بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 شباط 2022 08:43ص معراب أكمل مار مخايل وسلّم الرئاسة الأولى لحزب الله

حجم الخط
لم تقتصر مفاعيل تفاهم معراب، الموقّع بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع  ورئيس التيار الوطني الحر  جبران باسيل، في العام ٢٠١٦، بشعاراته الرنانة،  وتفاهماته   المضمرة، على  انتخاب ميشال عون  رئيسا للجمهورية فقط، بل تعدته إلى نتائج وتداعيات مؤثرة وخطيرة، نقلت لبنان من مرحلة تنوع وتعدد القوى والتوازنات السياسية، الى مرحلة وضع مصير لبنان  في قبضة تحالف الثامن من اذار، ولاسيما حزب الله، وسياساته المحلية والاقليمية والدولية، ومصادرة القرار اللبناني الوطني الحر، بشكل شبه كامل  لمصلحة التحالف المذكور، واضعاف كل المكونات السياسية الاخرى.

ومن هذه التداعيات السلبية الناجمة عن هذا التفاهم، محاولة حصر ترشيحات رئاسة الجمهورية بين مرشحي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، مداورة حسب الاتفاق الضمني بين الطرفين، باعتبارهما اقوى حزبين مسيحيين، نيابيا وشعبيا، وبالتالي قطع الطريق او منع وصول اي مرشح رئاسي محتمل  من خارجهما، او بالحد الادنى من دون موافقتهما. هذا المنحى، احدث  استياء كبيرا، وشرخاً عميقا وتباعداً،  مع باقي الاحزاب والقوى المسيحية الاخرى، بما فيها الشخصيات المعتدلة وغير الحزبية، التي  اعتبرت هذا التصرف، بمثابة محاولة مرفوضة لاحتكار حق الترشح لرئاسة الجمهورية بين العونيين والقوات حصرا، دون سائر القوى والاطراف المسيحية الاخرى، وهو لا يؤشر الى اسلوب انغلاقي فقط، وانما تصرف غريب عن الحياة السياسية بلبنان، ويحدث للمرة الأولى بتاريخ لبنان، ويعبر عن سلوكيات إلغاء الاخر، ولا يليق  بمرتكزات الديموقراطية والتنوع السياسي التي تميزت بها الحياة السياسية اللبنانية عموما. 

ساهمت تداعيات ونتائج التفاهم السلبية ايضا، بتوجيه ضربة قاسمة لتحالف قوى ١٤ اذار، وتفكك قواه، وزيادة التباعد بين مكوناته، وانعدام الثقة بينها، ما جعل اي تعاون،او تحالف محدود بين اي من مكوناتها، صعبا او حتى مستحيلا. كما تسبب هذا الحدث، بتغيير جذري في موازين القوى السياسية لصالح جهة واحدة،هي تحالف الثامن من اذار.

الاخطر من كل هذه التداعيات على مستقبل لبنان ومصيره، هو تسليم  قرار ومقدرات رئاسة الجمهورية اللبنانية، لتحالف القوى الموالية للنظام الايراني والسوري، بكل ما تعنيه هذه النقلة النوعية، من معاني وتاثيرات، في الهيمنة ومصادرة القرار اللبناني، والزج بلبنان، في سياسة المحاور المتصارعة بالمنطقة،  وفتح  الابواب  لمخاطر وتداعيات هذه الصراعات المستفحلة، خلافا لرغبات وتوجهات اكثرية اللبنانيين. وابعد من ذلك، الدفع بلبنان الى خط معاد للدول العربية الشقيقة والمجتمع الدولي،  وتعريض مصالح اللبنانيين للخطر، واكثر من ذلك وضع لبنان كله، في مصير مجهول.

وقد اظهرت وقائع الاحداث اللاحقة، بعد مرور وقت قصير على احتفالية التوقيع على التفاهم المذكور، وبعد الانتخابات الرئاسية  بوقت قصير، فشل رهانات  القوات اللبنانية على تصويب توجهات رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، واستحالة تغيير نهجه السابق، الى نهج، يقدم مصلحة لبنان، على مصالح التحالف الايراني السوري، بل اكثر من ذلك، ادت  سياسات عهد عون، إلى الزج بلبنان بسياسات التحالف الايراني السوري بالكامل، واستعداء فاضح للدول العربية الشقيقة، ووضع لبنان في شبه عزلة عن محيطه العربي، كما هو حاله في الوقت الحاضر،  والحاق اضرار جسيمة بمصالحه الاقتصادية ومصالح اللبنانيين عموما، في لبنان والخارج.

بعد ما يقارب الست سنوات من توقيع تفاهم معراب، يحصد اللبنانيون اليوم، نتائج  معاكسة لتبريرات وشعارات القوات اللبنانية، ومثالا واضحا،بأن مثل هذه الاتفاقات، التي تستبطن في ثناياها، مكائد سياسية مبيتة، وغرائز الغائية، لا  يكتب لها النجاح دوما، بل سترتد  بنتائج  عكسية، عاجلا ام اجلاً على اصحابها،  كما يحصل في الوقت الحاضر.

وباختصار، فإن خلاصة النتائج السلبية الخطيرة التي حصلت جراء هذا  التصرف،وهي ان تفاهم معراب، اتى مكملا لتفاهم  مار مخايل، لتسليم مقدرات الرئاسة الاولى لحزب الله  على طبق من فضة، كما هو الحال اليوم، وبالتالي لم تعد تنفع  كل همروجات، مقاومة الاحتلال الايراني،  من دعاة الدفاع عن السيادة والحرية والاستقلال، في تبرير مثل هذه الممارسات والسلوكيات المدمرة.