بيروت - لبنان

11 أيلول 2018 12:01ص من حكايا لبنان السياسية سوابق إنتخابات رئاسة الجمهورية 1926 – 2016

حجم الخط
منذ ان أقر الدستور اللبناني في شهر أيار 1926، حددت المادة 49 – دستور النصاب الدستوري في انتخاب رئيس الجمهورية  بأكثرية الثلثين، وترجم ذلك عملياً في طريقة انتخاب وتكوين المجلس النيابي، التي كانت على طريقة انتخاب ثلثي أعضاء المجلس النيابي، وتعيين الثلث الأخير بواسطة الحكومة التي كان تشكيلها أولاً وأخيراً يخضع لموافقة ومشيئة سلطات الانتداب الفرنسي، وذلك بهدف الإطباق على الحياة السياسية، ومنعها في لحظة ما من الإفلات من يد الانتداب، وعلى هذا النحو نجد أن عدد أعضاء النواب في العام 1927 كان 46 نائباً يقوم على أساس انتخاب 30 وتعيين 16 نائباً.
في العام 1929 كان عدد أعضاء المجلس 45 على أساس انتخاب 30 وتعيين 15.
1934: كان عدد أعضاء المجلس 25 نائباً على أساس انتخاب 17 وتعيين 8 نواب.
1937: أصبح عدد أعضاء المجلس 62 نائباً على أساس انتخاب 41 وتعيين 21 نائباً.
وفي الانتخابات النيابية في العام 1943 تم إلغاء مبدأ التعيين وتقرر أن يكون عدد أعضاء المجلس النيابي 55 نائباً على أساس المحافظات الخمس منتخبين بالكامل، وفق الدستور الذي أقر في العام 1926.
وهذا المجلس تم في عهده انتزاع الاستقلال وإلغاء المواد الانتدابية من الدستور دون أن يمس المواد السيادية بما فيها المادة 49 التي نصت على انتخاب رئيس الجمهورية، واشترطت أكثرية الثلثين لنصاب الجلسة وانتخاب الرئيس بأغلبية الثلثين في دورة الاقتراع الأولى، وبالأغلبية في دورات الاقتراع التي تلي، أي أن نصاب الجلسة في كل دورات الاقتراع هو الثلثان، وترجم ذلك عملياً في كل جلسات الانتخابات الرئاسية منذ العام 1943 حتى العام 2018 وفق هذا المبدأ على النحو الآتي:
1943: كان عدد أعضاء المجلس النيابي 55 نائباً حضر إلى جلسة انتخاب الرئيس بشارة الخوري 47  نائباً أيده منهم 44 نائباً ووجدت 3 أوراق بيضاء.؟؟؟؟  
1952: كان عدد أعضاء المجلس النيابي 77 نائباً غاب منهم نائب واحد وأيد الرئيس كميل شمعون 74 نائباً ووجدت ورقة باسم حميد فرنجية وورقتان بيضاوان.
1958: كان عدد أعضاء المجلس النيابي 66 نائباً حضر منهم 56 نائباً، فانتخب الرئيس فؤاد شهاب في الدورة الثانية بأكثرية 48 نائباً ووجدت 7 أوراق باسم ريمون اده وورقة بيضاء، بعد أن نال الرئيس شهاب في الدورة الأولى أصوات 43 نائباً وإده 10 أصوات ووجدت 3 أوراق بيضاء.
1964: حضر جلسة الانتخاب كامل عدد أعضاء مجلس النواب الـ99، فانتخب الرئيس شارل حلو في الدورة الأولى بأكثرية 95 نائباً ونال بيار الجميل 4 أصوات.
1970: حضر 99 نائباً وفاز الرئيس سليمان فرنجية في الدورة الثانية بأكثرية 50 نائباً ونال الياس سركيس 49 نائباً.
1976: كان عدد أعضاء مجلس النواب قد أصبح 98 نائباً بوفاة الرئيس صبري حمادة فانتخب الرئيس الياس سركيس في دورة الاقتراع الثانية بأكثرية 66 صوتاً ووجدت 3 أوراق بيضاء، بعد أن نال في الدورة الأولى 63 صوتاً ووجدت 5 أوراق بيضاء، علماً أن 69 نائباً كانوا قد حضروا الجلسة وتغيب 29 نائباً.
