بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 أيار 2023 12:00ص نظام سياسي ضعيف واهن يُكابــر وهـــو يمضغ

حجم الخط
كثُرَ الكلام على هامش إنعقاد القِمّة العربية منهم من هلّل ومنهم من كابر ومضغ ووُبِّخَ، ومنهم من حضر طالباً النجدة من ساسة تحكمهم المصالح الخاصة يتنكّرون للمقدسات ويحتالون على المواثيق والأعراف ويُبيدون شعباً بأكمله تحت ستار ضبط الإرهاب. أنطلق من مقالتي هذه من فكرة أنّ ما حصل وما نتج ما هو إلّا خير دليل على حُكّام ضربهم العجــز وأفقدتهم بصيرتهم أحقيّة الدفاع عن الشعوب والمُلفِتْ أنّ بعض المُتكّلمين صال وجال ماضغاً بالإنابة أفعالاً لا تمّتُ إلى الواقع بشيء مفيد . فلا تفاعل مع الشعوب حيث نفتقد إلى كل مقومات التنسيق والتجميع لكل الطاقات لتحقيق مجتمع عربي مشرقي يهدف إلى تطوير مجتمعاتنا وجعلها فاعلة على المسرح السياسي العالمي والإقليمي.
إنّ المتأمِّــل في مجتمعاتنا المشرقية العربية اللبنانية التي تتجه من سيئ إلى أسوأ على كل المستويات السياسية - الأمنية - الاقتصادية - المالية - التربوية يُلاحظ أننا بتنا مجتمعات ضربها البرص الفكري والعقائدي وبات شعبنا منهوك القوى سياسياً - اقتصادياً - مالياً - إجتماعياً - ثقافياً وكأنّ في الأمر إستراتيجية مبطّنة ينفذها من في يدهم سلطة القرار... ألم يُلاحظ السادة الأمراء والرؤساء من حولهم هذه التحولات الفكرية والتجمعات الدولية الذين يفرضون قيام حركة فكرية لمواكبة التطوّر والتماشي معه في كل المجالات؟... من خلال موقعي في الغربة ومن خلال النشاط الذي أقوم به مع الجاليات العربية جميعنا كوّنا فكرة أنّ قادة العالم العربي باتوا من المصنّفين « فاشلين وهم في طريقهم إلى الإنغلاق وكبتِ شعوبهم ومجتمعاتهم»، وهذه الخلاصة ليست من تحليلاتنا بل هي نتاج اجتماعات متواصلة مع الفاعلين على مستوى المجتمعات المتحضرة التي تتحسّر على مجتمعاتنا التي تذوب وتنهار تباعاً ولا تستطيع التملُص من جزارها الذي يحكم بقبضة حديدية معطوفة على نهب خيرات الدول والتصرف بها على المستويات الشخصية وهذه عاهة خطرة إنْ إستمرّتْ.
تاريخياً جرى أول إجتماع في أنشاط في العام 1946 إلى اليوم أي 77 عاماً من القمم العربية ولا متغيّرات على أرض الواقع وكل العناوين حملتْ «لم شمل المنطقة» لغاية اليوم 32 قِمّة للدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وفي ظل ظروف وتحديات بارزة تشهدها الدول العربية وفي كل مرة توصيات تنبثق منها وتبقى حبراً على ورق تؤرشف في المتاحف الوطنية كوثيقة عــلّ باحثٍ ما يقرأها. في الأولويات هناك قضية إسمها «فلسطين» وهي من المفترض أن تكون في صدارة إهتمام العالم العربي وبلاد الانتشار ولكن هذه القضية أجْهِضتْ وتمّت التجارة بها وباتت سلعة على عروش الزعامات منهم من هو مع السلطة الفلسطينية الحالية يقف معها ولكنه لا يُساندها جهاراً، ومنهم من يُقاتل لدفن القضية الفلسطينية بشعارات غير قابلة للتطبيق وإستناداً إلى قمة «أنشاط» التي حصلت في الإسكندرية في أيار 1946 طالبت بوقف الإستيطان اليهودي وتحقيق إستقلال فلسطين وتشكيل حكومة تضمن حقوق جميع سكانها الشرعيين من دون تفريق بين عنصر ومذهب، لأسأل الزعامات العربية أين هو مصير تلك القمّة؟ وهو سؤال مصيري من المفترض الإجابة عليه بالتفصيل قبل أي أمر آخر. إنني متأكد لو طبّقوا تلك المقررات في حينه ولم يبيعوا ويشتروا كما تحصل العادة لما كُنا اليوم نسأل حيث لا جواب طبعاً. إنها المؤامرة العربية - العربية وتفاصيلها تكمن في السياسات القائمة ومن لديه جواباً غير ذلك فليواجهنا ونحن على إستعداد للإعتذار منه على الملء.
