بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 آب 2022 12:00ص مطالعات عرض قوة من الديمان.. الرئاسة - مسيحياً تحتاج إلى مراجعة شاملة لتاريخ الإخفاقات!

حجم الخط
لعلَّ القاسم المشترك بين مختلف المطالعات، من داخل السياق أو خارجه، التي يدلي بها أفرقاء مسيحيون، بارزون، داخل البيئة المسيحية أو المكوّن المسيحي (وعليك أن تستعد لقراءة أو سماع مصطلحات ومفاهيم بالغة التشرذم والخروج على المألوف) حول انتخابات الرئاسة، يتعلق «بالاتفاق الضمني» أن انتخابات الرئاسة لن تجري في موعدها الدستوري، قبل شهرين من نهاية ولاية عهد الرئيس، وبالتالي، فالفراغ يبدأ مرجحاً، وينتهي مؤكداً على لسان الساسة والنواب، لا سيما الموارنة منهم..
فبعد مطالعة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حول إعطاء الأولوية لتعطيل جلسات المجلس النيابي، كإجراء احترازي، ومن باب أن المحظورات تبيح الممنوعات، للحؤول دون وصول رئيس للجمهورية من قوى 8 آذار، وتحديداً تحالف حزب الله - التيار الوطني الحر.. جاءت مطالعة، ظاهرها «سياق منطقي» وباطنها تعقيدات على تعقيدات، على لسان رئيس التيار الوطني الحر، نائب البترون جبران باسيل، ومن الديمان، المقرّ الصيفي للبطريركية المارونية، وفيها عودة الى منطق الشروط والشروط المضادة، ومعزوفة الرئيس الممثل، بدل الرئيس القوي في بيئته، معتبراً ان الرئيس الحالي للجمهورية العماد ميشال عون هو مثال يحتذى على هذا الصعيد.. معلناً رفضه المسبق لأي محاولة لفرض رئيس جديد للجمهورية من خارج بيئته، سواء أكانت داخلية أو خارجية حسب لغته..
الفرض الداخلي هو اشارة الى تفاهم ممثلي الطوائف الاسلامية مع بعض القوى المارونية ومسيحيي الاطراف للاتفاق على رئيس للجمهورية والمقصود هنا الرئيس نبيه بري وكتلته والنائب السابق وليد جنبلاط وكتلة اللقاء الديمقراطي، نادي رؤساء الحكومات السابقين، وكان تيار «المستقبل» هو الممثل الأقوى للسنَّة. فرئيس من هذا الاتفاق سيرفضه باسيل، مع الاشارة الى ان طرح اسمه كمرشح، حتى ولو تبناه حزب الله، وهذا مستبعد بقوة، غير مقبول، او حتى ممكن ومعقول.. وفي ذلك، اشارة واضحة الى رفض الاتفاق على اسم النائب السابق سليمان فرنجية وفقا للاتفاق غير المعلن قبل 6 سنوات، والذي استبدل عون بفرنجية الذي طرحه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري.
أمَّا الجهات الخارجية، فهي تبدأ من الولايات المتحدة الأميركية، ولا تنتهي بفرنسا مروراً بالدول الاقليمية والعربية ذات التأثير من المملكة العربية السعودية ومصر وايران.. وهذه الدول والعواصم، ما عدا طهران- ترفض رفضاً قاطعاً اسم باسيل، او حتى مجرّد طرح اسمه..
رمى باسيل الكرة في ملعب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعدما وقف على خاطره في قضية المطران موسى الحاج الذي اوقفه الامن العام قبل فترة وجيزة على الخلفية المعروفة بنقل اموال من عملاء متواجدين في اسرائيل الى لبنان، ودعاه مواربة او مباشرة الى التقاط كأس الرئاسة الاولى، ودعوة الافرقاء المسيحيين الى بكركي بعد عودته من الديمان او الى الديمان لتبنى رؤيته القاضية بوضع لائحة مواصفات، تزيد الموقف المعقد تعقيداً، وذلك بعدما رفضت «القوات اللبنانية» أي لقاء تنسيقي ثنائي، مع باسيل في هذا المجال، على حدّ المعلومات التي كشفت ان باسيل اقترح والفريق «القواتي» تجاهل او رفض..
