بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 أيلول 2018 12:01ص من حكايا لبنان السياسية المنسيّة البعض فتّش عن سليل لـ «أحيرام» وعباس حلمي أراد عرش بلاد الأرز

حجم الخط
مع قيامة لبنان الكبير عام 1920، كان هناك حديث عن ملك أو أمير أو عرش في لبنان، وفي العام 1924 شكل الأديب اللبناني حبيب البستاني، الحزب الملكي في لبنان.
في تلك الفترة كان هناك عدد من السياسيين وأهل القلم، كما يقول اسكندر رياشي ومنهم الشاعر والكاتب شارل قرم يُشارك حبيب البستاني فكرة إقامة عرش بلبنان، دون ان يشترك بحزبه، وذلك لأن شارل قرم كان يومئذ حاملاً لواء «الفينيقية» وصاحب مجلتها المشهورة والقائل بلبنان الفينيقي مباشرة، لا صلة له بالفرنجة ولا بالعرب!
وكان شارل الفينيقي يُحبِّذ قيام الملكية بلبنان ويفتش عن أصحابه الأصليين. وكان أيضاً أميل إده وايوب ثابت، وحتى الأمير فؤاد أرسلان والشيخ يوسف الخازن، وحتى اميل ثابت وحبيب طراد، يفتشون مع شارل قرم على سليل لحيرام ملك جبيل الفينيقي لينادوا به ملكاً على لبنان.
«وكان حبيب البستاني رئيس الحزب الملكي يقول مع حزبه بقيام عرش في لبنان يعتليه أجنبي من أمراء الدول الغربية المحايدة».
وظللنا نسمع من هنا وهناك، ولكن بصور متقطعة حديث قيام عرش بلبنان، حتى مات حبيب البستاني، ومات حزب الملكي معه، فانطفأ خبر العرش، مما أثبت أننا كنا نقول الحقيقة عندما نقول إنه هو رئيس الحزب وأعضاء الحزب وهيئة الحزب!
باي من تونس
بعد أربع سنوات، مشت فيها الجمهورية اللبنانية إلى الأمام، وما عدنا سمعنا في خلالها أي شيء عن عرش في لبنان، حتى طلع علينا الفرنسيون المنتدبون ذات يوم من شهر نيسان سنة 1927 بحكاية ابن عياد، الأمير التونسي العربي الارستقراطي، يريدون التخلص منه في تونس ومن مطالبته بعرش، حيث كان يناوئ سياستهم، فرشَّحوه لعرش أميري بلبنان.
وأخذت دوائر الاستخبارات والدعاية بالمفوضية السامية تجسُّ النبض وتدعو لمشروعها بالخير، محاولة إقناع السياسيين اللبنانيين باعتناقه. وهكذا فتح باب العرش في لبنان من جديد، إنما هذه المرة على نطاق أوسع!
الخديوي عباس حلمي
ومن مصر، وفد إلينا الخديوي عباس حلمي، بعد ان كان الأمير جورج لطف الله قد جرب حظه من أجل ان يكون رئيساً فأميراً فملكاً.
وقصة عباس حلمي كما يرويها اسكندر رياشي في كتابه «قبل وبعد ورؤساء لبنان كما عرفتهم» ان الانكليز كانوا قد خلعوه في بداية الحرب العالمية الأولى عن عرش مصر، واخرجوه من أراضيها فالتجأ لسويسرا مع ملايينه المتعددة الكثيرة، ومع أمجاده الماضية.
«جاءت القابلية مع سموه، وقيل يومئذٍ إن صديقه ومستشاره الخاص الكاتب اللبناني المعروف اميل الخوري هو الذي لوَّح له عن بعيد بعرش لبنان فتراءى لسموه براقاً باهراً سهل المنال!
وهكذا ذات يوم من سنة 1938 شد سُمُّوه الرحال من جنيف لبيروت ينزل فيها على الرحب والسعة في فندق «نيو رويال» فوق مربع الكيت كات، حيث جعل مقره العام.
وتغدينا مراراً مع سموه خلال الأيام الثمانية التي قضاها في لبنان، وتحدث أمامنا عن أطماعه بعرش في لبنان، يساعده الفرنسيون والأهالي على إقامته، وأفهم الجميع أنه جاء للبنان يقيم استفتاء فيه، يطلب من الأهالي ترشيحه للعرش، لا أن يرشح هو نفسه له!
وعندما جئنا أماما على ذكر مغامرة الأمير جورج لطف الله وفشله فيها، قال بكبر وعزة:
- ولكن السي جورج لطف الله (ولم يقل الأمير) كان أحد رعايانا العاديين، ونحن تعوَّدنا على العرش!
وطبعا اجتمع حول سُموّه عدد من السياسيين والصحافيين يشجعونه على المضي في مشروعه، وهو يتساءل ويتساءل، حتى جاءت حكاية المال وما يتوجّب على سموه صرفه، وكان سموه يحب الحسابات كثيراً، ويحب المال أكثر وأكثر، فلا يجازف بجنيه واحد، مع كل ما عنده من ملايين وملايين الجنيهات. وأخيراً وعندما رأى بفكره الثابت وتقديره ان الحكاية حكاية مال، وانه إذا صرف منه ليس هناك ضمانة مسوكرة توصله للعرش، أخذ يتراجع!
ولما وجد انه لم يعد بالإمكان إلا فتح الجزدان، ضَبَّ شنطه ذات ليلة وسافر سراً عند الفجر، قبل طلوع الشمس، ودون ان يودع أحداً، وبعد ان كان قد أعطى مواعيد لمقابلته قبل ذاك الصباح، صباح السفر.
ومع ذهاب الخديوي من هنا انتهى، من جديد، حديث العرش بلبنان، وهرب الخديوي من الطامعين بفلوسه!