بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 آذار 2022 12:02ص ملامح جديدة لترياق عربي جديد

حجم الخط
يتابع المواطن العربي أخبار الشراكة والتعاون والتكامل العربي الدائر بين ثلاث دول عربية أساسية هم: مصر بدورها الريادي ومسؤولياتها تجاه الأمة العربية، والعراق بثقله التاريخي كإحدى قلاع العروبة والإسلام التوحيديين، والأردن منطلق الثورة العربية الأولى في القرن العشرين. ويرى بعث أمل بإشراقة عربية تعيد أمة العرب بدولها وشعوبها الى دورها الفاعل والحضاري بين دول العالم، فأرضها موطن أنبياء الله ومنها انطلقت الرسالات السماوية الخالدة.

وهناك حاجة ماسّة وضرورية سياسية واقتصادية بل اجتماعية وثقافية ودفاعية لهذا التعاون الذي لا بديل عنه خاصة بوجه التهديدات والأطماع الدولية والاقليمية والصهيونية تجاه العراق والأردن بحيث لا يمكن بناء التقدّم على التجزئة ولا يمكن الدفاع عن الوجود وحماية الأوطان بإمكانيات قطرية فإن التكتل العربي بين دولتين أو أكثر من الدول العربية هو خطوات في الطريق الصحيح، والمطلوب لم الشمل العربي بين دوله، هو الرد على كل التحديات التي تتعرّض لها المنطقة العربية واستفراد أقطارها الواحد تلو الآخر، وان العدوان الأميركي على العراق وتخريب دولته وحلّ قواته المسلحة وأحكام السيطرة عليه وتحويل مجتمعه ومكونات شعبه إلى طوائف ومذاهب واثنيات متناحرة متنازعة ومليشيات مسلحة متقاتلة وتركيب سلطات محكومة بدستور وقوانين من صناعة المستعمر الأميركي حتى يبقى العراق الوطن في مهب الريح، وحصار هويته العربية وفرض اتفاقات ومعاهدات تمنع إستعادة حريته واستقلاله وبناء مقومات دولته ليعود العراق سيدا حرّا مستقلا ومتعاونا مع إخوته الدول العربية.

كما ان اهتمام قادة الدول الثلاث بتوسيع نطاق التحالف والتعاون في مجالات مختلفة خاصة حول (قطاع الإنتاج الحربي) وتعزيز العلاقات الراسخة الممتدة تاريخيا بين دولهم بما يعزز من أهمية التعاون بين شركات الإنتاج الحربي ومجالات التطبيع المختلفة والزيارات المتبادلة بين وزراء الإنتاج الحربي خاصة بين العراق ومصر، وتعزيز الإمكانيات التصنيعية والتكنولوجية والبشرية المتوفرة في ظل وجود تفاهم متبادل بشأن دفع هذه العلاقات الأخوية إلى الأمام في مختلف الميادين والمجالات، وأهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تعود بالخير العام والمنفعة ليس للبلدين فقط وإنما للأمة العربية جمعاء ودولها وأمنها ودفاعاتها وتعزيز وحدة شعبها.

ان التأكيد الدائم بين الدول الثلاث خلال قمم الرؤساء المعلن عنها أو غير المعلن يؤكدون خلالها على التعاون والتنسيق والتكامل الاستراتيجي بين البلدان الثلاثة وتوسيع دائرة الاستثمار المتبادل داخل دولهم والتعاون الاقتصادي والدفاعي والربط الكهربائي والزراعة والنقل والطاقة، والمطلوب توسيع هذا التلاقي والتعاون الجدّي لدول عربية أخرى. وبالتالي على جامعة الدول العربية، الغائبة عن أدنى واجباتها طبقا لأهدافها، لتعزيز العمل العربي المشترك والسعي لوحدة الأقطار العربية بحيث تكون المحرّك الأساسي للدول العربية لتحقيق الأهداف الكبيرة أو التعاون الاقتصادي والثقافي أو أكثر أو أقل من ذلك، فالجامعة بحالتها الحاضرة تكاد تفقد مبررات وجودها وهذا ليس موضع نقد للجامعة ولأمينها العام بل توصيف لواقعها الحالي.

ومن المهم تجاه هذه الخطوة العربية المهمة من الدول الثلاث أن نستعيد من نضالات هذه الأمة لأنفسنا، وللقريب والبعيد، للصديق والعدو حقيقة هذه الأمة ووحدتها وتضامنها وقوتها كما عبّر عنها الزعيم الخالد بفكره وإنجازاته جمال عبد الناصر (ان الأمة العربية لم تعد بحاجة أن تثبت الوحدة بين شعوبها أنها حقيقة الوجود العربي ذاته: يكفي أن الأمة العربية تملك وحدة اللغة التي تصنع وحدة الفكر والعقل وتملك وحدة التاريخ التي تصنع وحدة الضمير والوجدان، وتملك وحدة الأمل التي تصنع وحدة المستقبل والمصير. ان الذين يحاولون طعن فكرة الوحدة العربية من أساسها مستدلين بقيام خلافات بين الحكومات العربية ينظرون إلى الأمور نظرة سطحية.. ان مجرد وجود هذه الخلافات هو في حد ذاته دليل على قيام الوحدة).

وتأكيدا لهذه المبادئ الراسخة لدى الشعب العربي في كل أمان ومكان، لقد تجلّت وحدة الشعب العربي في مختلف أقطاره بالوقفة النضالية الواحدة أثناء العدوان الثلاثي على مصر العام ١٩٥٦، وتجلّت بالتأكيد الشعبي العارم بقيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، وتجلّت بالموقف الواحد المستنكر والمدين لمؤامرة الانفصال، الرجعية الاستعمارية العام ١٩٦١، وتجلّت بالوقفة الشعبية التاريخية يومي ٩ و١٠ حزيران اثر نكسة حزيران ١٩٦٧ والتمسّك بقيادة جمال عبد الناصر، وتتجلّى الوحدة الشعبية العربية من المحيط الى الخليج بتمسّكها بفلسطين ومقاومتها المظفرة داخل فلسطين وخارجها كل يوم وكل آن حتى التحرير الكامل مهما طال الصراع أو قصر.

من هذه الحقائق الراسخة، فان كل تقارب عربي بين دول عربية على ضوء مبادئ التضامن والتكامل العربي وتحرير الأرض والمقدسات في القدس وفلسطين وتعزيز صداقة الصديق وعزل العدو هو موضع الترحيب والتفاني من أجل تحقيقه وهذا ما يعيد للأمة العربية موقعها ودورها بين الأمم الحيّة وموقعها الريادي المفقود حاليا تحت الشمس.