بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 نيسان 2022 12:02ص معركة حواصل انتخابية ومقاعد إضافية لا برامج إنقاذية

السقوف السياسية العالية توحي كأن البلد ذاهب إلى الحرب الأهلية

حجم الخط
 توحي مواقف القوى السياسية التي تخوض الانتخابات النيابية كأن البلد ذاهب الى حرب اهلية او تصفيات أو إختزال او إلغاء لقوى سياسية، نتيجة الحدة في الخطاب السياسي، الذي يظن سامعه أن الانتخابات ستغير وجه لبنان وتاريخه وتوازناته وكل الموبقات التي فيه، والتي هي من صنع المتبارين الآن انفسهم عندما كانوا تحت سقف واحد وعلى طاولة واحدة في مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي وفي جلسات الحوار الطويلة، وعندما عقدوا الصفقات والتفاهمات والاتفاقات بين بعضهم لتقسيم مغانم السلطة، واختلفوا على بعض التفاصيل المتعلقة بالمحاصصة.

  نادراً ما قدمت احدى القوى السياسية برنامجاً فعلياً لإنقاذ البلاد والعباد مما تتخبط فيه، وكل ما يقدمونه في حملاتهم الانتخابية الان مجرد عناوين عامة سياسية  وإجرائية وشعارات سبق ورفعوها في كل الانتخابات، وعندما وصلوا الى الكراسي تناسوها او غضوا النظر او امتنعوا بقرار واعٍ عن تطبيقها، والدليل مشاريع واقتراحات قوانين الاصلاحات المالية والاقتصادية والقضائية والادارية النائم بعضها في الادراج او الذي لن يكون في مصلحة المواطن، وآخرها مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي يحكم المسوؤلين والمصارف برقبة المودعين والمتعاملين مع المصارف بشتى انواع التعامل. عدا الخلافات الدائمة على التعيينات وخطط الكهرباء والاصلاح الاقتصادي وملاحقة ومحاسبة الفاسدين المحميين بالخطوط الحمر الطائفية.

 تكشف التحالفات التي جرت او التي قد تجري قبل اقفال باب تشكيل اللوائح منتصف ليل اليوم الاثنين، والاتصالات التي سبقتها، عن قدرة القوى السياسية في تدبير شؤونها وامورها بدقة ومن دون خلافات، وبما يراعي مصالحها السياسية والانتخابية. فالتحالف في هذه الدائرة ممنوع في غيرها، والممنوع هنا مسموح هناك. وحسب المعلومات المتوافرة من المتابعة لحركة الاتصالات التي سبقت التحالفات وتشكيل اللوائح، فإن الجميع يبحث عن مرشحين طيّعين وحواصل اضافية تعطيهم مقاعد نيابية تكرس وجودهم  في السلطة وفي الحياة السياسية، ولايبحثون عن برامج إنقاذية قابلة للتطبيق تريح المواطن.

  وقد تبين ان الاتصالات لترتيب التحالفات وتشكيل اللوائح كانت تركز على إدخال مرشح اوحزب سياسي واستبعاد آخر تبعاً لما يمكن ان يضيف الى اللائحة من حواصل بحسب قوته الشعبية، وحسب ظروف وطبيعة كل دائرة. وهكذا حصل في كل الدوائر وفي تشكيل كل اللوائح، حتى ان القوى الحليفة سياسياً والتي تقع في نفس الموقع والتصنيف السياسي، اختلفت او فضّلت تشكيل اكثرمن لائحة في الدائرة نفسها،علّها تزيد من مقاعد جبهتها السياسية في البرلمان لاحقاً.

  والمؤسف ان قوى التغيير والمجتمع المدني المعارضة التي «طَبَلَتْ» الآذان بشعاراتها وسبّبت للبلد ازمات كبرى سياسية واقتصادية ومالية، وانتفضت بسبب بضع سنتات على مكالمة «الواتسب آب»، بلعت ألسنتها وها هي منقسمة على ذاتها، بل وتحارب بعضها وعاجزة عن توحيد صفوفها، والأنكى انها صامتة لا تتحرك ولا تتظاهر بوجه مشاريع «الهير كات والكابيتال كونترول» وسرقة اموالها ونهب البلد اكثر، وأنشغلت بخلافاتها عن متابعة اوجاع الناس واوضاعها الصعبة. وستشهد الدوائر كلها لوائح تأكل بعضها لقوى المعارضة والتغيير والمجتمع المدني وتستفيد منها القوى السياسية التي كانت موضع شكوتها والهدف الواجب إسقاطه.

   ومع ذلك، وبرغم كل هذه الحماوة الانتخابية والخلافات والانقسامات التي تؤكد حصول الانتخابات، ما زال بعض القوى متخوفاً من عدم إجرائها او تأجيلها لسبب او لآخر، نتيجة عدم حماسة المواطنين للإنتخابات، ونتيجة للأزمة المالية والظروف الصحية التي تضرب البلد. لكن هناك من يتخوف ايضاً من إحتمال صدور قرار خارجي كبير بتأجيل الانتخابات بعدما لمست القوى الكبرى المعنية استحالة قلب المعادلات في لبنان وتغيير التوازنات، وفشل القوى التي كانت تراهن عليها السفارات في إثبات حضورها وقوتها في الساحة وتحقيق التغيير المطلوب بقلب الاكثرية الحالية نتيجة الاصطفافات المذهبية والطائفية والسياسية والمصالح المتجذرة.