1982: كان عدد أعضاء مجلس النواب قد أصبح 92 نائباً بعد وفاة سبعة منهم، فنال بشير الجميل في الدورة الأولى 58 صوتاً ووجدت ورقة باسم النائب ريمون اده و3 أوراق بيضاء، وفاز الجميل في الدورة الثانية بأكثرية 57 صوتاً ووجدت 5 أوراق بيضاء، علماً أنه كان قد حضر هذه الجلسة 62 نائباً.
وبعد اغتيال بشير الجميل عقدت جلسة لانتخاب الرئيس البديل فحضرها 80 نائباً وغاب عنها 12، وانتخب النائب أمين الجميل رئيساً للجمهورية بأغلبية 77 صوتاً ووجدت 3 أوراق بيضاء.
وفي انتخابات الرئاسة في العام 1989 كان عدد أعضاء المجلس النيابي قد أصبح 72 نائباً فحضر الجلسة 58 نائباً، وانتخب النائب رينيه معوض في الدورة الثانية بأكثرية 52 نائباً ووجدت 6 أوراق بيضاء بعد أن نال في الدورة الأولى 35 صوتاً وجورج سعادة 16 صوتاً والياس الهرواي 5 أصوات ووجدت ورقتان بيضاوان.
وبعد اغتيال الرئيس معوض حضر جلسة انتخاب إلياس الهراوي 51 نائباً من أصل الـ72 نائباً، وفاز الرئيس الهراوي في الدورة الثانية بأغلبية 47 نائباً ووجدت 4 أوراق بيضاء، بعد أن نال في الدورة الأولى 46 نائباً ووجدت ورقة باسم النائب ادمون رزق و4 أوراق بيضاء.
وفي هذا الصدد، يذكر أنه جرت محاولة لتعطيل نصاب جلسة انتخاب الرئيس الياس سركيس في العام 1976، من قبل النائب كمال جنبلاط والحركة الوطنية، والرئيس صائب سلام والعميد ريمون اده وغيرهم، وكانت الخطة تقضي بغياب أكثر من ثلث النواب عن الجلسة أي 34 نائباً لكن لم يتغيب عن تلك الجلسة سوى 29 نائباً.
وفي جلسة انتخاب بشير الجميل التي جرت إبان الاجتياح «الإسرائيلي» عام 1982، لم تستطع المعارضة تأمين غياب أكثر من ثلث أعضاء المجلس النيابي أي 31 نائباً، فغاب 30 نائباً فقط، وعقدت الجلسة بعد أن انتظر الرئيس كامل الأسعد أكثر من خمس ساعات لتأمين نصاب الثلثين وهو 62 نائبا.
وفي الموعد الدستوري المحدد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية عام 1988، لم يحضر جلسة الانتخاب في قصر منصور أكثر من 39 نائباً، ومع أن هذا الرقم كان يفوق أكثرية النصف زائداً واحداً، إلا أن رئيس المجلس النيابي حسين الحسيني اعتبر نصاب الجلسة غير مكتمل، مع العلم أن بعض النواب لم يحضر هذه الجلسة لأسباب قاهرة، حيث مورس بحقهم التهديد والاعتقال والمنع بالقوة.. وكان من أبطال منع اكتمال نصاب الثلثين في تلك الفترة، بعض دعاة الانتخاب بأغلبية النصف زائداً واحداً في العام 2008.
7 سوابق رئاسية
ما يدعو إلى الاستغراب هو الحماسة التي يبديها عدد من السياسيين أحياناً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية على قاعدة مخالفة للدستور اللبناني وفق نصاب «نصف زائداً واحداً» فيما يرفضون قاعدة دستورية بتعديل نص دستوري لمرة واحدة من أجل «شخص» أو من أجل انتخاب «موظف»، لكن وقائع انتخابات رؤساء الجمهورية تشير إلى سبع سوابق تم فيها انتخاب أو تعيين موظفين رؤساء للجمهورية أو للحكومة أو وزراء دون أن يتم تعديل الدستور.
السابقة الأولى: حين تم انتخاب ناظر العدلية العام شارل دباس رئيساً للجمهورية في ايار 1926، دون أن يستقيل من عمله في القضاء.
السابقة الثانية: حينما عين الرئيس الاستقلالي الأول بشارة الخوري قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً للحكومة عام 1952، فتم انتخاب النائب كميل شمعون رئيساً للجمهورية وبالطبع دون أن يستقيل أو يتخلى شهاب عن قيادة الجيش.
السابقة الثالثة: تمثلت بانتخاب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية عام 1958 دون أن يتم أي تعديل دستوري.