لفتني البيان الصادر عن القمة العربية تحت عنوان لبنان «الدعوة لإنتخاب رئيس للبنان وتشكيل الحكومة في أسرع وقت» بداية أيّها الإخوة العرب على من تقرأون مزاميركم؟ هل لاحظتم مدى الجدّية في وفدنا اللبناني؟ بالطبع لفتتنا الملاحظة الشنيعة التي تلقّتها الدبلوماسية اللبنانية حيث كانتْ تمضغ هذا البند ومن كثرة مضغها وجّهتم لها رسالة بلغة دبلوماسية تحمل ملاحظة على الملء بوقف هذا المضغ... ولكن عليكم أن تعلموا أنّ المضغ شائع في لبنان وهو مسيرة مستمرة منذ سنين طويلة فالقوانين تُمضغ والمال العام يُمضغ تحت أنياب الساسة في لبنان ويجتّرون أفعالاً لا يمكن تصورها ومن إعتاد على العيش مضغاً لا يستطيع تغيير عادته وما شاهدتموه لفترة صغيرة لم تتجاوز الدقيقة نحن نراه كل يوم بأم العين... وبعد كل هذا مِنْ مَـنْ طلبتُم الإسراع في إنتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ أَهَــل من عصابة مضغتْ حقوق الشعب اللبناني وبات متسولاً على أرصفة الأمم؟ إن تلك الفقرة كان من المفترض أن تحمل عبارة: «أيُّها الماضغون إستحوا على دمكم وإرحلوا رأفة بالشعب المسكين وأتركوه ليتدبّر أمره...» هذا الأمر لم يحصل لأنّ من يوجه دعوة لمسؤول قتل شعبه تحت ستار «إرجاع سوريا إلى الحضن العربي» هو كالذي كان أمامكم ماضغاً حقوق الشعوب بمن فيها الشعب اللبناني والشعب السوري.
المهم أنْ يُترجم هذا البيان إلى أفعال لا كسابقاته كما كان يحصل سابقاً وإنني كمواطن لبناني مغترب مؤمن بلبنان وطن نهائي لي ولجميع أبنائه ومؤمن بلبنان عضواً في جامعة الدول العربية وملتزماً كل مواثيقها، ومؤمن أيضاً أن لبنان عضو في هيئة الأمم المتحدة وملتزم بكل مواثيقها ومقرراتها ومؤمن بشرعة حقوق الإنسان التي تنص على أحقيّة العيش الكريم وعلى حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وبالتالي أصبحتم مُطالبين كجامعة عربية بما يلي:
1. مساعدة لبنان على تطبيق القرارات الدولية ذات الشأن فيما خص القضية اللبنانية.
2. مساعدة لبنان في منع أي تدخّل خارجي في شؤونه الخاصة وتحديداً لناحية تدخّل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الداخل اللبناني لناحية دعم فصيل لبناني بالمال والعتاد تحت حجة محاربة إسرائيل.
3. على الجميع إن يفهّم أن في لبنان قانون إسمه «قانون الدفاع الوطني» الصادر بموجب المرسوم الإشتراعي رقم 1 تاريخ 26 أيلول 1984 وملحقاته وهذا القانون يحدد مهام الدفاع عن لبنان بموجب قواه الذاتية الشرعية.
4. على الجميع أن يعلموا أنّ السلطات اللبنانية مأجــورة وجميعكم أخبر في هذا الأمر وبالتالي أنتم مطالبين بموجب النظام الداخلي وميثاق جامعة الدول العربية مساعدة الشعب اللبناني على فك أسره من هذه الطبقة، وكل تعاون مع هذه الطبقة هو بمثابة إنتهاك غير مُعلّل للنظام وللميثاق.
أرجو منكم يا زعماء العرب ألّا تُقفلوا أدراجكم إلى دولكم بنفس الحفاوة من الاستقبال وحسن الضيافة وأعتقد أنه سوف لن يتحقق أي شيء من توصياتكم كباقي المقررات السابقة، لقد إعتدنا ألا نستبشر بالخير ففلسطين باتت أداة بيد أنظمة تحرّكها وفقاً لأهوائها واليمن ألعوبة بين أيدي الجزارين، ولبنان منهوك القوى محتل ومؤسساته مرهونة للإيراني والمؤسف أنكم لم تطالبوا بتحرير القرار اللبناني عملياً بل إكتفيتم بالمضغ كما فعل من دعوتموه إلى المشاركة والسلام وبتّم أنتم والنظام اللبناني تنطبق عليكم مقولة: نظام ضعيف يستجدي ويُكابر وهو يمضغ.