مشترك بينهم حتى لو كان بالحد الأدنى لان كل يوم يمر على البلد من دون رئيس وانتظام لعمل المؤسسات تكون الكلفة عليه باهظة جدا، وتستحيل بذلك العودة للوقوف مجددا اقتصاديا وماليا لانه حتى المساعدات التي كنا وعدنا بها في السابق أصبح من المستحيل الحصول عليها راهنا بسبب تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية التي أنهكت الدول الغربية ككل وباتت في حالة انهيار أمام الواقع الذي وصلت إليه الأوضاع بحيث أصبحت مرغمة على توفير المساعدات لقرابة 9 ملايين لاجئ أوكراني وهم بالطبع لهم الأولوية في المساعدة، ورغم كل ذلك فان الداخل اللبناني يعيش في مكان آخر مع استمرار المناكفات والخلافات التي لا تبشّر بالنيّة ببناء دولة.