السابقة الرابعة: تمثلت بترشح حاكم مصرف لبنان الياس سركيس عام 1970 إلى رئاسة الجمهورية دون أي تعديل دستوري، وفاز آنئذ النائب سليمان فرنجية في دورة الاقتراع الثانية بأكثرية 50 صوتاً في مقابل 49 لسركيس.
السابقة الخامسة: تمثلت أيضاً عام 1976 بالرئيس الياس سركيس الذي انتخب رئيساً للجمهورية دون أن يستقيل من حاكمية مصرف لبنان، ودون أن يتم تعديل الدستور.
السابقة السادسة، تعيين الرئيس أمين الجميل عند اللحظة الأخيرة من نهاية ولايته في العام 1988، قائد الجيش العماد ميشال عون رئيساً للحكومة دون أن يتخلى العماد عون عن قيادة الجيش ودون إجراء أي تعديل دستوري.
السابقة السابعة: انتخاب ميشال سليمان رئيساً دون أي تعديل دستوري: 
ورداً على هذه السوابق قد يقول قائل إن اتفاق الطائف قد أجرى تعديلاً على المادة 49 – دستور، بحيث صارت الفقرة الأخيرة من هذه المادة تقول: «كما أنه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الاشخاص المعنويين في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد».
والسؤال الذي يأتي رداً ألم يكن قبل «اتفاق الطائف» مادة تمنع ترشيح موظفي الفئة الأولى؟ 
والجواب هو بالتأكيد أن الدستور قبل الطائف لحظ هذه المسألة بحيث اشترطت المادة 49 – دستور «ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية، ما لم يكن حائزاً على الشروط التي تؤهله للنيابة».
وقد تضمن قانون الانتخاب كيفية انتخاب الموظفين التي جعل لها شرطاً لازماً وهو عدم الإجازة لهم بالانتخاب خلال الستة أشهر التي تلي استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظائفهم وحدد هذه الفئات على النحو الآتي:
1- الموظفون من الفئتين الأولى والثانية.
2- القضاة من جميع الفئات.
3- رؤساء البلديات المعينون في مراكز المحافظات.
4- القائممقامون ورؤساء اللجان البلدية المعينون في مراكز أقضيتهم.
فهل يعتبر قائد الجيش مثلاً، موظفاً عادياً كسائر الموظفين، وهو الذي يقود مؤسسة مؤتمنة على حماية الوطن والشعب، ويسمح لقيادتها وضباطها ورتبائها وعناصرها بالموت والاستشهاد في سبيل هذه المهمة، ولا يسمح لها بأن تتمثل في المؤسسات السياسية التشريعية؟
فكيف نأمن لهؤلاء بأن يموتوا في سبيل الآخرين ولا نأمن لهم بأن يصلوا إلى المراكز العليا في البلاد؟
وأخيراً، ثمة حقيقة لا بد من الإشارة إليها وهي ولو أنه في كل السوابق التي ذكرنا، كان هناك مخالفة دستورية، لكان الكثير من علماء الدستور اللبناني قد تحدثوا بها وفندوها وبعضهم كان ممن شارك في صياغة الدستور عام 1926، كحال الوزير والنائب الراحل والمهندس يوسف سالم الذي كان عضواً في لجنة صياغة الدستور عام 1926 وعمل نائباً ووزيراً منذ العام 1925 حتى تاريخ وفاته وفي مطلع سبعينيات القرن الماضي، وبعضهم كان نائباً وشاهداً على وضع صياغة الدستور مثل الرئيس صبري حمادة الذي ما انقطع عن المجلس النيابي منذ العام 1925 حتى تاريخ وفاته في 21 كانون الثاني 1976، والأمير مجيد أرسلان الذي ظل نائباً منذ العام 1931 حتى تاريخ وفاته في ثمانينيات القرن الماضي، إضافة إلى بعض فقهاء القانون والدستور الذين يشهد لهم المجلس النيابي بصولاتهم وجولاتهم الفقهية والدستورية: كحبيب أبي شهلا، إميل لحود، أنور الخطيب، بهيج تقي الدين، نصري المعلوف، سليم حيدر وغيرهم...
الجدير بالذكر، أن الرئيس اميل لحود حين انتخابه عام 1998 تم تعديل الدستور لمرة واحدة، بما يسمح له بالترشح للرئاسة، لأنه كان ما يزال يمارس دوره كقائد للجيش اللبناني.