بدا باسيل، الذي ربط بين الاستحقاق الرئاسي، الذي لن يحدث تغييراً، والحملة على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، من زاوية اتهامه برفض تأليف الحكومة، في محاولة منه (أي من باسيل) إحراجه لإخراجه من اللعبة، وإلَّا فإن حكومة تصريف الاعمال، لن يكون بإمكانها ان تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، اذا حدث الشغور، وهو مرجح ان يحدث بقوة..
ثمة من ينظر الى المشهد الرئاسي بطريقة «سوريالية»، ويمضي بطرح الاسئلة عن اهداف باسيل، الذي يراهن في حركته الداخلية على «تحالفه العضوي» مع حزب الله، الواضح انه يمتلك عناصر كثيرة من أوراق القوة، في الداخل والخارج.
وخارج الأحلام والأوهام والنيات المبيتة والمفوضة، تمضي الايام والاسابيع متسارعة نحو ما يمكن وصفه «بالارتطام الرئاسي الكبير»، الفراغ في الرئاسة الأولى، والفراغ في الرئاسة الثالثة، وانقطاع بين المعنيين على طريقة «أقزام وجبابرة».
لم تكن المواقف التي تطلق من بكركي، وبعد لقاء البطريرك شخصياً، وآخرها ما اطلقه باسيل تريح الوسط السياسي، ولتنهال الاسئلة: ماذا يريد هذا الطامح للعب دور في ساحة تقرير مصير المسيحيين، وارتباطاً مصير اللبنانيين، في غمرة انفكاك داخلي، وانهيارات مالية ونقدية غير مسبوقة، وضعضعة لم تسجل في تاريخ علاقات لبنان العربية والدولية، ولو لمرة واحدة، سوى في هذه المرحلة البالغة التعقيد المستعصية على المعالجة، حتى ولو دخل صندوق النقد الدولي طرفاً على هذا الصعيد..
في «البازار الرئاسي» ولعبة التجاذب حول رأس الدولة، إذا بقيت دولة ليبقى لها رأس، ثمة دعوة صريحة وجريئة «للفصائل المسيحية» النيابية والحزبية، لإجراء مراجعة واضحة، وشجاعة، لِمَا صنعت يد هؤلاء، من الجنوح الى انتخاب رئيس ميليشيا لرئاسة الدولة (1982) الى تجربة رفض الاتفاق على مخايل ضاهر لرئاسة الجمهورية (1988) الى الحروب المعلنة وصولاً الى 13 آب 1990، عندما أُخرج ميشال عون كرئيس للحكومة العسكرية من قصر بعبدا.بين عقد الثمانينات والتسعينات وصولا الى عهود الرؤساء - الجنرالات قالت الوقائع كلمتها، وتشكل تاريخاً انهيارياً لهذا البلد. كان من لعنة حظ الرئيس الحالي، أن يحدث الانهيار في أيامه.. ولكن يتعين على الأوساط المسيحية من بكركي الى معراب وصولاً الى «ميرنا شالوحي» فقصر بعبدا ان تجري مراجعة قوية لتجربة الرئيس القوي الذي يتعين ان يكون «ابن بيئته وممثلاً لوجدانها وأن يمثل جميع اللبنانيين وغير مسموح أن يسقط» (والكلام تكراراً لباسيل).
ومن شرائط المراجعة أن تعلن النتائج صراحة، ليتبيّن الخيط الابيض من الاسود، في لعبة، يفترض ان يكون فيها مسيحيُّو لبنان، لاعبين حقيقيين فيها، ولكن بحسابات «الوجدان اللبناني» وليس «وجدان البيئة المسيحية».
مع دنو الاستحقاق الرئاسي من موعده، ستتطاير شظايا المواقف المتسمة بالرعونة، وقلة الوعي.. ولكن على اللبنانيين انتظار أشهر ليست بالسهلة، على المستويات كلها، بانتظار اخبار فيينا الأخيرة، وكلمة السر الأميركية في ما خص مهمة آموس دوكشتاين، بدءًا من الاسبوع الاخير من هذا الشهر الثقيل!